عالم محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق: توقيت القمة العربية «حاسم» للخروج بموقف واحد يحافظ على القضية الفلسطينية من الضياع
03.03.2025 10:05
اهم اخبار العالم World News
الدستور
عالم محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق: توقيت القمة العربية «حاسم» للخروج بموقف واحد يحافظ على القضية الفلسطينية من الضياع
حجم الخط
الدستور

قال السفير محمد العرابى، رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق، إن مصر وضعت خطة شاملة، منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، للتعامل مع الوضع فى قطاع غزة، وواجهت بحزم تهجير الفلسطينيين مع التركيز على التصدى لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدًا أهمية القمة العربية، التى تقام اليوم فى القاهرة، فى ظل ضرورة توحيد الصوت العربى لمواجهة التحديات المشتركة، والحفاظ على الأهداف الفلسطينية.

وأوضح «العرابى»، خلال حديثه إلى «الدستور»، أن تراجع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن بعض تصريحاته بشأن تهجير الفلسطينيين لا يعنى أنه تخلص من أفكاره، وأنه مفاوض بارع سيعيد طرح أفكاره مرة أخرى بعد فترة من الوقت، منوهًا بمحاولات رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، التنصل من التزاماته، عبر تمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة، مشددًا على أهمية رؤية مصر لإعادة إعمار القطاع، مع التركيز على البنية التحتية وتوفير التمويل اللازم لها.

كيف ترى انعقاد القمة العربية بالقاهرة اليوم؟ وما المتوقع منها؟

- القمة تأتى فى توقيت حاسم وحرج، إذ يجب على الدول العربية أن يكون لديها صوت واحد يحافظ على الأهداف الفلسطينية ويقاوم الأفكار الغريبة التى تظهر من حين لآخر، سواء كان ذلك من الولايات المتحدة أو من إسرائيل.

وبالتالى، فهذه القمة لها هدف رئيسى، وهو إظهار أن الوطن العربى والدول العربية لديها موقف واحد وصوت واحد تستطيع التعامل به للحفاظ على القضية الفلسطينية.

■ كيف تنظر إلى الرؤية الفلسطينية المقرر أن يطرحها الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن خلال القمة؟

- فى النهاية، السلطة الوطنية هى المسئولة عن مصير الشعب الفلسطينى، وبالتالى ليس هناك مانع من أن نتدارس هذه الرؤية الفلسطينية ونرى مقوماتها. 

ومن المؤكد أن لديهم إحساسًا بالمكان والمشاكل أكثر، ولديهم إحصائيات دقيقة جدًا على مدى خسائر البنية التحتية التى أصابت غزة والضفة الغربية، لذا، أؤكد أن موضوع تقديم السلطة الوطنية الفلسطينية مشروعًا خاصًا بها هو موضوع جيد جدًا، ويمكن أن يتكامل ويندمج مع المشاريع المصرية أو أى مشاريع عربية أخرى.

■ ماذا عن مسألة إدارة قطاع غزة ما بعد الحرب فى ظل المطالبات بعدم وجود حركة «حماس» فى المشهد؟

- وجود «حماس» ضرورة فى المرحلة الحالية، ولا يمكن لأحد أن يتحدث عن التخلص من «حماس» أو نزع سلاحها الآن، لأن وجودها أصبح ضرورة فى فترة إعادة الإعمار وتنظيم قطاع غزة، ويجب أن تكون هناك قوة تستطيع حماية غزة.

وبعد المرحلة الحالية، يمكن أن يكون هناك توافق بين «حماس» والسلطة الوطنية الفلسطينية، ويتم تطوير تواجدها، بحيث تنضم إلى قوات الشرطة الوطنية أو يكون لديها أداء تنظيمى تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية.

■ ما الخطوات التى يجب على الداخل الفلسطينى اتخاذها الآن لتوحيد الموقف الفلسطينى فى مواجهة التحديات الحالية؟

- هذه مسئولية كبيرة وكل الناس يتحدثون عنها، ومصر قامت بدور كبير فى التوفيق بين الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير، والصين أيضًا قامت بجهود فى فترات سابقة، لكن للأسف، هذه الجهود لم تصل إلى نتائج إيجابية، بعد دخولنا فى مرحلة الإعمار الحقيقى لغزة، وبدء ملامح مسار سياسى يعطى أفقًا للشعب الفلسطينى للحصول على دولته.

وأعتقد أنه حان الوقت لأن تكون هناك وحدة للصوت والإرادة الفلسطينية، تحت مظلة منظمة التحرير.

