سائق «حادث الجلالة» في أول ظهور له: القدر اختارني من بين 12 سيارة (حوار)
06.04.2021 11:05
اهم اخبار مصر Egypt News
جريدة الوطن
سائق «حادث الجلالة» في أول ظهور له: القدر اختارني من بين 12 سيارة (حوار)
حجم الخط
جريدة الوطن

 

اسمه فريد، لكنه يعيش حياة يصفها بأنها أقل من عادية، عمره 43 سنة، متزوج ولديه 6 أبناء، لم يشغل باله يوما بما يخبأه له القدر، لكن الآن اصبح مهموم بمستقبله الذي احترق بفعل نيران حادث الجلالة الشهير، الذي راح ضحيته فتاة تدعى إيمان نايل، هكذا قال لنا في أول ظهور له بعد الحادث.

كانت حياة فريد تنحصر داخل كابينة القيادة في عربة النقل الثقيل، وبصحبته التفاصيل التي تعينه على الرحلة، لحافه الذي يحميه من برودة الليل القارصة، وأنواع مختلفة من الطعام، فالرحلة طويلة وشاقة تستغرق أسبوعا على أقل تقدير، يستعين فيها بمنبهات معينة.. أبرزها الشاي والقهوة لتؤنسه في طريقه، وتزيد تركيزه وقدرته على السهر المتواصل، إضافة إلى وريقات قليلة لكنها تطوي في سطورها مستقبله و«أكل عيشه»، أبرزها الرخصة وتحقيق الشخصية.

لكن في اليوم الموعود اختلفت تفاصيل حياة فريد علي السيد، في لحظة اصطدم بسيارة تقودها فتاة تدعى إيمان نايل، على طريق الجلالة، في حادث مروع أسفر عن وفاة الفتاة.

فريد: الضحية اختارتني من بين 12 عربية

يدرك فريد أن حظه في الدنيا قليل، لكنه يستعين على هموم الحياة بنعمة الرضا، وفي اليوم الموعود تحرك كعادة ضمن مسيرة عربات النقل الثقيل، 12 عربة تسير واحدة تلو الأخرى، تحركت جميعها من محافظة الإسماعيلية، متجهة إلى محافظة بني سويف، لتحميل زلط ورملة لتأسيس منشآت سكنية.كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا، وكان كل ما يشغله هو الوصول إلى محافظة بني سويف، ونقل «الحمولة» المطلوبة، هذا هو الهدف الذي يسعى إليه في رحلته ويستحوذ على تفكيره، سعيا وراء «رزق عياله والوفاء باحتياجاتهم»، وكل شيء يسير وفق المعتاد، لكن في لحظة تبدل الحال، لمح سيارة مسرعة، وكأنها طائر ضخم يبحث عن فريسة ينقض عليها، حاول السيطرة على عقله، مال بجسده للأمام عليه يسبق ببصره الوحش القادم من الاتجاه المعاكس، لكن القادم كان سيارة تقودها فتاة يبدوا أنها فشلت في ترويضها، كانت تتحرك بسرعة تفوق قدرة المتابعين على تفادى ما يمكن أن يحدث، كان المشهد أقرب إلى ومضة برق تسيطر على منطقة الجلالة.

صاحب الـ45 عاما: كل شيء تحول لكتلة لهب

توقف «فريد» قليلا وكأنه يحاول السيطرة على تفاصيل المشهد المربك داخل عقله، ثم يواصل استدعاء التفاصيل، يعود مرة آخري إلى موكب سيارات النقل الثقيل، وكأنه يبحث عن مبرر مقنع لما جري، يسترجع المشهد حين كان في طريقه إلى محافظة بني سويف، يتوقف مرة آخري أمام لحظة ظهور سيارة ملاكي تقودها فتاة بسرعة وصفها بالجنونية، وكانت تسير في الاتجاه المعاكس، استطاعت أن تتفادى الاصطدام بالعربة الأولى من الـ12، لكنها اصطدمت في النهاية بـ«فريد».كانت سيارة الفتاة أقرب إلى رصاصة لا يعرف من أطلقها، لكنه يعرف أنها اختارته هو من بين سرب السيارة المرافق له، وبمجرد وقوع الحادث، تفحّمت السيارة التي تقودها الفتاة، واحرقت نيرانها حياة فريد البسيطة التي تتكون من بطانية ومنبهات ومحفظة بها رخصة القيادة وتحقيق الشخصية، وبعض من المال، كتلة من النيران المشتعلة، وكأنها آثرت الاحتراق هربا من حياة الأرق المتواصل والسير في طرق ونيسها الليل.

«فريد» لديه 6 أبناء ويبحث عن عمل بعد الحادث

فريد علي السيد، 45 عاما، من مواليد محافظة الإسماعيلية، لديه 6 أبناء، منهم 3 فتيات، و3 شبان، أصغرهم في المرحلة الابتدائية وأكبرهم في الثانوية الفنية، ورث مهنة الـ«سواقة»، من والده الذي كان يعمل سائقا على عربة نقل.

يقول صاحب الـ45 عاما لـ«الوطن»، إنّه يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 20 سنة، ولم تساعده ظروف الحياة لشراء عربة خاصة به «ياكل عليها عيش»، فقرر العمل سائقا مع مقاول لديه أكثر من عربة يستخدمها في عمله في البناء، والذي أثر الصمت وكأنّ الحادث جاء لينهي علاقته بـ«فريد».

منذ وقوع الحادث لم تكن هناك أي وسيلة تواصل بين فريد ومالك عربة النقل، أو مع أسرة الفتاة: «مفيش حد كلمني من بعد الحادثة»، مؤكدا أنّ عمله توقف بعد وقوع الحادث، ويحاول فريدة حاليا إيجاد فرصة عمل أخرى تناسب مهنته، وتساعده على توفير ما تحتاجه أسرته، إلا أنّه لم يجد، فمهنة قيادة عربات النقل الثقيل ليست سهلة، وقليلا ما يثق مالك عربة في سائق لا تسبق معرفته، بحسب «فريد».

لم تلتهم الواقعة مستلزمات فريد في سفره فقط، بل تسببت في جروح غائرة في جسده، ألزمته البقاء في مستشفى السويس العام لمدة تصل إلى 12 ساعة، مشيرا إلى أنّه بمجرد وقوع الحادث، أبلغ أشقائه الذين فضلوا التحفظ على الخبر وعدم نشره لزوجته وأبنائه.

«سائق النقل»: أتمنى الناس تبطل تنشر ڤيديوهات الحادثة 

لا يفضل فريد انتشار فيديوهات للحادث على مواقع التواصل الاجتماعي: «بلاش حجات زي كده وكفاية اللي حصل»، متمنيا لأسرة الفتاة أن يمنحهم الله الصبر على فقد ابنتهم.

يأمل صاحب الـ45 عاما في الحصول على فرصة عمل، حتى يوفر مستلزمات الحياة اليومية له ولأسرته، قائلا: «من ساعة الحادثة وأنا مش لاقي شغل، بس بقول يمكن ربنا يكرم».

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.