
فى شهر يونيو 2018 عقب انتهاء مباراة مصر وروسيا فى كأس العالم، عاد صلاح نجل الفنان الراحل المرسى أبوالعباس الى منزله وأطلق صرخات داخل شقته بمنطقة بولاق الدكرور "مراتي والبنات راحوا".. تجمع اهالى المنطقة ليجدوا جثث الزوجة وابنتيه قتلى بالشقة. فى تلك اللحظة انهار الأب وانهمرت منه دموع التماسيح واختلق واقعة دخول حرامى الي الشقة وقتل اسرته وسرقة مبلغ مالي.. حاول الاب ابعاد الشبهة عنه بأنه كان يشاهد المباراة مع بعض اصدقائه وانتهت الجريمة بإصدار محكمة جنايات القاهرة حكما عليه بالإعدام .
قصة حب من 15 سنة
تفاصيل الجريمة يرويها الأب المتهم نجل الفنان المرسى ابو العباس فى محاضر التحقيقات .. 15 عاما من الحب بدأت في جامعة القاهرة وانتهت بمذبحة بشعة في العقار رقم 10 بمنطقة بولاق الدكرور، تفاصيل مثيرة كشفتها التحريات والتحقيقات والاعترافات عن واقعة قتل صلاح نجل الفنان المرسي ابو العباس لزوجته وابنتيه خنقا.
كلية الاثار بجامعة القاهرة كانت الشاهد الاول علي قصة حب صلاح وهبة، فمنذ خمسة عشر عاما وحين كان المتهم في الفرقة الثالثة نالت الطالبة هبة التي كانت بالفرقة الاولى اعجابه، وظلت نظرات الاعجاب بينهما الي ان وقع اللقاء الاول، الذي صارح فيه المتهم القتيلة بإعجابه بها.
تقدم صلاح الي اسرة القتيلة ثلاث مرات وتم رفضه، الا ان تمسكه بها جعله يستمر، حتي وافقت الاسرة في النهاية، وقام المتهم حينها بشراء شقة في عقار حديث الانشاء مملوك لشقيق وزير القوي العاملة السابق، في شارع متفرع من شارع الملكة المتفرع من شارع العشرين.
وبعد سنوات أنجبا الابنة الاولى جنة الله، ومن ثم الثانية حبيبة، وطبقا لما جاء في تحريات المباحث ان الابنة الكبري حصلت علي المركز السادس علي مدرستها، والصغري كذلك.
أهل المجنى عليها
وكشفت اقوال اهل القتيلة مفاجأة حول خلافات بين صلاح وهبة منذ ثلاث سنوات، حين طلب منها الانفصال والزواج من احدي زميلاته القديمة في الجامعة، وحينها اعترضت هبة واكدت انها لا ترفض الزواج ولكن ترفض الانفصال قائلة "سيبني أربي البنات من غير طلاق".
وبعد تلك المشكلة تعرض المتهم لخسارة مالية في البورصة قدرها 350 الف جنيه، وتراكمت عليه ديونه ولم يستطع تنفيذ مراده بالزواج من اخري، وتعرض للاكتئاب كما اكد في اقواله في المباحث ودخل في رحلة علاج للتعافي من الحالة النفسية.
محاولة الانتحار
وقبل أشهر من الواقعة، فكر الزوج في الانتحار، وأكد في اقواله ان ذلك نتيجة لتراكم الديون، وقرر الرجوع في اللحظة الاخيرة بسبب مستقبل زوجته وبناته وخوفا عليهن، وبدأ التفكير في الخلاص من اسرته اولا ثم الانتحار فخطط لقتلهن.
اختلق الزوج واقعة سرقة مبلغ مالي من شقته لإبعاد الشك عنه، وقام بقتلهن واختلق انتحارهن او مقتلهن بسبب السرقة، علي ان يقوم بالانتحار بعد فترة ويكون السبب حزنه علي اسرته، لكن التحريات والتحقيقات غيرت سير خطته، وتم ضبطه.
قتل زوجته أثناء الصلاة
واعترف القاتل صلاح بجريمته تفصيليا، بأنه يوم الجريمة استغل نوم ابنتيه ودخل غرفة النوم اثناء اداء زوجته صلاة العصر وقام بخنقها بإيشارب اثناء سجودها علي سجادة الصلاة، واخذت تقاومه حتي سقطت جثة بجوار سرير غرفة النوم.
وأكمل صلاح في اعترافاته، أنه عقب ذلك توجه الي غرفة نوم "حبيبة" وكتم انفاسها حتي لفظت انفاسها واصبحت جثة هامدة، ومن ثم دخل الي ابنته "جنة الله" وخنقها بسلك التليفون، وخرج الي الصالة يفكر في اختلاق وقائع السرقة والقتل.
مباراة مصر وروسيا
وخرج صلاح ليشاهد مباراة مصر وروسيا وعقب انتهاء المباراة عاد الي الشقة وأطلق صرخاته "مراتي والبنات راحوا" واختلق واقعة دخول سارق الي الشقة وقتلهن وسرقة المبلغ المالي.
120 ساعة تحريات
وعلي مدار 120 ساعة كثفت الاجهزة الامنية تحرياتها لكشف لغز الجريمة، وواصلت اجهزة البحث الجنائي بمديرية أمن الجيزة، برئاسة اللواء إبراهيم الديب مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة، عمليات البحث عن المتهم بقتل الضحايا، إلي ان عثرت علي الخيط الاول أثناء مناقشة "رب الاسرة" عن طريق وجود خدوش في ذراعه.