■ كيف ترى التحرك العربى الحالى لدعم القضية الفلسطينية وحمايتها من التصفية؟

- أستطيع أن أقول إن هناك موقفًا عربيًا موحدًا، فالاستراتيجية العربية للنظر للقضية الفلسطينية رجعت مرة أخرى لتكون الاهتمام الأول للدول العربية بعد فترة من التراجع أيام الربيع العربى، أى منذ ٢٠١١ وحتى الآن.

وقد أصبحت القضية الفلسطينية على قمة الأولويات، والقمة العربية ستُعقد من أجلها، لذا، أعتقد أن الدور العربى أصبح أكثر نضجًا وأهمية فى المرحلة الحالية.

■ ماذا عن التحركات المصرية تجاه الأوضاع فى قطاع غزة منذ بداية الأزمة الحالية؟

- نستطيع أن ندعى أنه منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وضعت مصر طريقًا للتعامل مع هذا الموضوع، كانت بدايته باجتماع مجلس الأمن القومى، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث تم وضع ست نقاط ما زالت صالحة حتى الآن للتعامل ومعالجة الموقف الذى بدأ يوم ٧ أكتوبر.

فقد أدركت مصر من البداية أن هناك محاولات جادة لتصفية القضية الفلسطينية، وهذا بحد ذاته كان توقعًا صحيحًا، ثم اتخذت مصر الإجراءات الكاملة لوقف فكرة تصفية القضية الفلسطينية عبر تحركات كثيرة. وعلى سبيل المثال، كانت مصر تقف بالمرصاد أمام أفكار التهجير عندما ظهرت، وحتى وصلنا إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى كان واضحًا أنه يريد تهجير الشعب الفلسطينى ووضعه فى أماكن أخرى للاستيلاء على قطاع غزة.

ونتيجة لهذا، أعتقد أن التحركات المصرية كانت منذ البداية صحيحة وفى مكانها الصحيح، وحتى الآن نستطيع أن ندعى أننا حافظنا على القضية الفلسطينية.

وهناك جهود شعبية رأيناها على سبيل المثال فى القوافل التى تخرج من منظمات المجتمع المدنى فى مصر وتتجه للشعب فى غزة، كما أن هناك أيضًا جهودًا حكومية، لكن جزءًا كبيرًا منها يأتى من إسهام شعبى من الجمعيات الأهلية، لذا فهناك تكاتف وتضامن كبير جدًا من الشعب المصرى مع الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، وهذا واضح فى موضوع المساعدات وحتى فى استضافة الجرحى والأطفال فى المستشفيات، وفيما تقدمه الجمعيات الأهلية أيضًا من هدايا وخدمات، مما يثبت التضامن القوى بين الشعبين المصرى والفلسطينى.

■ هل ترى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يراوغ حاليًا من أجل عدم إتمام المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة؟

- بالتأكيد، فهناك محاولات من جانبه لتمديد فترة المرحلة الأولى، ومن ثم التملص من الالتزامات، وأعتقد أن حركة «حماس» مدركة لذلك، والوسطاء المصريون والقطريون أيضًا يعرفون أنه ستكون هناك مراوغة من جانب نتنياهو.

وحتى الآن، الوساطة المصرية القطرية كانت ناجحة فى الضغط على الإسرائيليين للوفاء بالتزاماتهم.

■ ماذا عما يحدث حاليًا فى الضفة الغربية وتهجير أكثر من ٤٠ ألف مواطن فلسطينى؟

- نفس النموذج الذى تم فى غزة يحاول الإسرائيليون تطبيقه فى الضفة الغربية، فى إطار محاولات تصفية الأداء الفلسطينى وإرغام الشعب الفلسطينى على ترك أراضيه. 

وهذه محاولات مكشوفة ومعروفة أهدافها، وبالتالى يجب أن يتوقف العالم بأسره أمامها ويدينها ويحاول الضغط على إسرائيل لوقف هذه الأعمال. والقضية الفلسطينية قضية معقدة، وفكرة التوصل إلى حلول تصطدم دائمًا بواقع صعب، نتيجة لقرارات مثل ضم الضفة الغربية وتأييد الولايات المتحدة هذه الخطوات، مما يعيد الأمور إلى نقطة الصفر. 

وهذه هى طبيعة القضية الفلسطينية، فهى مليئة بالمفاجآت باستمرار، ومن الصعب وضع تصور محدد لما سيحدث فى الأيام المقبلة.

■ ما رأيك فى تراجع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن بعض تصريحاته بشأن مخطط تهجير الفلسطينيين؟

- ترامب مفاوض بارع، لا يشعر بالهزيمة عندما يرفض مشروعه، لكنه يراوغ ويهدأ لفترة ثم يعيد طرحه مرة أخرى، وهو يتعامل مع الموضوعات السياسية بمنطق الصفقات، وبالتالى يجب أن نكون حذرين فى التعامل معه، فالتراجع عن بعض تصريحاته لا يعنى أنه تخلص من الفكرة، ولكنه قد يهدئ الأمور لفترة ثم يعيد المحاولة.

