معسكر اعتقال.. فلسطينيون: «المدينة الإنسانية» خطة صهيونية لدفع «الغزاويين» إلى الهجرة خارج القطاع
15.07.2025 16:58
اهم اخبار العالم World News
الدستور
معسكر اعتقال.. فلسطينيون: «المدينة الإنسانية» خطة صهيونية لدفع «الغزاويين» إلى الهجرة خارج القطاع
حجم الخط
الدستور

لا تزال التحذيرات تتوالى من مخطط حكومة الاحتلال الإسرائيلى الجديد، لتهجير سكان قطاع غزة بشكل غير مباشر، من خلال إقامة ما يسمى بـ«المدينة الإنسانية» فى رفح جنوب القطاع، حيث أثار المقترح انقسامات حادة داخل المجتمع الإسرائيلى نفسه.

وخلال الساعات الماضية، تصاعد الخلاف بين الحكومة الإسرائيلية والجيش حول تكاليف المشروع وآثاره المحتملة، وسط انتقادات لاذعة من شخصيات سياسية، من بينها رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود أولمرت، الذى حذر من أن المخطط قد يتحول إلى «معسكر اعتقال» فى حال تنفيذه.

«الدستور» تواصلت مع عدد من الخبراء والمواطنين الفلسطينيين فى قطاع غزة، للحديث عن تفاصيل هذا المخطط، باعتباره جزءًا من سلسلة المؤامرات الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطينى.

«العشائر»: نكبة جديدة وتجريد لشعبنا من كرامته وأرضه وحقه فى العودة

قال عاكف المصرى، مفوض الهيئة العليا لشئون العشائر فى قطاع غزة، إن العشائر أعلنت عن رفضها القاطع وإدانتها الشاملة المخطط الذى تروج له سلطات الاحتلال الإسرائيلى تحت مسمى «المدينة الإنسانية» فى القطاع.

وأضاف «المصرى» أن هذا المشروع الذى يُقدم تحت ستار إنسانى خادع، ليس إلا فصلًا جديدًا من فصول النكبة المستمرة، ومحاولة سافرة لشرعنة جريمة التهجير القسرى وتكريس واقع أمنى استعمارى يقضى على أى أمل فى الحرية وتقرير المصير للشعب الفلسطينى.

ورأى أن استخدام مصطلح «إنسانى» لوصف منطقة يُعتزم حشر مئات الآلاف من المدنيين فيها قسرًا على أنقاض بيوتهم ومدنهم وتحت السيطرة الأمنية الكاملة للاحتلال، تلاعب مشين بالمفردات وقلب للحقائق، معتبرًا أن هذه ليست مدينة للحياة، بل هى معسكر اعتقال كبير مصمم لتجريد الفلسطينيين من كرامتهم وأرضهم وحقهم فى العودة.

وأكد أن الأهداف الحقيقية لهذا المخطط الخطير واضحة ولا يمكن التستر عليها، وهى تتمثل فى التهجير القسرى الجماعى، وإجبار الفلسطينيين على النزوح من كل مناطق القطاع وتجميعهم فى منطقة جغرافية محدودة ومعزولة، ما يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولى.

وقال إن الهدف الثانى للاحتلال، خلق «جيتو» معزول وإنشاء منطقة مكتظة سكانيًا، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، وتكون خاضعة للرقابة والتحكم العسكرى المطلق، ما يسهل السيطرة على سكانها وقمعهم.

ووفقًا لـ«المصرى»، فإن الهدف الثالث للاحتلال هو تقويض حل الدولتين، والقضاء عمليًا على أى إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا وذات سيادة، عبر فصل شمال القطاع عن جنوبه وإعادة رسم الخريطة الديموغرافية، بما يخدم المصالح الأمنية للاحتلال بجانب الدفع نحو الهجرة الطوعية، وجعل الحياة فى هذا المعسكر لا تطاق، بهدف دفع السكان إلى اليأس والقبول بخيار الهجرة والرحيل عن وطنهم.

«النضال الشعبى»: وحدة الصف الفلسطينى الضمانة الوحيدة لإفشال المخطط

حذر خالد عبدالمجيد، الأمين العام السابق لجبهة النضال الشعبى الفلسطينى، من خطورة المخطط الإسرائيلى الجديد، الذى يهدف إلى إقامة منطقة مغلقة تمتد من محور فيلادلفيا جنوب قطاع غزة حتى محور موراج، تستوعب نحو ٦٠٠ ألف فلسطينى فيما يشبه «السجن الكبير»، تمهيدًا لمخططات تهجير أوسع.

وأوضح «عبدالمجيد» أن هذه الخطوة تُعد محاولة خطيرة من قبل الاحتلال لفرض واقع جديد تحت مسميات مضللة، مثل «مؤسسة غزة الإنسانية»، فى حين أن الهدف الحقيقى هو تنفيذ خطة ممنهجة لترحيل الفلسطينيين قسرًا من القطاع، فى إطار جريمة متكاملة الأركان بحق الشعب الفلسطينى.

وأشار إلى أن هذا المشروع يأتى، أيضًا، فى سياق محاولات الاحتلال لتعطيل المفاوضات الجارية فى العاصمة القطرية الدوحة بشأن وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى،.

