أكتب مقالى مضطرًا.. قناعة منى بأن الساكت عن قول الحق شيطان أخرس.. وأن هدف المقال أولًا وأخيرًا الرقى بالمجتمع القبطى وسلامة نفوس أبنائه.
حضرت قداسا منذ فترة، ووقف أسقف الإيباراشية وسط الكنيسة أثناء سيامته لصف الشمامسة الجدد موجهًا حديثه للشعب الحاضر القداس وقال: "حبايبى، اللى عاوز منكم ياخد البركة و يترسم شماس، يشترى تونية ويجى نرسمه على طول".
مرت هذه الجملة مرور الكرام على الكل إلا أنها تسببت لي في اضطراب شديد، فقد شعرت بخطورتها نظرًا لما تحمله من أضرار لكنيستنا حاضرًا ومستقبلًا.
وسألت نفسي كيف يتجرأ الأسقف الكريم علىَّ التصرف فى طقوس كنيستنا ونفوس أولادها بهذه العشوائية، بدعوة الجميع للسيامة معتبرًا إياها بركة إضافية يحصل عليها الشخص، ناسيًا أو متناسيًا أن البركة ينالها الجميع على حد سواء عند حضور القداس والتناول.
وبقولته هذه ابتعد أبينا الأسقف وأبعد الجميع عن حقيقة وصحيح الأمور بأن الشماسية هى درجة من الدرجات الكهنوتية لخدمة الليتورجية، وإن كان الشماس غير مدرك بما هو قادم عليه وغير مؤهل، فلن يسبب له السيامة إلا كل اضطراب.
أتحدث فى مقالي عن أسقف واحد من آبائنا الأجلاء، إلا أن هذا التصرف يقوم به الكثير من الأساقفة المكرمين.. للأسف، فى مصر والمهجر، وبذلك يتم نشر الجهل فى الصف القبطى وتعميق فكرة نوال البركة بالوقوف فى الصفوف الأولى، متجاهلين حقيقة الأمور ونصوص التقليد، ما يؤدى إلى الإضرار بنفوس الأقباط وخلق المناحرة بينهم للوقوف فى الصفوف الأولى ولعب الأدوار المبروكة؛ فيصبح نشء القبط جاهلا بصحيح الأمور، عليل النفس والتصرف.
وإذا رجعنا لنصوص التقليد الكنسى نجد الكنيسة كعادتها منظمة مدققة، تشترط شروطًا واضحة لسيامة الشمامسة تتضمن السن والمعرفة الكنسية، وحُسن السيرة، والشغف الروحى وعناصر التأهيل لكل رتبة علاوة على التزكية من أعضاء الكنيسة.
الغريب أن الكنيسة تنظم وتأهل القادمين على هذه الدرجات الكهنوتية فى معاهد ديديموس والكليات الإكليريكية المتخصصة، ثم يأتى بعض الأباء الكرام يسيمون الشمامسة بعشوائية ضاربين أمور التدقيق والتأهيل بعرض الحائط، مُرسخين أفكار البركة المغلوطة فى صف النشء القبطى، علاوة على تكديرهم منذ الوهلة الأولى لأنهم غير عارفين لا بالطقوس ولا بالتراتيل أو أى شيء يخص خدمة الشماس.
يليق جدًا بكنيستنا الرجوع للتقليد الكنسى للاعتناء بسيامة الشمامسة، نشرًا للوعى والمعرفة، متجنبين تجييش وتجهيل العامة بالحديث عن بركات الصف الأول، فنضمن بذلك نشئًا قبطيًا سويًا وكنيسة يليق حاضرها بتاريخها العظيم.
وسأتناول فى مقالات لاحقة ما يخص سيامات الكهنوت حسب تدرجها.
مايسترو بيشوى عوض
• مؤلف موسيقى وعضو المؤسسة العالمية للمؤلفين الموسيقيين
• مدرس الموسيقى بمعاهد الكونسرفتوار ومدارس باريس
• قائد للكورالات والاوركسترات
• مهتم بألحان الكنيسة القبطية