ألقى نيافة الأنبا فيلوباتير، أسقف أبو قرقاص، محاضرة تناول فيها أهمية حياة الخلوة والامتلاء الداخلي للكهنة، مع التشديد على أن العمل الروحي ينبع من الداخل وليس من المظاهر الخارجية التي يراها الناس.
جاء ذلك خلال اليوم الثاني من مؤتمر لجنة الكهنة والرعاة المنعقد بمركز لوجوس في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون.
افتتح نيافته حديثه بالتأكيد على أن الصلوات يجب أن تنبع من القلب وألا تكون مجرد ممارسات خارجية، مشيرًا إلى أقوال القديسين بأن كل جهد روحي لا يكون مدعومًا بعمل داخلي يتوافق مع إرادة الله يمضي هباءً.
وأوضح أن هناك خطرًا يهدد الحياة الروحية وهو الانشغال بالأنشطة الخارجية، حيث يمكن للممارسات التعبدية أن تصبح مجرد إجراءات ظاهرية ما لم تكن مرتبطة بعلاقة داخلية حقيقية مع الله.
وأشار إلى أن ما يميز حياة التلمذة المسيحية هو الامتلاء الحقيقي من الله، موضحًا ذلك بمثال عن معجزة إشباع الجموع حيث فاضت البركة بعد تحقيق الملء. كما أكد أن الحياة الروحية الناجحة لا تتحقق إلا من خلال الخلوة مع الله، حيث تكون الخلوة الشخصية اليومية ضرورية لكل كاهن أو خادم ليختبر هذا الامتلاء الذي يجلب الثمار.
وفي سياق حديثه عن الخلوة، قدّم نيافة الأنبا فيلوباتير مثالًا توضيحيًا عن شخص فقد ساعته الثمينة في ورشته المليئة بالأدوات، ولم يتمكن من العثور عليها إلا بعد إيقاف جميع الماكينات والإنصات في هدوء، مشيرًا بذلك إلى أهمية الهدوء والخلوة لسماع صوت الله بوضوح، مضيفا أن المسيح نفسه كان يعطي قدوة في حياة الاختلاء، حيث كان يذهب إلى أماكن خالية ليصلّي، وكان يصطحب تلاميذه إلى مواضع خلوة للتأمل.
كما تناول نيافته مفهوم “الرجوع إلى النفس”، مستشهدًا بمثل الابن الضال الذي عاد إلى نفسه بعد أن اختلى بعيدًا عن زحمة الحياة وضياع الأموال. شدد الأنبا فيلوباتير على أهمية مراجعة النفس والتأمل الذاتي للكهنة، مشيرًا إلى أن هذه اللحظات تعتبر نقطة انطلاق للتجديد الروحي.
اختتم نيافته حديثه بتوجيه دعوة للكهنة للاستفادة من خلواتهم اليومية، مشيرًا إلى أن الامتلاء الروحي هو الذي ينعكس في حياة الخدمة والمجتمع. فالخادم الذي يمتلىء بروح الله ويختبر حضور الله الشخصي، يستطيع أن يجلب ثمارًا عظيمة في حياته وخدمته.