الدكتور عاطف نجيب يلقى الضوء على “أهم كنائس النوبة” بمركز بى لمباس
06.06.2023 11:25
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
وطنى
الدكتور عاطف نجيب يلقى الضوء على “أهم كنائس النوبة” بمركز بى لمباس
حجم الخط
وطنى

برئاسة وحضور صاحب النيافة الأنبا مارتيروس، أسقف شرق السكة الحديد وتوابعها ورئيس مركز “بي لمباس”، استضاف المركز الاستاذ الدكتور عاطف نجيب حنا مدير المتحف القبطى سابقا وأستاذ القبطيات بجامعة القاهرة

والذي ألقى المحاضرة الشهرية لشهر يونيو 2023 بمركز “بي لمباس” تحت عنوان “أهم كنائس النوبة”

بحضور العديد من الباحثين والدكاترة والمهتمين بالتراث والفنون والآثار القبطية والعديد من الخدام والخادمات

بدأ اللقاء بصلاة افتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس، ثم رحب نيافته بالحضور الكريم وقام المهندس أشرف موريس منسق اللقاءات بالمركز بالتنويه عن المحاضرة، وتقديم الاستاذ الدكتور عاطف نجيب، والذي عرف في بداية كلمته النوبة المسيحية.

بانه ربما يكون الاسم مشتقا من كلمة- نوب – أو نوبو- المصرية القديمة والتي تعني الذهب.

كما أُطلق على بلاد النوبة أسماء أخرى، فسماها الإغريق بـ أثيوبيا وتعني (ذوي الوجوه المحروقة) وقد أطلق في الغالب الفراعنة هذا الاسم، وذلك لأن النوبت (أو سكان هذه المنطقة) كانوا سمر البشرة، كما عرفت بالواوات وتاسيتي (تعني أرض السهام) ومن الأسماء الأخرى (دودي- كاتنيوس- وبلاد مازوى- وارتيت).

واضاف الدكتور عاطف نجيب تقع بلاد النوبة فيما بين الجندل الأول عند خزان اسوان و حتى ملتقى النيلين الأبيض والأزرق، عند الخرطوم، في الجنوب، إلى كردفان، بجبال النوبة، وأما الهجرات الحديثة في الشمال، إلى وادي حلفا وقرى بجنوب أسوان).

وسنقوم هنا بتقسيم الزمن لمرحلتين زمنيتين وهم (قبل وبعد بناء السد العالي)، وذلك لأن جغرافية المنطقة قد تغيرت وتحولت تماماً عند هذه النقطة الفاصلة والحاسمة في حياة أهل النوبة

قبل بناء السد العالي:

في هذه الحقبة من الزمن، وبالطبع وما قبلها، قُسمت النوبة جغرافياً كالتالي، وهو الثابت تاريخياً، أن كلمة نوبة أو نوبت كانت تُطلق على سكان القرى الواقعة من الشلال الأول قرب أسوان إلى ملتقى النيلين في السودان حتى كردفان، ويمكن تقسيم النوبة إلى ثلاث مناطق:

(1) النوبة العليا من جبال النوبة إلى ملتقى النيلين وحتى دنقلا، (الشلال الرابع(

(2)النوبة الوسطى من دنقلا إلى حلفا (الشلال الرابع إلى الثاني

(3) النوبة السفلى من الشلال الثاني إلى الأول (أي من وادي حلفا إلى جنوب أسوان)

واوضح الدكتور عاطف نجيب ان النوبة قد مرت بمراحل عديدة منذ قيامها في فجر التاريخ وحتى مراحل السقوط، وكما يقول الدكتور عبد الرازق عبد المجيد أستاذ التاريخ بعد موقعة التل الكبير عام 1882، أحتل الإنجليز مصر، ثم السودان باعتباره تابعا لمصر.

وتلى ذلك قيام الثورة المهدية في السودان بقيادة المجاهد محمد أحمد المهدي، والتي نجحت في طرد الإنجليز من السودان.

ثم اتجهت شمالا لاستكمال تطهير بقية وادي أرض النيل من الاحتلال الأجنبي، ولكنها هُزمت في موقعة توشكي غرب الواقعة على مسافة حوالي 250 ميلا من أسوان جنوبا، وذلك في 3/8/1889م فاسترد الإنجليز السودان، وفي عام 1899 عمل الإنجليز على فصل السودان عن مصر، بوضع حدوداً جديدة بينها عند خط عرض 22شمالا، والذي يمر على مسافة حوالي 330 ميلا جنوبا من أسوان، بين قريتي أدندان على الضفة الغربية، ليشطر بذلك قرى النوبة إلى شطرين، فوقعت قرية أدندان على الحدود الجنوبية لمصر، بينما وقعت فرس على الحدود الشمالية للسودان. ومنذ ذلك الحين نسبت كل شطر منها إلى الدولة التي تتبعها. ونشأ بذلك لفظي قرى النوبة المصرية وقرى النوبة السودانية.

