احتفل البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الأنطاكي، بقداس عيد صعود السيد المسيح إلى السماء، للمؤمنين أعضاء إرسالية النازحين العراقيين السريان الكاثوليك في لبنان ومن رعية مار بهنام وسارة في الفنار، وذلك في كنيسة العائلة المقدسة، سدّ البوشرية – المتن، لبنان.
وشارك في القداس المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للنازحين العراقيين، والأب طارق خيّاط الكاهن المساعد في إرسالية العائلة المقدسة، والراهبات الأفراميات، وجمع غفير من المؤمنين.
وتحدّث البطريرك عن عيد صعود السيد المسيح إلى السماء الذي تحتفل به الكنيسة في اليوم الأربعين بعد قيامته من بين الأموات، منوّهاً بأهمّية الشهادة للرب يسوع وللإنجيل ونقل هذه البشرى السارّة إلى العالم كلّه، ولافتاً إلى أنّه "علينا دائماً أن ننطلق للرسالة بروح واحد وقلب منفتح، وبالتضامن مع بعضنا البعض، وهذا الأمر هو أساسي كي نستطيع القيام برسالتنا وبالبشارة التي أوكلنا الله بنقلها إلى إخوتنا".
وأعرب عن سروره "بالاحتفال بالقداس في هذه الكنيسة، وقد فكَّرْنا منذ زمن أن نأتي ونحتفل بذبيحة القداس معكم في هذه الكنيسة الصغيرة المكرَّسة للعائلة المقدسة. ونذكر أنّه في السبعينيات من القرن العشرين، ابتدأ سيادة المطران مار ربولا أنطوان بيلوني بالاحتفال بالذبيحة الإلهية هنا وفي كنيسة مار بهنام وسارة في الفنار، حين كان كاهناً لهذه الرعية المباركة. وكم كنّا نتمنّى أن تكون كنيستنا هنا أكبر، كي تستقبل أولادنا كلّهم، أكانوا من لبنان أو العراق وسوريا، إذ كان على كنيستنا السريانية أن تستقبل الكثيرين من النازحين الذين أُرغِموا على ترك أرض الآباء والأجداد في بلادنا، أكان في العراق أو في سوريا".
وتناول نصّ "رسالة مار بولس إلى أهل أفسس الذي استمعنا إليه منذ قليل، وأفسس مدينة تقع بالقرب من مدينة إزمير في تركيا، وكانت كنيسة مهمّة جداً في العصور الأولى. فبولس يشدّد على مؤمني كنيسة أفسس أن يحافظوا على وحدة الروح برباط المحبّة والسلام. هذا التعليم نحتاجه اليوم كثيراً، ليس فقط في كنائس العالم، ولكن بشكل خاص في كنيستنا التي تعاني الكثير، لا سيّما في العقدين الأخيرين منذ أكثر من عشرين سنة بسبب الظروف المأساوية التي حلّت بشرقنا".
وأكّد:"نحتاج وحدة الروح، خاصّةً في أيّام المِحَن والصعوبات، ونحن نعرف جيّداً العقلية الحديثة التي تنتشر في العالم باسم الحرّية، وتجعل الشخص يعتقد أنّه المرجع الأخير في كلّ شيء، في الوقت الذي منذ بدء الخليقة يوجد الأهل، أي الأب والأم اللذان يشكّلان العائلة، ويبنيان عائلتهما مع الأولاد. وفي تقاليدنا ندرك أنّ على الأولاد أن يكونوا حقيقةً ثمرةً صالحةً، وأن يقدّروا الأهل ويتآلفوا معهم من دون أيّ إشكال أو اختلافات أو افتراقات وانقسامات".
وأشار إلى أنّ "ما يحدث في العائلة يحدث أيضاً في الكنيسة، لذا نحتاج إلى كهنة غيورين على الإيمان، يقدّمون ذواتهم لخدمة الرعايا والمؤمنين على مثال يسوع الراعي الصالح الذي قال: جئتُ لا لأُخدَم بل لأخدُم، وأبذل نفسي عن الخراف. فعلى الكاهن أن يكون فعلاً ذاك المقدام الذي يعرف أن يكرّس نفسه للكنيسة، ويكون المثال لإخوته وأخواته".
وذكّر غبطته بخدمة الأبوين الشهيدين "ثائر عبدال ووسيم القس بطرس، وصورتهما معلّقة هنا في فناء هذه الكنيسة، وقد استشهدا منذ حوالي 12 سنة خلال مذبحة كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد، وهما يتحدّران مثلكم من سهل نينوى (بغديده)، وكانا مثالاً للكاهن الغيور المضحّي والمتفاني على جميع الأصعدة. وكان لقاؤنا الأخير بهما في مؤتمر الكهنة الذي عقدناه في لبنان في نيسان 2010، حين جمَعْنا أكثر من 120 كاهناً من أبرشياتنا".
وشدّد غبطته إلى أنّ "الكهنة إذاً دُعُوا كي يكونوا على مثال الرب يسوع، يقرّبون ذواتهم بكلّ فرح وبكلّ سخاء وبكلّ شكر الله، لأنّه دعاهم إلى هذه الخدمة الكهنوتية. أمّا المؤمنون الذين هم أغلبية أعضاء الكنيسة، فهم مدعوون أيضاً كي يعيشوا دعوتهم ورسالتهم المسيحية، لأنّهم بالمعمودية أصبحوا كهنة، فعليهم أن يبشّروا بيسوع، ويقدّموا ذواتهم شهادةً للإيمان به مهما عصفت الرياح والزوابع".