
كشفت مصادر إسرائيلية مطلعة على سير المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار فى قطاع غزة عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، أعطى، صباح اليوم، الضوء الأخضر لمفاوضيه للمضى قدمًا فى خطة جديدة، عرضتها قطر، وتمثل تعديلًا على المبادرة السابقة المعروفة باسم «مخطط ويتكوف».
وحسب ما نقلته شبكة «آى ٢٤» الإسرائيلية، فإن ذلك التطور يأتى فى وقت ساد فيه جو من التفاؤل الحذر داخل إسرائيل بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق نهائى مع حركة حماس بشأن ملف الأسرى، مع ترجيح أن تعلن حماس موقفها من المبادرة القطرية خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة.
وأضافت أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى تبدو فى هذه المرحلة أكثر انفتاحًا على فكرة إجراء مفاوضات بشأن إنهاء الحرب خلال فترة وقف إطلاق النار المقترحة، والتى تمتد لشهرين، رغم أنها لا تلتزم بشكل صريح بذلك، لكنها أبلغت الإدارة الأمريكية باستعدادها، فى ظروف معينة، لمواصلة الحوار بشأن إنهاء العمليات العسكرية.
وأكدت الشبكة العبرية أن كل التحركات الإسرائيلية تشير إلى أن هناك درجة من المرونة من الجانب الإسرائيلى فيما يتعلق بمسألة الانسحاب من قطاع غزة، إذ باتت تل أبيب تدرس إمكانية التراجع التدريجى عن بعض المناطق فى الشمال والجنوب، وفق خرائط يتم التوافق عليها مع الوسطاء، وبمساعدة فرق فنية تعمل على رسم الحدود خلال مفاوضات سريعة، تلى الموافقة على إطار المبادرة.
وأشارت إلى أن الخطة القطرية المعدلة تتضمن بنودًا واضحة وجدولًا زمنيًا مفصلًا لتبادل الأسرى ورفات الجنود، إلى جانب الانسحاب العسكرى والمساعدات الإنسانية.
ووفقًا للشبكة، تنص الخطة على ما يلى: «فى اليوم الأول يتم إطلاق سراح ٨ محتجزين أحياء، وفى اليوم السابع تسلم رفات ٥ جنود إسرائيليين، وفى اليوم الثلاثين تسلم رفات ٥ جنود إسرائيليين آخرين، وفى اليوم الخمسين يتم إطلاق سراح اثنين من المحتجزين، وفى اليوم الستين تسلم رفات ٨ قتلى إضافيين».
كما تتضمن الخطة أيضًا بندًا خاصًا بالمساعدات الإنسانية، وتنص على: «بدء فورى لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة فور إعلان حماس موافقتها على المبادرة، على أن تتم عمليات توزيع المساعدات بالتنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمة الهلال الأحمر، ووفق الكميات المتفق عليها فى اتفاق ٩ يناير الماضى، كما تشمل الصفقة إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية»، رغم أن العدد لم يُحدد بعد.
وحسب الشبكة العبرية، فإن الخطة تتضمن جدولًا للانسحاب الإسرائيلى التدريجى من قطاع غزة، وفق خرائط متفق عليها، و«فى اليوم الأول بعد تحرير المحتجزين الـ٨ تبدأ إسرائيل بالانسحاب من شمال قطاع غزة وفق خرائط متفق عليها، وفى اليوم السابع، بعد تسليم رفات الجنود الخمسة، تبدأ عملية الانسحاب من جنوب القطاع، وستعمل فرق فنية على تحديد خطوط الانسحاب ضمن مفاوضات سريعة لاحقة مباشرة بعد الموافقة على الخطة».
وتابعت: «خلال اليوم الأول من تطبيق الهدنة من المتوقع أن تبدأ مفاوضات بين الأطراف المعنية بشأن الترتيبات المطلوبة لإبرام اتفاق دائم لوقف إطلاق النار. أما فى اليوم التالى فستنطلق مشاورات عبر أربع مسارات رئيسية، لوضع آلية واضحة لاستكمال تبادل بقية المحتجزين والإعلان الرسمى عن وقف دائم لإطلاق النار، ثم وضع ترتيبات أمنية بعيدة المدى تخص قطاع غزة، وأخيرًا التوصل إلى تفاهمات دولية تضمن تنفيذ الاتفاقات وتحظى بضمانات سياسية وأمنية من أطراف إقليمية ودولية».