■ كيف تقيّم العلاقات المصرية الأمريكية فى الوقت الحالى؟

- كان لدينا توقع أن تكون القضية الفلسطينية نقطة خلاف بين مصر والولايات المتحدة قبل تولى ترامب الحكم، وكنا نعلم أن توجهه مختلف عن الطرح المصرى، وبرغم ذلك، تظل مصر ذات قيمة استراتيجية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، ومن مصلحتها أن تظل مصر مستقرة ومتواجدة فى الساحة، خاصة أن الوساطة بين حماس وإسرائيل تقوم بها مصر.

■ ماذا عن رؤيتك لما يتردد حول ملامح الرؤية المصرية بشأن إعادة إعمار غزة؟

- إعادة إعمار غزة ستتم بالتأكيد، ولكن على مراحل، فهناك مرحلة التعافى المبكر، وبعدها مرحلة تخطيط البنية التحتية، والتى تشمل الصرف الصحى والكهرباء والاتصالات وغيرها.

ومشكلة التمويل ستكون بالتأكيد تحديًا كبيرًا، ويجب أن يتكاتف العالم كله فى هذا الموضوع بالإضافة إلى ذلك، هناك موضوع الضمانات بأن ما نبنيه لن يُهدم مرة أخرى، وسيكون الأمر صعبًا.

■ ألا يمكن حشد المجتمع الدولى لدعم جهود إعادة الإعمار ومنع التهجير القسرى؟

- هناك فكرة عقد مؤتمر دولى لهذا الموضوع، وأعتقد أنها فكرة جيدة، وهناك دول أوروبية كثيرة مستعدة، ولكن موضوع الضمانات سيظل عاملًا مؤثرًا، إذ لا يمكن لأى دولة تقديم ضمانات كاملة، كما أن تردد بعض أجهزة التمويل الدولية والأوروبية فى البداية للمساعدة فى التمويل يُعد عائقًا، وهى معادلة صعبة لتحقيق التوازن فى هذه المرحلة.

■ ما الاستراتيجيات التى يمكن اتباعها لتعزيز الدعم الدولى للقضية الفلسطينية؟

- علاقاتنا الثنائية مع كل دولة فى العالم علاقات جيدة، سواء مع الصين أو روسيا أو فرنسا أو إنجلترا، وبالتالى يمكن استغلال هذه العلاقات لإصدار قرارات لصالح القضية الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية ولدت زخمًا دوليًا لنفسها، ومصر تستغل هذا الزخم الدولى لخلق مسار سياسى يعطى الشعب الفلسطينى أفقًا لدولة قادمة.

■ بالانتقال إلى الملف السورى.. كيف ترى الوضع الحالى فى سوريا وتأثيره على المنطقة؟

- سوريا تتبع مسارًا صحيًا إلى حد ما، وستصمد أمام المتغيرات، ولكن الأزمة ستكون بينها وبين إسرائيل، التى يبدو أنها لا تنوى السماح لسوريا بالنمو كدولة عربية قوية بجوارها، وهناك أيضًا تحديات اقتصادية داخلية فى سوريا تحتاج إلى وقت للتعافى، ومؤتمر الحوار الوطنى كان ناجحًا ويسير بشكل جيد.

■ ما دور مصر فى دعم الحلول السياسية للأزمة السورية؟

- لا أرى أن هناك تدخلًا مباشرًا من مصر فى الأوضاع هناك، بل لها دور رقابى فقط، لمراقبة الانتهاكات المحتملة أو استخدام الجماعات الإرهابية للأراضى السورية.

■ هل يمكن للمجتمع الدولى دعم جهود إعادة الإعمار فى سوريا؟

- يمكن أن تبدأ الدول الأوروبية فى رفع بعض العقوبات، مما يساعد سوريا فى إعادة الإعمار، وأعتقد أن تقدم مسار الاستقرار الداخلى والمظهر الديمقراطى سيمثل مفتاحًا للمساعدة.

ما الرسالة التى توجهها للشعب المصرى فى هذه المرحلة المهمة؟

 

- رغم المشاكل والتحديات، يجب أن نصمد ونتوحد كنسيج واحد داخل الدولة المصرية، وندعم قيادتنا فى المسار الذى تتبعه ونلتزم به، فالمواجهة مع بعض الأطراف الدولية قد تكون قائمة، والالتزام بإعادة إعمار غزة يمثل عبئًا اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا علينا، لكننى أثق فى قدرات مصر وإمكاناتها.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.