ودعا إلى موقف فلسطينى موحّد، محذرًا من تصريحات بعض قيادات السلطة فى رام الله الداعية إلى نزع سلاح المقاومة، التى يرى فيها «تماهيًا مع مطالب الاحتلال»، مشددًا على أن وحدة الصف الفلسطينى هى الضمانة الأساسية لإفشال هذا المشروع، وغيره من محاولات تقسيم غزة إلى معازل.

المجلس المركزى الفلسطينى: أداة للابتزاز والمناورة بعد فشل الهدنة

حذر وليد العوض، عضو المجلس المركزى الفلسطينى، من خطورة التسمية المتداولة لما يُعرف بـ«مدينة غزة الإنسانية» المقامة فى رفح، مؤكدًا أن هذه التسمية مضللة وهدفها التغطية على مخطط إسرائيلى يرقى إلى مستوى جريمة تهجير جماعى.

وأوضح «العوض» أن هذا المشروع ليس مدينة إنسانية كما يُروّج له، بل «تجمع خيام أقرب إلى معسكر اعتقال جماعى» يضم نحو ٦٠٠ ألف فلسطينى، ويأتى فى سياق خطة إسرائيلية قديمة تهدف إلى تفريغ قطاع غزة عبر سياسة الحرب والدمار.

وأشار إلى أن الاحتلال بدأ هذه الخطة منذ نحو عامين باستخدام القصف المكثف والدموى لتهجير السكان نحو سيناء، وهى الخطة التى رفضتها مصر بشكل قاطع، كما تصدى لها الشعب الفلسطينى بصموده، ما أدى إلى إفشالها فى حينه.

وشدد على أن الاحتلال، رغم فشله السابق، فإنه لا يزال يسعى لفرض ما يُسمى بـ«الهجرة الطوعية» من خلال تدمير مقومات الحياة فى غزة واستمرار حرب الإبادة، مبينًا أن مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى «مصائد موت» فى ظل الدعم الأمريكى المستمر، والصمت العربى المؤسف.

وأشار إلى أن تصاعد الحديث عن هذا المخطط يأتى فى ظل تعثر مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، حيث يُستخدم كأداة للابتزاز والمناورة، داعيًا إلى تغيير المنهج التفاوضى الفلسطينى لمواجهة هذه الضغوط، مشيرًا إلى خلافات داخل المؤسسة الإسرائيلية حول هذا الملف، ما يفتح الباب لفشل إضافى، مختتمًا بقوله: «شعبنا يدرك أهداف هذا المخطط الخبيث وسيواجهه بكل صلابة.. فلسطين وطننا، ولن نرحل عنها».

أيمن الرقب:  خطة تحاكى معسكرات النازية وتحاصر مليون مواطن

وصف الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، ما يُعرف بخطة «مدينة غزة الإنسانية» بأنها محاولة إسرائيلية جديدة لحصر الكتلة السكانية فى غزة ضمن معتقل كبير، فى إطار مشروع تهجيرى خطير يستهدف الشعب الفلسطينى ومقاومته، ويحاكى معسكرات النازية فى القرن الماضى.

وأوضح «الرقب»، لـ«الدستور»، أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، عرض هذه الخطة قبيل توجهه إلى واشنطن خلال جلسة للكابينت، بحضور رئيس هيئة الأركان، هرتسى هاليفى، مشيرًا إلى أنها كانت موضع نقاش داخل الحكومة والجيش، وقد جرى تسريب تفاصيلها إلى الإعلام العبرى.

وتابع: «وفقًا للخطة، فإن المدينة الإنسانية ستُقام فى رفح، على أن تكون مداخلها من محور صلاح الدين باتجاه محور موراج، وستخضع لرقابة أمنية مشددة تسمح فقط بدخول من لا يُصنَّفون كتهديد أمنى من وجهة نظر الاحتلال. وفى داخل هذا المعتقل، سيُحاصر أكثر من مليون فلسطينى، ويُمنعون من مغادرته إلا فى حال الخروج من قطاع غزة بالكامل، ولن يُسمح لهم بالعودة إلى مدنهم الأصلية فى الشمال أو الوسط». وبيّن أن الاحتلال عرض هذه الخطة على الإدارة الأمريكية، وأوضح نتنياهو للأمريكيين أن من يرفض دخول هذه المنطقة سيُعتبر عدوًا وسيتعرض للقتل أو الاعتقال، بدعوى أنه ينتمى لحركة حماس. 

ولفت إلى أن الموقف الأمريكى بدا داعمًا الفكرة، إلا أن الجيش الإسرائيلى أبلغ نتنياهو لاحقًا بعدم قدرة القوات على تنفيذ المشروع الكامل خلال ثلاثة أشهر، مطالبًا بتأجيل التنفيذ أو البدء بنموذج مصغّر للمدينة.

