شهد عدد من المناطق اللبنانية سلسلة من الحرائق الهائلة التي اندلعت في الغابات والمناطق الشجرية والمزروعات خلال الساعات الماضية وبشكل متزامن، على وقع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة فوق معدلاتها الطبيعية والأجواء المُناخية الجافة واشتداد سرعة الرياح، على نحو أدى إلى امتداد النيران بصورة كبيرة في مناطق عدة.
وتركزت الحرائق في المناطق الشمالية خاصة محافظة "عكار" التي تعرضت لحرائق كبيرة وممتدة، إلى جانب مناطق من محافظة جبل لبنان، وعدد من المناطق الجنوبية الحدودية، حيث امتدت ألسنة النيران بصورة سريعة وأتت على مساحات خضراء كبيرة وغابات وزراعات.
وبلغت قوة النيران في بعض المناطق حد ارتفاع ألسنة اللهب لأمتار وتصاعد الدخان الأسود في السماء، مع محاولات حثيثة من قبل فرق الإطفاء والدفاع المدني للسيطرة على الحرائق ومحاصرتها ومنع تمددها جراء الرياح الشديدة والأجواء الجافة.
ويأتي ذلك بعد مرور أكثر من شهرين على انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي، وكان السبب فيه باخرة محملة بمواد نترات الأمونيوم والتي جرى تخزينها في مستودعات مرفأ بيروت البحري وتسببت في انفجار مدمر.
ولمواجهة سلسلة الحرائق الجديدة، اندفعت سيارات الإطفاء وقوات الدفاع المدني في المناطق التي ضربتها النيران، يعاونهم الأهالي والبلديات لإخماد الحرائق، كما تدخلت الطائرات المروحية التابعة للجيش اللبناني للمساهمة في عمليات الإطفاء، كما قامت قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة العاملة في الجنوب اللبناني (يونيفيل) بالدفع بطائراتها المروحية للمساهمة في إخماد الحرائق بالمناطق الجنوبية.
وكانت مديرية الدفاع المدني بوزارة الداخلية اللبنانية قد أطلقت في وقت سابق من اليوم تحذيرا من احتمال حرائق الغابات، نظرا لما تشهده البلاد من ارتفاع في درجات الحرارة تفوق معدلاتها الموسمية بشكل ملفت بما يرفع خطر اندلاع الحرائق.
وطالب الدفاع المدني من اللبنانيين ضرورة التزام الحيطة والحذر والتقيد بإرشادات التوعية من مخاطر حرائق الغابات خاصة بعدم حرق الأعشاب اليابسة عند تنظيف الأراضي، وتنظيف الأعشاب والأغصان الصغيرة من تحت الأشجار ووضعها في أماكن آمنة بعيدة عن الغابات، وعدم رمي اعقاب السجائر من السيارة على أطراف الطرق أو عند التنزه في الغابات وفي محيط المناطق الشجرية.
وتداول نشطاء لقطات مصورة تظهر ألسنة النيران، وهي تلتهم الأشجار وتتمدد على مسافة قريبة من الوحدات السكنية في قرى المتن والمتن الأعلى في جبل لبنان، وفي عكار شمالا.
ويتكرر مشهد الحرائق في لبنان منتصف أكتوبر من كل عام، نتيجة عوامل الطقس وسرعة الرياح الحارة وجفاف الأرض، وسط عجز السلطات في وضع خطة لإخماد الحرائق والوقاية منها والسيطرة عليها نتيجة ضعف الإمكانات.
وفي أكتوبر الماضي، اندلعت عشرات الحرائق في البلاد وأدت إلى مقتل شخصين وإصابة العشرات بحالات اختناق.
ولم تعمد السلطات الرسمية إلى وضع خطة للاستجابة لمواجهة أي حريق محتمل منذ ذلك الوقت.