
تواصل جامعات النخبة البريطانية الاستفادة من تمويل بملايين الجنيهات من شركة "ميتا" المالكة لفيسبوك، رغم الانتقادات الموجهة للشركة بشأن تعاملها مع المحتوى الضار، وتخليها عن المدققين المستقلين، وتأثيرها السياسي.
حصلت جامعات مجموعة "راسل" على تمويل إجمالي بقيمة 2.8 مليون جنيه إسترليني من "ميتا" العام الماضي، وبلغ مجموع التمويل خلال السنوات الأربع الماضية 7.7 ملايين جنيه، وحدها "إمبريال كوليدج" تلقت 3.6 ملايين جنيه من شركات مارك زوكربيرج منذ عام 2021
وقد أُعلنت هذه الأرقام بعد طلبات حرية المعلومات، مما دفع نشطاء في مجال السلامة الرقمية إلى دعوة الجامعات لتوخي مزيد من الحذر في تعاملها مع "ميتا".
وقد أصبح موضوع التمويل الأكاديمي من ميتا قضية نقاش في الأوساط الجامعية، حيث أعرب بعض الباحثين المستفيدين سابقاً عن ندمهم بشكل خاص على قبول هذا التمويل.
وقالت بيبان كيدرون، إحدى أبرز الناشطات في مجال حقوق الأطفال على الإنترنت: "تمويل شركات التكنولوجيا للجامعات ليس سوى أداة ضمن منظومة ضغط ممنهجة. على الأكاديميين ومراكز الأبحاث أن يوضحوا مصادر تمويلهم ونسبها، حتى نضع أعمالهم في سياقها الصحيح".
ويبدو أن "إمبريال كوليدج" كانت المستفيد الأكبر، إلى جانب جامعة أكسفورد التي تلقت 1.8 مليون جنيه خلال السنوات الأربع الماضية. وقد خُصص تمويل أكسفورد لأبحاث في مجالات مثل تطوير نماذج اللغة الضخمة (LLMs)، وهي نوع من الذكاء الاصطناعي القادر على فهم اللغة البشرية وإنتاجها.
وقالت جامعة أكسفورد إنها تتبع "إرشادات صارمة ودقيقة"؛ لضمان أن التمويل لا يؤثر على الحرية الأكاديمية أو النزاهة العلمية.
من جانبها، صرّحت مجموعة راسل: "جامعاتنا تتعاون بانتظام مع شركات عالمية في مختلف القطاعات. هذه الشراكات تدعم أنشطة البحث والابتكار، وتعزز الروابط الدولية، وتعود بالفائدة على الاقتصاد البريطاني والمجتمعات المحلية".
وأضافت: "جميع جامعاتنا تجري عمليات تدقيق شاملة للهبات والتمويلات الخارجية؛ لضمان التوافق التام مع السياسات الجامعية والتشريعات البريطانية".
وقال البروفيسور أندرو تشادويك، أستاذ الاتصال السياسي بجامعة لوفبرا، إن "ميتا" و"فيسبوك" موّلتا أبحاثاً أكاديمية عبر أشكال متعددة، من هبات غير مشروطة إلى برامج مقيدة تتيح الوصول إلى البيانات بشروط.
وأشار إلى أن الشركة موّلت دراسة حول الانتخابات الأمريكية عام 2020، لكنها تعرضت لاتهامات بتغيير خوارزميات عرض الأخبار خلال التجربة دون إبلاغ الباحثين، ما قوّض مصداقية نتائج الدراسة.
وأضاف تشادويك، الذي لم يتلقَ تمويلاً من ميتا: "نعلم من تجارب سابقة أن بعض الشركات الكبرى تستخدم تمويل الأبحاث الأكاديمية كغطاء يمنح الشرعية لأنشطتها المثيرة للجدل، بما يتماشى مع أهداف العلاقات العامة لا مع البحث العلمي الحقيقي".
ورفضت بعض الجامعات تقديم تفاصيل التمويل أو كشفت عنها بشكل جزئي. وقالت جامعة بريستول إن الكشف عن أسماء الشركات المتبرعة ومبالغ التبرع "سيقوّض الثقة في الجامعة ويثني الشركات والمتبرعين المحتملين عن تقديم الدعم مستقبلاً".
أما أبيناف شوكلا، وهو طالب دكتوراه سابق في "إمبريال" استخدم بيانات من "ميتا" في أبحاثه، فقد دافع عن هذه الشراكات، قائلاً إنها تسهم في إنتاج معرفة جديدة ومفتوحة للآخرين.
وأضاف: "بالنسبة لـ(ميتا)، هذا التمويل أداة توظيف. إذا موّلت بحثاً ونجح، لن تسعى لاحتكاره أو إخفائه، لكن إن كان له تطبيق مباشر على منتجاتها، فستسعى لتوظيف الباحث المختص".
وتابع: "من وجهة نظر الطالب، كانت صفقة جيدة لي شخصياً. ساعدني ذلك في الحصول على وظيفة أردتها، وفي العمل في مجال قابل للتطبيق العملي مباشرة".