«العرف أقوى من الدولة».. انتشار زواج القاصرات خوفا من «العنوسة» بقرى الأقصر.. الأطفال يعيشون بلا شهادة ميلاد عند الطلاق.. علماء الاجتماع :كارثة مجتمعية.. رجال الدين: حلال شرعا.. مجرم قانونا
02.10.2017 04:00
اهم اخبار مصر Egypt News
صدى البلد
«العرف أقوى من الدولة».. انتشار زواج القاصرات خوفا من «العنوسة» بقرى الأقصر.. الأطفال يعيشون بلا شهادة ميلاد عند الطلاق.. علماء الاجتماع :كارثة مجتمعية.. رجال الدين: حلال شرعا.. مجرم قانونا
حجم الخط
صدى البلد

انتشار جواز القاصرات خوفا من "العنوسة" بقرى الأقصر

طفلة تطالب الدولة بمنحها شهادة ميلاد لإنقاذها من التشرد

ربة منزل: "يا مخلف البنات يا شايل الهم للممات.. وزواج البنت سترة"

طبيبة بشرية: أعلى نسبة وفيات للسيدات فى سن الإنجاب تحدث للقاصرات

حين ترتكب خطأ فأنت مسئول عنه حتى لو تم توقيع عقاب عليك، أما أن يخطئ أهلك فى حقك وهم يتوهمون أنهم يوفرون لابنتهم "الستر" فيزوجونها فى عامها الـ12 بدون أوراق ثم يطلقها زوجها قليل الخبرة بالحياة، ويتركها فى مهب الريح بطفل لا تعرف العناية به وهى مازالت فى آخر سنوات طفولتها، كيف يتم ذلك فى القرن الواحد والعشرين.. الكارثة تهدد بمشكلة أكبر تتعلق بـ "اختلاط الأنساب"، فأين الدولة والمجالس القومية من مجلس قومى للمرأة والأمومة والطفولة منهم.

 

"صدى البلد" رصد حالات زواج قاصرات "دون السن القانونية"، فقالت "سنية. م"، 65 سنة، مقيمة بقرية العضايمة، إنها زوجت ابنتها فى سن 12 خوفا عليها من العنوسة، وإن العرف والتقاليد تقول: "البنت مالهاش غير بيت جوزها" وتم زواجها بالطريقة العرفية لصغر سنها، وبعد عام من زواجها وإنجاب طفلتها "شهد" حدثت مشاكل مع زوجها انتهت بالطلاق، ووصل عمرها إلى 10 سنوات وليس لديها شهادة ميلاد لأن الزواج والطلاق حدث بالعرف.

 

وبدموع؛ طالبت الطفلة "شهد" الدولة بإعطائها شهادة ميلاد باسم والدها الحقيقي وأمها الحقيقية، وأكدت أنها ترفض تماما أن تكتب باسم جدها لأن أمها تزوجت ووالدها تزوج وكلاهما يعيش حياته مع أولاده الآخرين، وهى تركت فى منزل جدتها دون رعاية أو اهتمام، مشيرة إلى أنها أدركت أن كلمة ساقط قيد تطلق على الطفل غير القانوني.

 

أما رحاب النوبي، مسئول مدارس مجتمعية بمركز إسنا، فقالت إنها تواجه العديد من هذه الحالات فى قرى ونجوع المركز وإنها لا تنسى وجه الطفلة "صفاء" البالغة من العمر 11 عاما وهى تبكى لمدرستها وتقول: "أبويا هيجوزنى وأنا مش عاوزة وخايفه قوى من الجواز"، مشيرة إلى أنه تم بالفعل زواجها من ابن عمها وهو صغير السن أيضا ولا يدرك معنى الجواز، وللأسف يوم الزفاف تم نقل العروس إلى مستشفى إسنا المركزى وهى تعانى من نزيف حاد بالرحم.

 

وقالت نادية عثمان، ربة منزل بجنوب الأقصر، إنه يجب على البنت أن يتم زواجها مبكرا خوفا من العنوسة، ضاربة مثلا شعبيا "يا مخلف البنات يا شايل الهم للممات" و"تتلف فى ملاية ولا تقعد فتاية"، مشيرة إلى أن زواج البنت مبكرا يعتبر "سترة" لها من أى فتنة أو انحراف وصيانة لعفتها.