وخلال مناظرة النيابة لجثة الزوجة القتيلة، تبين وجود اصابات بجسدها، وكدمة بالعين واثار خدوش بالصدر والرقبة مما رجح مقاومتها للجاني فكلفت النيابة حينها الطبيب الشرعي بأخذ عينة من اسفل اظافرها لبيان مدى وجود اية بقايا جلود من عدمه.
وأحالت النيابة الزوج إلي مصلحة الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه بشأن بعض السحجات والخدوش التي عثر عليها بجسده ومطابقتها بالعينات المأخوذة من أـظافر الزوجة.
وبدأت التحقيقات مع الأب "صلاح المرسي" بمعرفة نيابة حوادث جنوب الجيزة الكلية، بإشراف المستشار حاتم فاضل المحامي العام الأول، علي مدار 15 ساعة، لمواجهته بما نسب اليه وكيفية تنفيذ الجريمة واسباب قتله لزوجته وابنتيه.
وواجهت النيابة برئاسة المستشار محمد خالد، رئيس نيابة حوادث جنوب الجيزة، ومحمد عمر، وكيل النيابة المتهم بالأدلة التي توصلت لها الأجهزة الأمنية بالجيزة بارتكابه الجريمة، ومن ثم أمرت بحبس المتهم، 4 أيام علي ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد.
شهود عيان على الحادث
وفي موقع الجريمة بمنطقة بولاق الدكرور، وبالتحديد داخل شارع مسجد الصحابة، ومحل الجريمة المنزل المكون من 8 طوابق بمنتصف الشارع، والمملوك لخالد أبو عيطة شقيق كمال أبو عيطة وزير القوي العاملة، كان الجميع هنا في حالة ذهول بعد الجريمة البشعة، والاب مثل "قاتل القتيل وماشي في جنازته".
وأمام مسرح المذبحة تمركزت قيادات قطاع أمن الجيزة وضباط مباحث قسم بولاق الدكرور، بفريق بحث ترأسه اللواء محمد عبدالتواب مدير المباحث الجنائية، والعميد عبدالوهاب شعراوي رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، والعميد طارق حمزة مفتش مباحث القطاع، والمقدم محمد الجوهري رئيس مباحث بولاق الدكرور، ومعاوني المباحث الرواد ايمن سكوري وطارق مدحت وأحمد الابيض واحمد مندور، طوال 5 أيام لاستكمال عمل فرق البحث لكشف ملابسات الجريمة وفك لغز القتل والوصول إلى هوية القاتل.
وقال أحمد خالد نجل مالك العقار، إن أهالي المنطقة اكتشفوا الجريمة في الواحدة والنصف من صباح يوم الأربعاء عقب انتهاء مباراة مصر وروسيا في كأس العالم، حين خرج هو وشقيقه لشراء بعض المستلزمات وعند عودتهما وأثناء تواجدهما بشقتهما بالطابق الأول، استمعا لأصوات أقدام على سلم العقار فهرعا إلي الخارج لاستطلاع الامر، فقابلهما أحد الجيران قائلا: "الست هبة اتقتلت هي وبناتها".
وأشار أحمد إلى أن الشقة مكونة من غرفتين وصالة كبيرة، وقام بالدخول إلى الشقة برفقة وحدة الإسعاف لرفع الجثث الثلاث، حيث شاهد مكتبة تحوي كتبا بمدخل الشقة مقلوبة بالكامل على الأرض وعلى يمين الشقة غرفة بها سرير كانت ترقد عليه "جنة الله" ووجهها في حالة انتفاخ ويتشح باللون الأزرق، وبداخل غرفة النوم الأخري كانت الأم ملقاة على الأرض وتحت قدمها "حبيبة" وجسداهما يتشحان باللون الازرق.
"لا اله الا الله مراتي وبناتي ماتوا"، بهذه الكلمات وصف أحمد مشهد الزوج الحزين الذي وقف بمنتصف الشقة في حالة انهيار مرددا "مراتي ماتت والبنات راحت"، وكان هناك عدد من أقاربه بداخل الشقة، فقام والده بإبلاغ الشرطة، وبعد فترة حضرت دوريات الشرطة وتم إغلاق مسرح الجريمة واستجواب الزوج والجيران وعامل الجراج المواجه للعقار وصاحب محل دي جي وإحدى جارات المجني عليها بالعقار.
وأضاف أحمد، بعد فترة وجيزة حضر أعضاء النيابة العامة والأدلة الجنائية إلى مسرح الجريمة، وتم إجراء معاينة لباب الشقة والمنافذ، ورفع بصمات من المكان بالكامل، الأمر الذي استغرق قرابة 5 ساعات من الثانية صباح الاربعاء حتى نقل الجثامين في السابعة صباحا إلى المشرحة.
قال محمود أحمد مالك أحد المحال التجارية بالشارع، إن فرق البحث الأمنية قامت بتفريغ كافة كاميرات المراقبة والتي توجد أعلي المحال التجارية، واتضح ان مدخل العقار محل مسرح الجريمة لا يرصده سوي كاميرا مراقبة أعلي سوبر ماركت على مدخل الشارع.
وفجر محمود مفاجأة، حين أكد أن قوات الأمن اشتبهت في سيدتين منتقبتين دخلتا إلي العقار وتم الاشتباه بهما إلا انه اتضح أنهما حضرتا لزيارة احدى السيدات من السكان الجدد بالعقار.
وقالت أم يوسف إحدى جيران المجني عليهن بالعقار، إن المجني عليها كانت فائقة الاحترام وكانت تربطها بها علاقة جيدة واعتادت المجني عليها اعطاءها مبالغ مالية لإرسالها لمستشفي 57357، ويوم الجريمة عادت من منزل أسرتها في السادسة مساء ولم تستمتع لأصوات غريبة او استغاثات من داخل شقة جارتها القتيلة أثناء صعودها.