من منزل ضابط المفرقعات الشهيد .."مصطفى عبيد.. بطل أباً عن جد"
08.01.2019 15:56
تقاريركم الصحفيه Your Reports
الوطن
من منزل ضابط المفرقعات الشهيد ..
حجم الخط
الوطن

الدراما هى العنوان الرئيسى لقصة البطل الشهيد مصطفى عبيد، الذى دفع حياته ثمناً لتفكيك عبوة ناسفة قريبة من كنيسة أبوسيفين فى مدينة نصر.. الدراما بدأت بـبطولة متوارثة أباً عن جد.. فالجد واحد من ضباط الجيش المصرى، الذى دفع حياته ثمناً لتراب هذا الوطن.. وكان ذلك فى حرب مصر مع العدو، وانتهت حياته عام 1956.. وبعد الجد.. جاء الابن وهو والد الشهيد مصطفى.. والذى كان عمره عامين عندما رحل والده.. وكبر وعرف التفاصيل كاملة.. وقرر أن يلتحق بالجيش ليثأر لوالده، الذى استشهد فى جبل الصبحة بسيناء.. كان أمله أن يعرف مكان الاستشهاد.. ويحارب.. وكان أحد رجال الصاعقة المصرية.. من هنا جاءت البطولة.. مصطفى سمع من والده وأقاربه الكبار عن حكاية الجد.. هذا الذى كان ضابطاً شاباً فى الجيش، وانتهت مسيرته شهيداً عام 56.. ينظر إليه الجميع فى قريتهم الصغيرة بـطوخ.. حتى ذهب دون عودة ولم يدفن فى مقابر القرية.. ومن هنا لم يكن جديداً على الشهيد الشاب مصطفى عبيد أن يقف أمام الموت الساكن فى حقيبة مغلقة بداخلها عبوات تفجيرية.. فكّك اثنتين وانفجرت الثالثة أثناء تعامله معها لتكتب نهايته.. ليصبح شهيداً مثل جده.. وفى الجنة سيلتقيان الجد والحفيد.. وكل منهما فى هذه اللحظة سيحكى للآخر كيف استشهد.. وكيف واجه العدو.. وكيف كانت النهاية.. وكيف سالت دماؤه الطاهرة وهو يحارب من أجل وطن كبير.. وطن اسمه مصر.

 

فى قرية جزيرة الأحرار بطوخ.. التقت الوطن بأقارب الشهيد مصطفى عبيد، ومن بينهم شقيق جده.. الذى اعتبره مصطفى جده الثانى.

 

جده ضابط فى الجيش واستشهد فى حرب 56 بسيناء.. والأب ضابط سابق فى قوات الصاعقة المصرية.. وابن عمه: أصبح فى مكانة أعلى منا جميعاً.. ونقول للمصريين: لو قدرنا نقدم حد تانى فداء للوطن لن نتأخر

 

شعبان الأزهرى، شقيق الجد، قال: آخر مكالمة بيننا سألته عن حياته وشغله والتأمين الخاص بالأعياد.. وقال لى: سيبها على الله.. ربنا يعدّى الأيام دى على خير.. بهذه الكلمات تذكَّر جد الشهيد الرائد مصطفى عبيد، الذى استشهد أثناء تفكيك عبوة ناسفة بمحيط كنيسة بعزبة الهجانة فى مدينة نصر، المكالمة الهاتفية الأخيرة التى أجراها الجد شعبان مع حفيده للاطمئنان عليه، خاصة لعلمه بوجوده ضمن القوات الأمنية المتأهبة لتأمين احتفالات عيد رأس السنة.