بعد اضمحلال مملكة نباتا، قامت على أنقاضها مملكة نوبية أخرى عُرفت بمملكة مروي، التي عُرفت باسم عاصمتها مدينة مروي إلي الجنوب قليلا من مدينة نباتا، أي بالقرب من الشلال الرابع، وذلك في حوالي عام 350 ق.م والتي ظلت تؤدي دورها الحضاري بالنوبة ما يقرب من سبعمائة عام أو يزيد قليلا (350-356( وقد اضمحلت مملكة مروي هذه بعد أن بدأت المسيحية تنتشر في النوبة، حيث هاجمها ملك أكسوم الحبشي، وهزمها وألقى بتماثيلها الوثنية في نهر النيل، وقطع بذلك دابر الوثنية في بلاد النوبة في عام 356م

ممالك النوبة المسيحية

بسقوط مملكة مروي الوثنية وانتشار المسيحية في وادي النيل، قامت بالنوبة ثلاث ممالك مسيحية، هي مملكة نوباديا, مملكة مقرة, مملكة علوة مملكة نوباديا:

قامت هذه المملكة قديماً بين الشلالين على النيل الأول والثاني، واتخذت عاصمتها نجراش، وهي فرس الحالية التي تقع على مسافة 320 ميلا تقريبا من أسوان جنوبا على ضفة النيل الغربية، والتي تعد أول قرية نوبية سودانية من الشمال حاليا،وإن بادلتها أحيانا قريتي كلابشة وابريم في الأهمية.

وهذه المملكة لم تدم طويلا لاتحادها مع مملكة مقرة التي تليها من الجنوب

 

مملكة مقرة أو ماقرة المسيحية

وهي المملكة النوبية الثانية من جهة الشمال، وتبدأ بنهاية حدود مملكة نوباديا، وتمتد حتى بلدة أبو أحمد، التي كانت آنذاك تعرف بالأبواب، وعاصمتها مدينة دنقلة الحالية، وقد كانت لهذه المملكة شأنا عظيما في العصور الوسطى، وخاصة بعد اتحادها مع مملكة نوباديا المذكورة قبيل ظهور الإسلام، وعُرفت المملكة المتحدة باسم مملكة النوبة، وظلت عاصمتها مدينة دنقلة. وهي التي شهدت ظهور الإسلام منذ نهاية القرن السادس ومطلع القرن السابع الميلاديين، وواجهت الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام على حساب الدول المسيحية المجاورة، من أهمها مصر الرومانية.

ومن هذا المنطلق وقفت موقفا متشددا حين حاول المسلمون فتح بلاد النوبة في عام 20 م /640م بعد أن تم لهم فتح مصر. وقد استمرت المحاولة عشر سنوات (20م/640م-31م -651م) ذاق خلالها الطرفان معارك ضارية لم يشهدها المسلمون من قبل.

حيث واجهوا مهارة النوبيين في رمي القوس والنبل، حتى فقد معظم محاربي المسلمين حدقات أعينهم في تلك المعارك، ولذلك أطلقوا على النوبيين اسم رماة الحدق. وقد شهد أحد قادة المسلمين ممن اشتركوا في تلك المعارك الضارية فقال:

(شهدت النوبة مرتين في ولاية عمر بن الخطاب، فلم أر قوما أحد في الحرب منهم، لقد رأيت أحداً يقول للمسلم أين تحب أن أضع سهمي منك، فربما عبث الفتى منا فقال في مكان كذا فلا يخطئه. فكانوا يكثرون الرمي بالنبل فما يكاد يرمي من نبلهم في الأرض شيئاً، فخرجوا إلينا ذات يوم، فصادفونا ونحن نريد أن نجعلها حملة واحدة بالسيوف. فما قدرنا على معالجتهم، رمونا حتى ذهبت الأعين فعدت مائة وخمسين عيناً مفقودة، فقلنا ما لهؤلاء خير من الصلح، إن سلبهم لقليل، وإن نكايتهم لشديدة. فلم يصالحهم عمرو. ولم يزل يكالبهم حتى نزع، وولى عبد الله بن سعد بن أبي صرح فصالحهم

معاهدة البقط، أو النبط، ويقال إنه اسم محرف من النبت نسبة الى نباتا: كان من نتيجة عجز المسلمين عن فتح بلاد النوبة، أن عقدت بين الطرفين معاهدة، عُرفت بمعاهدة البقط، تجلت فيها المساواة بين الجانبين، ولذا تعتبر هذه المعاهدة بمثابة معاهدة اقتصادية أكثر منها عسكرية، فهي لم تكن بين غالب ومغلوب، فقد نصت على أن تورد النوبة بموجبها 360 رأساً من الرقيق سنويا للمسلمين، مقابل ذلك يورد المسلمون للنوبة بعض المحاصيل من المنتجات المصرية، مثل القمح والشعير والزيت والأقمشة وخلافه.

