تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بذكرى استشهاد القديس فيلبس الرسول، وبهذه المناسبة قال السنكسار الكنسي، إنه في مثل هذا اليوم من سنة 80 ميلادية استشهد القديس فيلبس الرسول أحد الاثنى عشر تلميذا، وذلك أن قرعته قد خرجت إلى أفريقية وأعمالها فذهب إليها وبشر فيها باسم المسيح، ورد أهلها إلى معرفة الله، بعد أن أظهر من الآيات والعجائب الباهرة ما أذهل عقولهم، وبعد أن ثبتهم على الإيمان خرج إلى ايرابوليس.
وأضاف: “ورد أهلها أيضا إلى معرفة الله، إلا إن غير المؤمنين بتلك البلاد قد تشاوروا على قتله بدعوى أنه خالف أمر الملك القاضي بعدم دخول غريب إلى مدينتهم، فوثبوا عليه وقيدوه، أما هو فكان يبتسم في وجوههم قائلا لهم: لماذا تبعدون عنكم الحياة الأبدية، ولا تفكرون في خلاص أنفسكم، أما هم فلم يعبئوا بكلامه وتكالبوا عليه وعذبوه عذابا كثيرا ثم صلبوه منكسا، وأثناء الصلب حدثت زلزلة فارتعب الجميع وفروا، فجاء بعض المؤمنين وأرادوا إنزاله من على الصليب، فطلب إليهم إن يتركوه ليكمل سعيه وينال إكليله، وهكذا أسلم روحه بيد المسيح ونال إكليل المجد الأبدي سنة 80 م ودفن هناك، وفي الجيل السادس المسيحي نقل جسده إلى رومية، وكان الله يظهر من جسد القديس فيلبس الآيات والعجائب العظيمة”.
استشهاد القديستين أدرويس ويؤنا
كما تحتفل الكنيسة أيضا بذكرى استشهاد القديستين ادرويس ويؤنا، وبهذه المناسبة قال السنكسار الكنسي، إنه في مثل هذا اليوم استشهدت القديستان ادروسيس ويوانا. كانت ادروسيس ابنة ادريانوس الملك الوثني، الذي لشدة محبته لها صنع لها مقصورة خاصة بها، تحتجب فيها عن أعين الناس، أما هي فكانت تفكر في زوال الدنيا، وانتهاء الحياة، وتطلب ليلا ونهارا الهداية إلى الطريق الصحيح، فرأت في رؤيا الليل من يقول لها استحضري يوانا العذراء ابنة فيلوسوفرون وهي تعلمك طريق الرب، فلما استيقظت ادروسيس من نومها شعرت بابتهاج في نفسها، وأرسلت إلى يوانا فأسرعت بالحضور إليها، فقابلتها الأميرة وسجدت أمامها وعانقتها.
وشرعت يوانا تقص عليها سبب تجسد ابن الله، مبتدئة من خلقة آدم، وكيفية خروجه من الفردوس، ونزول الطوفان وتجديد الخليقة مرة أخرى، وسبب عبادة الأصنام، وتجلى الله لإبراهيم، وخروج بني إسرائيل من مصر، وظهور الأنبياء ونزول ابن الله وتجسده من العذراء، وخلاصة العالم من يد إبليس، وأوضحت لها ما يناله الصالحون من النعم السمائية في الملكوت الأبدية، فابتهجت نفس الأميرة العذراء كثيرا، وكان كلام يوانا عندها احلي من الشهد، فآمنت بالسيد المسيح، وكانت العذراوان تعبدان ليلا ونهارا بأصوام وصلوات، وفي إحدى الليالي رأتا في حلم السيد المسيح والسيدة العذراء والدته وقد وضع يده علي رأسيهما وباركهما. وفي هذه الأثناء كان والدها الملك قد مضي إلى الحرب، ولما عاد خطبت ابنته للزواج.
وقبل إتمام المراسيم قال لها أبوها: "هلمي يا ابنتي وبخري للإله ابللون قبل زفافك إلى عريسك"، فقالت له: كيف يا أبي تترك اله السماء والأرض وتعبد الأوثان النجسة، فارجع يا أبى إلى الإله الذي خلقك، ذلك الذي حياتك وموتك في يده، فلما سمع هذا الكلام الذي لم يسبق له سماعه منها، سال عن الذي علمها إياه فاخبروه إن يوانا ابنة فيلوسفرون هي التي أفسدت عقلها، فأمر بإحراق الاثنتين، فأخرجوهما إلى خارج المدينة بالحلي والحلل، وكان المماليك والعبيد يبكون، وكان أهل المدينة جميعا يأسفون علي شباب هاتين القديستين ويطلبون منهما إن توافقا الملك على التبخير للأوثان، فلم ينثنيا عن رأيهما.
ولما حفروا الحفرة وأوقدوا النار أمسكت الواحدة بيد الأخرى، وانطرحتا في النار حيث وقفتا في الوسط وأدارتا وجهيهما إلى الشرق وصليتا، وقد أبصرهما جماعة كثيرة، وبعد إن خمدت النار تقدم بعض المؤمنين الحاضرين لأخذ الجسدين فوجدهما ملتصقين ببعضهما، ولم يتغير لباسهما ولا حليهما، فوضعوهما في مكان امين حتى انقضي زمن الاضطهاد ثم بنوا لهما كنيسة عظيمة.