ويرى «الرقب» أن هدف نتنياهو من المشروع هو ترسيخ تهجير قسرى جديد لسكان القطاع، ثم استئناف القتال فى المناطق الأخرى بعد إحكام السيطرة على الجنوب، وأشار إلى أن نتنياهو يسعى من خلال هذا المخطط إلى تقوية ائتلافه السياسى وإطالة عمر حكومته بعد انتهاء عطلة الكنيست، فى ظل احتمالات التوصل إلى تهدئة مؤقتة خلال الفترة المقبلة.

طارق أبوذكرى: مصر منعت أكبر مشروعتهجير لأبناء القطاع

أكد طارق أبوذكرى، من مخيم النصيرات، نزح أولًا إلى رفح ثم عاد إلى المنطقة الوسطى بعد اجتياحها، أن «الإبادة مستمرة فى غزة، ونحن نقاوم الحرب والجوع وقلة الماء والدواء والنزوح، حتى أصبحت حياتنا لا تطاق».

وأضاف «أبوذكرى»: «فى ظل هذه الظروف تطل حكومة الاحتلال برأسها، وتقول يجب بناء مدينة معزولة عن كل العالم، وأطلقوا عليها المدينة الإنسانية، التى يراد منها تجميع كل أهالى قطاع غزة فى مكان واحد لإجبارهم على الهجرة الطوعية». 

وقال إنه منذ بداية هذه الحرب وقفت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى موقف السند لأهل غزة، ومنعت أكبر مشروع تهجير لأبناء القطاع، وما زال الموقف المصرى المتقدم يحمى ظهورنا فى فلسطين. 

واختتم تصريحاته: «نحن كمواطنين نرفض الذهاب إلى هذه المدينة التى ستصبح السجن المنتظر لغزة وأهلها».

عماد عمر: ضغط على «حماس» لدفعها إلى قبول الصفقة المطروحة

قال الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن خطة المدينة الإنسانية تعد دليلًا واضحًا على تمسك الحكومة الإسرائيلية بخيار التهجير القسرى، من خلال نقل السكان لمنطقة محددة وإخضاعهم لفحوصات أمنية تمهيدًا لترحيلهم لدول أخرى.

وأوضح «عمر» أن الوقائع الميدانية تتناقض مع ما يُروج له فى الإعلام الإسرائيلى، خصوصًا فى ظل تصاعد خسائر الجيش الإسرائيلى بفعل عمليات المقاومة، إلى جانب تقارير الجيش نفسه التى تشير إلى أن بناء المدينة سيستغرق بين ستة أشهر وعام كامل، ويتطلب تمويلًا ضخمًا من خزينة الدولة، ما يجعل تنفيذ الخطة أقرب إلى المستحيل فى الظروف الحالية.

وأشار إلى أن هذه المشروعات تأتى فى إطار محاولات حكومة نتنياهو امتصاص غضب اليمين المتطرف، الذى يُبدى سخطه على أداء الحكومة وتعاطيها مع مبادرات التهدئة، خصوصًا المبادرة القطرية، كما أن هذه التصريحات تحمل فى طياتها رسائل ضغط على حركة حماس، فى محاولة لدفعها إلى قبول الصفقة المطروحة، عبر التهديد بخيارات أكثر تطرفًا، كخيار التهجير الجماعى.

وذكر أنه منذ اندلاع الحرب على غزة، طرحت الحكومة الإسرائيلية العديد من الخطط، إلا أنها إما اصطدمت بالثبات الفلسطينى، أو برفض دولى، أو بصعوبات ميدانية حالت دون تنفيذها، مثل خطة «الجنرالات» وسياسة «التجويع والضغط»، واليوم تأتى «المدينة الإنسانية» لتُضاف إلى قائمة المشاريع التى تنتمى إلى عالم الخيال أكثر من انتمائها إلى الواقع.

سامح أبودية: حياتنا عبارة عن «قصف وقتل وجوع»

أكد سامح أبودية، مواطن فلسطينى من قطاع غزة نزح أكثر من ٢٠ مرة منذ بدء الحرب، وحاليًا يستقر بمخيم الشاطئ، أن خطة الاحتلال الجديدة التى تحمل مصطلح «الإنسانية»، خطة فاشلة من قبل أن تبدأ، وهذا باعتراف إسرائيلى رسمى. وأوضح «أبودية» أن تلك الخطة لن تنجح إلا بالقتل واقتحام مناطق تجمع الناس ونقلهم بالقوة، وهذا لن يحدث أبدًا، والأهالى لا يمكن أن يستجيبوا لهذا.

وتابع: «رفح عبارة عن صحراء الآن والحياة فيها مستحيلة. وللعلم هذه الخطة جرى الإعلان عنها ضمن الترويج لصفقة جديدة فى غزة، وكمحاولة ضغط على السكان والمفاوضين حتى يتنازلوا فى التفاوض».

وقال إن العالم كله يرفض الخطة، وعلى رأسه الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن الأوضاع الحالية فى قطاع غزة، سيئة جدًا، تتلخص فى ٤ كلمات «قصف وقتل وجوع وعطش». وأضاف أن المنطقة التى يعيش بها حاليًا «مخيم الشاطئ» مكتظة جدًا بالسكان، وأسعار الطعام مرتفعة للغاية، مشددًا على أن أسواق غزة أصبحت الآن أغلى مكان على وجه الأرض.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.