 

ورجع الجد بذاكرته لثلاثة أيام مضت، وقال إنه اتصل هاتفياً بحفيده مصطفى، لتحفيزه والاطمئنان عليه، كما كان يفعل دائماً، وعندها قال الجد له: خلّى بالك على نفسك يا مصطفى، ووعد الشهيد جده بالقدوم إليه الثلاثاء (اليوم)، عقب انتهاء تأمين احتفالات عيد الميلاد المجيد، إلا أن روحه صعدت إلى بارئها قبل أن يتمكن الشهيد من رؤية جده للمرة الأخيرة. أنا عرفت الخبر من التليفزيون، قالوا إن فيه ضابط استشهد وهو بيفكك مفرقعات، ما أعرفش ليه حسيت إنه مصطفى، رغم إنهم ما قالوش اسمه، ويضيف الجد فى حديثه أنه شعر بقبضة فى قلبه عندما سمع الخبر، وبدأ يسأل ويتقصَّى عن الأمر، موضحاً أنه اتصل بوالده وأخبره أن هناك تفجيراً ووفاة ضابط، وطلب منه أن يطمئن على مصطفى، فردَّ عليه الأب: البقاء لله، فأُصيب بصدمة وأحس أن لسانه مربوط وعينيه غرقتا فى الدموع، ولم يصدق لوهلة ما حدث، حتى تأكد بعدها وذهب لبيت العائلة، فوجد المنزل كله متشحاً بالسواد فى القرية، والجميع يتحدث عن الشهيد، وواقعة الانفجار.

 

من وهو صغير كان خفيف الدم، وروحة مرحة، ويحب كل الناس اللى حواليه، لكنه فى نفس الوقت كان بيتعامل بجدية مع المواقف الجادة.. وكان شايف أبوه قدوته، عشان كده كان بيحب الشرطة والجيش من صغره، لأن والده لواء أركان حرب على المعاش، وجده كان بطل واستشهد فى حرب 1956، وأبوه دخل الجيش عشان يكمل مسيرة الجد ويشوف مكان استشهاد والده على تراب الوطن.. الجد يتابع الحكى عن مصطفى ويبدو متماسكاً، ويشير إلى أن الشهيد دخل كلية الشرطة فى عام 2002 ثم تخرج فيها عام 2006، وتأثر كثيراً بوفاة والدته منذ 3 سنوات وأصبح صارماً فى تعاملاته بمعظم الأوقات، إلى أن اقتنع بالزواج من طبيبة عيون من القرية، وأنجب منها طفلين يارا، 8 سنوات، وسيف، 4 سنوات، وذهبا للإقامة فى منطقة مدينة نصر.

 

شقيق الجد: مصطفى كلمنى قبل استشهاده بيومين وطمّنى ووعدنى بزيارة يوم الثلاثاء.. وسألته عن عمله وتأمين الاحتفالات وقال لى: سيبها على الله.. ربنا يعدى الأيام دى على خير

 

وأضاف الجد: أقرب حد ليه فى القرية هو شيخ المسجد، الشيخ حسام، وأهل البلد كانوا بيحبوه جداً مسلمين ومسيحيين، لأنه كان بيعامل الجميع معاملة حسنة، ولم يتأخر عن أى أحد فى أى طلب أو مساعدة، ورغم أن والده لديه أخ محمود، 36 سنة، إلا أنه كان دائم الاعتماد على الشهيد مصطفى فى كل أموره، وهمّا كانوا هنا فى البلد من أسبوع، وكان زملاؤه ييجوا يزوروه ويقعدوا معاه فى البيت هنا، وكان كل ما حد يكلمه أو يسأله عن الأخبار والتأمينات، كان يقول: ربنا يستر على البلد، طول الوقت كان بيقول الجملة دى، ولم يكن يتكلم أبداً عن عمله وطبيعته ومواقف العمل أو أماكنه.

 

عفيفى أحمد عبدالنبى، ابن عم الشهيد، التقط أطراف الحديث، وقال: لما كان ييجى البلد ما كُنتش ألحق أقعد معاه من كُتر الناس ما كانت بتحبه، وبتوقفنا فى الشارع عشان تتكلم معاه وترحب بيه، لأنه كان بييجى على فترات لأهله وعيلته، وكان دايماً يحب الهزار معانا، بس ساعة الجد كان بياخد الأمور بجدية وحسم، وعمره ما عمل مشاكل، وأنا حابب أوجّه رسالة لإخوتنا الأقباط وكل المصريين كمان، إن ابننا فداء الوطن، ولو نقدر نقدم حد تانى فدا البلد هنقدم، هو عند ربنا وفى مكانة أحسن مننا كلنا، وإحنا نحتسبه عند الله شهيد.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.