 

وأضافت: "يجب على ولي الأمر ألا يرفض زواج ابنته فى سن مبكرة، مؤكدة أن البنت إذا زاد عمرها على 20 سنة ولم تتزوج تعتبر فى عرف القرية عانسا، وهذا ما أرفض أن يقال على إحدى بناتي".

 

وقالت الدكتورة سعاد إسرائيل، طبيبة بشرية ومقررة المجلس القومي للمرأة بالأقصر، إن زواج القاصرات يمثل منتهى الخطورة على البنت فى المعاشرة والحمل، حيث إن جسم الفتاة لم يكتمل، وإن أعلى نسبة فى وفيات أمهات فى سن الإنجاب فى حالات الزواج المبكر.

 

وأضافت "إسرائيل" أن هناك أمراضا مصاحبة لحمل صغيرات السن منها؛ فقر الدم، الإجهاض، وزيادة العمليات القيصرية نتيجة تعسر الولادات في العمر المبكر.

 

وطالبت بالالتزام بجميع القوانين الدولية التى اكتسبتها المرأة فى الأعوام الأخيرة لحمايتها من مثل هذه الانتهاكات، فهذا الزواج يعتبر عنفا مباشرا ضد المرأة ويجب التصدى له.

 

واستنكر الدكتور على عباس دندراوي، عميد كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة جنوب الوادي، حدوث زواج أطفال فى هذه السن، واصفا ذلك بأنها "كارثة مجتمعية" بكل الأحوال، مشددا على ضرورة التصدي لها من خلال عمل دراسات في هذا الشأن وتحرك رجال الخدمة الاجتماعية والدين والإعلام لعمل توعية فى القرى والنجوع.

 

وقال دندراوي إن الطفل الذى قام ولى أمره بتزويجه بطفلة مثله أمر فى منتهى الخطورة، فضلا عما يسببه ذلك من حرمان عاطفي نتيجة تخطي مرحلة الطفولة، وهو ما يؤدي لتعرضهما لضغوط وأمراض نفسية خطيرة، وكذلك اضطرابات في العلاقات الجنسية بين الزوجين ناتجة عن عدم إدراك الطفل والطفلة لطبيعة العلاقة، وعدم اكتمال النضج الذهني فيما يخص اتخاذ القرارات وما يترتب عليها بالنسبة للعناية بالطفل والواجبات الزوجية.

 

وأضاف: "قد يدخل الزوج الطفل فى حالة من تناول بعض من المواد المخدرة نتيجة لكثرة الضغوط ولإثبات أنه سليم جسديا وليس لأنه طفل لم يكتمل بعد نموه الجسدي والعاطفي، وقد يقوم الطفل بسرد ما يقوم به مع زوجته الصغيرة من حقوقه الزوجية مع أقرانه الأطفال فيتسبب فى انحلال أخلاقهم فى محاولة منهم لتقليده مع إحدى الفتيات الصغيرات".

 

وأكد الشيخ عبد الحميد محمد، أحد مشايخ وزارة الأوقاف، أن زواج القاصرات حلال شرعا حرام قانونا، بمعنى أنه لا يوجد نص فى القرآن والسنة يحرم زواج البنت القاصر ولكن القوانين تجرمه خوفا على حياة البنت، مشيرا إلى أنه شخصيا يرفض زواج البنت القاصر لما يترتب عليه من أضرار صحية ونفسية لها.

 

وأوضح محمد أن الاستدلال بزواج سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها فى سن مبكرة غير منطقي، فهناك اختلاف فى المكان والزمان الذي عاشا فيه، فبنت التاسعة فى عهد رسول الله تختلف عن بنت التاسعة اليوم فى الجسد والعقل.

 

وتقول هويدا البكري، محامية بالأقصر، إن القانون حدد السن القانونية للزواج أن تكون 18 عاما، وهذا حفاظا على حقوق الزوجة وحماية للطرفين في نفس الوقت، فهناك صعوبة فى إثبات الزواج إذا رفض الزوج عقد الزواج الرسمي بعد وصول الزوجة إلى السن القانونية، وفي هذه الحالة يذهب أهل الفتاة لرفع دعوى قضائية من أجل إثبات العلاقة الزوجية عن طريق من شهدوا على هذا الزواج ويقوم الزوج بإحضار شهود نفي وهنا أحيانا ترفض المحكمة إثباته.

 

وأضافت "البكري" أن المجلس القومي للأمومة والطفولة هو الوحيد الذى من حقه تحريك الدعوى جنائيا ضد أولياء أمور هذين الطفلين الذين تم تزويجهما والفصل بينهما.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.