وحول الموضوع نفسه، أكدت صحيفة «معاريف»، الإسرائيلية، أن هناك حالة من التفاؤل غير المسبوقة فى إسرائيل، حيث تبدو الأجواء هذه المرة أكثر إيجابية من أى وقت مضى.
ونقلت عن مصدرين مشاركين فى المفاوضات، قولهما: «للمرة الأولى هناك تفاؤل حقيقى بأن حماس قد توافق على الصفقة».
كما أكد مسئول إسرائيلى رفيع هذا الشعور بالتفاؤل، مضيفًا أن هناك إشارات قوية إلى احتمال قبول حماس بالمبادرة هذه المرة.
يأتى ذلك الزخم فى المفاوضات بعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى وقت سابق، عن قبول إسرائيل بمبادئ المبادرة المقترحة لوقف إطلاق النار فى غزة.
وأكدت مصادر سياسية إسرائيلية، وفق تقارير مختلفة، أن تقدمًا حقيقيًا قد حدث فى الاتصالات مع حماس، وأن التفاهمات الجارية تتمحور حاليًا حول إطار أوسع من مجرد وقف إطلاق النار، يشمل أيضًا مسارًا سياسيًا للحوار حول إنهاء الحرب، مع الإشارة إلى أن المبادرة الحالية تستند إلى خطة تقدم بها مبعوث الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وتتضمن ليس فقط وقف القتال وإطلاق سراح الأسرى، بل أيضًا آلية سياسية للتوصل إلى حل دائم للصراع فى غزة.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمريكية، نقلًا عن مصادر أمنية إسرائيلية وفلسطينية، إنه بالرغم من أن بنود الصفقة النهائية لم تُحدد بعد، وتتطلب إجراء مزيد من المحادثات قبل التوصل إلى اتفاق والانتقال لاحقًا إلى وقف دائم للحرب، فإن المسودة المطروحة تختلف عن الخطة الأمريكية الأصلية، التى اقتُرحت قبل نحو شهرين.
وأضافت الصحيفة أنه تم تزويد حماس بتعهد أمريكى ملموس بأن تستمر الهدنة إذا ما استمرت المفاوضات الجدية دون انقطاع بعد انقضاء الستين يومًا، وهو ما اعتُبر ضمانًا يمنع إسرائيل من استئناف القتال تلقائيًا.
ونقلت عن مصادر مقربة من حماس قولها إن الحركة ترحب بصيغة الضمانات المضافة، وأنها تدرس المقترح تمهيدًا للإعلان عن موقفها قبل مساء اليوم، رغم أن تفاصيل الضمانات لم تُعلن تصريحيًا.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه لا تزال هناك عناصر خلافية فى الموقف الإسرائيلى، أبرزها ما صرّح به نتنياهو، أمس الأول، منوهة إلى أنه، وفى مقابل ذلك، يبدو أن الدبلوماسية الأمريكية أكثر التزامًا بإنهاء الحرب، انطلاقًا من استراتيجية أوسع تشمل تعزيز «الاتفاقات الإبراهيمية».
ونوهت إلى أن المقترح الجديد يتضمن، أيضًا، بدء حوار ضمن فترة الهدنة، من أجل التفاوض على وقف إطلاق نار مستدام، وانسحابًا تدريجيًا كاملًا لإسرائيل من قطاع غزة، قد يشمل مناطق مثل المحور المعروف «موراج»، دون أن يتضمن كامل القطاع.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه فى حال موافقة حماس على المقترح، فمن المتوقّع أن تغادر وفود إسرائيلية إلى الدوحة أو القاهرة على الفور، لبدء «محادثات تقارب»، يتم خلالها تحديد أسماء المحتجزين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج إسرائيل عنهم، فيما ستبدأ المفاوضات حول هؤلاء المحتجزين، مع توقع أن تشتد الخلافات حول مقترحات لإطلاق متهمين بارزين، مثل القيادى الفلسطينى مروان البرغوثى، ما قد يؤدى إلى تعقيدات جديدة.