أعلنت المملكة العربية السعودية مساء يوم الأربعاء الماضي تعليق صادراتها النفطية عبر مضيق باب المندب، مرجعة ذلك إلى ما قالت إنه هجوم لجماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران على ناقلتي نفط.
وقال وزير النفط السعودي خالد الفالح إنه تم تعليق جميع شحنات النفط الخام عبر مضيق باب المندب بشكل فوري ومؤقت إلى تصبح الملاحة خلاله "آمنة".
وإلى الآن لم تتخذ أي دولة مصدرة للنفط خطوة مماثلة لما قامت به المملكة. ومن الجدير بالذكر أن إغلاق تعطيل حركة مرور النقط بالممر البحري الاستراتيجي سيعلق نقل حوالي 4.8 مليون برميل نفط يوميا ومشتقات بترولية أخرى إلى أوروبا والولايات المتحدة.
وتدعم الدول الغربية التحالف بقيادة السعودية في اليمن والذي بدأ حملته العسكرية ضد الحوثيين قبل ثلاث سنوات بهدف إعادة السلطة للرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي، بعدما استولت الجماعة المدعومة من طهران على العاصمة صنعاء.
لكن الدول الغربية لم تشارك بشكل مباشر في الحرب التي تعتبر بحسب وكالة رويترز معركة بالوكالة بين السعودية وإيران في اليمن.
وبدأت المخاوف بشأن الاضطرابات في مضيق باب المندب قبل فترة، حيث استهدف الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين في وقت سابق قبل هجمات الأسبوع الماضي. وأشارت رويترز إلى أن الإعلان السعودي ليس غريبا بسبب إعادة تقييم المخاطر التي تقوم عليها، لكن إعلان الرياض أيضًا يحمل بعدًا سياسيًا.
ونقلت الوكالة البريطانية عن محللين قولهم إن المملكة تحاول تشجيع الحلفاء الغربيين على التعامل بجدية أكثر مع خطر الحوثيين، ودفعهم إلى التحرك والدعم في الحرب الدائرة في اليمن.
وقال المسؤول السابق بشركة أرامكو السعودية للنفط، سداد الحسيني، إنه بدلا من السماح بمثل هذه الأعمال العدائية أن تمر دون ملاحظة من العالم، "وضع الوزير السعودي الدمار الذي تقوم به إيران للاقتصاد العالمي على مرأى الجميع".وتابع الحسيني: "السيطرة على ميناء الحديدة سوف يكون خطوة كبيرة نحو إنهاء هذه العراقيل".
وميناء الحديدة هو الرئيسي في اليمن، وبدأ التحالف بقيادة سعودية حملة عسكرية في الثاني عشر من يونيو الماضي من أجل قطع خط الإمداد الأول للحوثيين. وذكرت رويترز أنه بعد "الفشل" في الحصول على مكاسب كبيرة، علّق التحالف العمليات في الأول من يوليو من أجل إعطاء الأمم المتحدة الفرصة لحل الموقف، ولكن بعض العمليات القتالية استمرت أيضًا.
وأضافت الوكالة البريطانية أن تعليق المملكة العربية السعودية لصادراتها النفطية، وما قد بتبعه من ارتفاع الأسعار، ربما يهدف إلى الضغط على حلفائها الأوروبيين الذين استمروا في دعم الاتفاق النووي مع إيران بعد الانسحاب الأمريكي منه في مايو. ويهدف هذا الضغط إلى جعلهم يتخذون موقفا أكثر قوة ضد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودعم طهرات للمجموعات المسلحة في مناطق مختلفة بالمنطقة.
وذكرت رويترز أنه لا يوجد أي تأكيد على أن الخطوة السعودية جاءت بعد تنسيق مع واشنطن، لكن الوكالة نقلت عن محلل أنه من الغريب أن تكون الخطوة تمت دون تنسيق، بالنظر إلى التحالف الاستراتيجي بين البلدين.
وقال الباحث بجامعة سنغافورة للدراسات الدولية، جيمس دورسي لوكالة رويترز، إن المملكة تحاول خلق موقف فيه تتدخل الولايات المتحدة بشكل ما للدعم "وبالتالي يمكنهم تحقيق انتصار عسكري".
بينما حذرت هيلما جروفت، مدير استراتيجية السلع الأولية بمجموعة "أر بي سي" لخدمات المستثمرين من تفاقم الأمور قائلة: "نحن على بعد صاروخ واحد في مكان ما من الدخول في صراع مباشر (بين إيران والسعودية)".
ولفتت الوكالة إلى أنه من الصعب اندلاع حرب نفطية في المنطقة كما حدث في الثمانينيات، حينما هاجمت كل من إيران والسعودية الشحنات النفطية في مياه الخليج العربي.
وحينها اضطرت الولايات المتحدة وبريطانيا وقوى عالمية أخرى إلى حماية شحنات النفط الخاصة بدول أخرى، حيث كانت على سبيل المثال الشحنات الكويتية تتحرك وعليها أعلام الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشارت رويترز إلى أن السعودية يمكن حاليا أن تستخدم أعلام دول أخرى على ناقلاتها النفطية حتى تتحرك دون استهداف من الحوثيين، لكن المحللون قالوا إن ذلك قد يقوّض جهودها نحو إظهار قوتها في المنطقة.