في السنوات الأخيرة.. شهدت الساحة الفنية اتجاها جديدا يسمى باتجاه تجسيد الشخصية.. حيث يقوم فردان أحدهما يجيد التمثيل والآخر يقوم بفن الماكيير، ويقوم الطرفان بعمل «ديو – دويتو»، حيث يقومان بتجسيد الشخصيات التي تحتفل بها الكنيسة ويدخل الممثل الذي ارتدى ملابس الشخصية وأتقنها في وسط الجمهور في الكنيسة وسط مؤثرات صوتية وبصرية مما يسبب حالة من الرهبة لا مثيل لها على الإطلاق.
التقت الدستور بأحد هذه «الدويتهوات» والتي تكونت من الممثل مينا جرجس والماكيير باسم ممدوح، واللذان تحدثا عن أهمية «تجسيد الشخصية» بمناسبة احتفالات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأسبوع الآلام واحتفالات القيامة والخماسين المُقدسة.
وقال مينا جرجس، إنه حاليًا لا غنى عن احتفالات درب الصليب، التي تكون على أحد المسارح لترويح الـ14 مرحلة كاملة لصلب المسيح ويعتمد الأمر بالكلية على تجسيد الشخصية، حيث يقوم بالدخول إلى معسكر صلاة كامل يتهيأ فيه للشخصية التي سيقوم بتقمصها على المسرح أمام الجمهور، ويبدأ بعد ذلك في تجميع أكبر قدر من المراجع البحثية عن الشخصية ليعرف كيف كانت تعيش وتتحدث وتتعامل وأسلوبها في الحياة.
وليكن مثلا أنه سيقدم دور السيد المسيح أثناء الصليب، فيقوم بقراءة البشائر الأربعة التي كتبها تلميذي المسيح متى ويوحنا ورسوليه مرقس ولوقا، بالإضافة إلى بعض الكتب الدراسية مثل كتاب زمن الرب يسوع للقس مرقس فوزي، ويعكف على القراءة حتى يدخل في اجواء الشخصية.
وأكد أن الأمر لا ينحصر فقط في خدمات «درب الصليب» التي يعرف منها المسيحيين قصة الآلام المسيح، بل أن الاتجاه الخدمي الجديد حاليا هو تجسيد واقعة القيامة، حيث يقوم بارتداء ملابس المسيح ويعاونه أثناء من الأفراد اللذين يرتدون ملابس الملائكة ويتم صناعة ديكور القبر، ويظهر من العتمة للأطفال ويقم برواية قصة القيامة تفصيلا لهم، وهو ما يساعد على أن يدركوا القصة بمنتهى السهولة واليسر، مؤكدا أن المتلقى يتفاعل مع المؤثرات البصرية والسمعية بشكل أكبر من السرد والحكي الجاف.
باسم ممدوح الماكيير، قال إن فن الماكياج هو الفن الأساسي الذي يقوم عليه كافة فنون «درب الصليب» وعروض القيامة، وبدونه لا يمكن أن تقام هذه العروض، ولعل السبب في ذلك هو أن المجسد للشخصية يتحدث بهيئته قبل أن يتحدث بصوته، بمعنى أدق في عروض درب الصليب، يجب عليه أن يصنع الجروح التي جُرح بها المسيح بشكل أكثر من احترافي حتى يدخل المشاهد في أجواء الصلب دون أن يخرجه منها أمرا غير دقيق، أو أن يشعر أن هذه الجروح مرسومة، حيث يستخدم موادا مثل السيليكون وغيره ويصنع منها الجراحات.
وأشار ممدوح إلى أن الأمر لا يأتي وليدا للحظة بل يقوم بدراسة الشخصية دراسة جدية، ليعرف ملابسها وهيئتها، فعلى سبيل المثال لا يمكنه أن يُلبس راهبا من القرن الرابع الميلادي ملابس الرهبان السمراء التي يظهرون بها حاليا، لأن الرهبان في هذه الآونة كانوا يرتدون الملابس البيضاء، وهذه إدركة بعد مذاكرة مراجع تاريخ الكنيسة القبطية وتاريخ الرهبنة.
كما أن هيئة البابا كيرلس تختلف عن هيئة البابا شنودة عن هيئة البابا تواضروس، حقيقة أن الملابس واحدة تقريبا إلا أن هناك تفاصيل يجب أن تُذاكر وتدرس جيدا حتى تخرج باحترافية الأمر الذي يصل إلى ساعات من القراءة.
بينما القيامة يجب أن تكون أكثر احترافية من كل ذلك فيجب عليه أثناء وضع الجراحات في يدي المسيح ان تكون في المعصم ولا يكرر أخطاء الآخرين الذي يضعون الجراحات في كف اليد، لأنه لو دُق المسمار في كف اليد لقطع الأنسجة والجلد وسقط المسيح من الصليب إلا أن المسمار دُق في المعصم حتى يتحمل ثقل الوزن.
كما أكد كليهما أن حاليا تعتمد الفيديوكليبات الخارجة من رحم الكنيسة على تجسيد الشخصية فيقوم كليهما بتجسيد شخصيات متعددة مثل القديس نيقولاوس والبابا كيرلس والقمص فلتاؤوس السرياني والانبا انطونيوس وشخصيات أخرى.