مملكة علوة النوبة المسيحية:

وهي المملكة النوبية الثالثة. تبدأ حدودها بنهاية حدود مملكة مقرة النوبة المذكورة من الجنوب، وتمتد حتى أعالي النيل، وعاصمتها سوبا، إلى الجنوب قليلا من مدينة الخرطوم الحالية، وبالرغم من أن هذه المدينة قد ذكر اسمها في معاهدة البقط المذكورة، إلا إنها لم تكن لها علاقة مباشرة مع العرب المسلمين، الذين طرقوا أرض مملكة مقرة. ويرجع ذلك إلى بُعدها وأن ورد قليل من أخبارها في العصر الفاطمي في مصر. بدأت النوبة تتحول إلى الإسلام من الناحية الرسمية، وتعاقب على عرشها ملوك مسلمون من بني الكنز، حتى كان العصر العثماني في مصر منذ عام 1517م.

بعد بناء السد العالي :

وهنا ولأول مرة تم تقسم النوبيون لنوعين حسب التصنيفات الحكومية لكل من حكومتي مصر والسودان (نوبي مصري ونوبي سوداني) في أول تفرقة حقيقية للنوبيين حيث توجه كل النوبيون السودانيون إلى السودان والمصريين إلى مصر وهذا ان دل على شيء فهو يدل على أن المجتمع النوبي كان متوحدا تماماً مصري وسوداني وتوالت التفرقات بعد ذلك وهنا انقسمت النوبة إلى ألف منطقة موزعة في مصر والسودان حيث تم توطين النوبيين السودانيين فى مناطق (وادي حلفا الجديدة وفى حشم القربة) وتم توطين النوبيين المصريين فى (كوم امبو وأسنا) وأصبح من الصعب تحديد مناطقهم بدقة ويمكن أن نقول بشكل عام أن العنصر النوبي المعروف اليوم الذي يقطن بين (دنقلا و أسوان).

وعن نشآة الكنائس في النوبة اكد الدكتور عاطف نجيب

على ان المسيحية كانت سريعة النمو عظيمة الازدهار في النوبة منذ الكرازة بها علي يد البشير جوليان والانبا ثيودور اسقف فيلة ثم الاسقف لونجينوس ، حتي أنها اصبحت الدين الرسمي لممالك النوبة في نهاية القرن السادس الميلادي.

ومن هذا التاريخ بدأت الكنائس في الظهور والازهار في المنطقة. إذ أنه علي الرغم من وجود بعض ملامح العمل الكرازى المبكر علي يد النساك في أوقات متفاوتة، أو هجرة بعض الأقباط الي النوبة فرارآ من الاضطهاد المذهبي، إلا أنه لم يكن هناك مايستدل معه علي وجود مجتمعات كبيرة تحتاج إلي أبنية كنسية، ربما يستثئ من ذلك كنيسة القرن الخامس والتي وجدت في “فرس” تحت قصر الحكام النوباديين.

ولان الكرازة المسيحية في بلاد النوبة كانت قادمة عن طريق مصر ، فضلا عن خضوعها لرعاية البطريرك الاسكندري، فقد تحددت معالم الكنيسة النوبية علي نمط مثيلتها في مصر، واعتبر الطراز البازيليكي كأساس معمارى للكنائس مع بعض الملامح الخاصة التي ميزت الكنيسة القبطية مثل الغرف الجانبية والتي انتشرت في مصر منذ القرن الخامس الميلادي، كما عادت فكرة الاجنحة الكنسية للظهور مرة ثانيه، بالاضافة الي ذلك دخلت بعض الملامح التي ميزت العمارة في الكنيسة النوبية مثل الممر الطويل الممتد خلف الحنية الشرقية التي يرجح أنه كان تطورآ بسيطا لتخطيط الحجرات الجانيبة للحنية الشرقية وقد كان له مثيلا في مصر ايضا ولقد كان لكل قرية أو مدينة كنيسة واحدة علي الاقل، أو مجموعه من المباني الدينية، وفي اغلب الاحوال وجدت علي حدود أماكن الاستيطان،وفي النادر كان بناؤها في وسط التجمعات السكانية (كما في ابريم).

أما بالنسبة للأبنيه الدينية علي حدود المدن والقري فإن ذلك يرجع إلي سبيين حددهما الدكتور عاطف نجيب وهم

1-إحاطة الكنائس بالجبانات

٢-الرغبة في تأسيس أحياء دينية مميزة غير محاطة بما يمكن ان يختنق النمو المتزايد لها

ومثال على ذلك ما وجد في “فرس ودنقلة العجوز”

أما في ابريم فمن الواضح أن اقامه المباني الدينية علي قمة الصخرة العالية المنحدرة لم يسمح بحلول اخري ولقد أتاح طمي النيل مادة البناء الأساسية في النوبة وهي الطوب اللبن والاجر ، وكذلك المونة اللازمة لهما و الملاط لكسوة الجدران.

واختتم اللقاء بمداخلة هامة من نيافة الانبا مارتيروس عن كنائس النوبة كما تم الاستماع لبعض المداخلات الهامة من الباحثين والسادة الحضور، وأجاب الدكتور عاطف نجيب على العديد من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات والمداخلات من الحضور، في جو من الاهتمام والود، ثم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للحضور الكريم وللدكتور عاطف نجيب.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.