تحتفل الكنيسة المارونية اليوم الجمعة، بذكرى عيد دخول الربّ يسوع إلى الهيكل، ودخول المسيح إلى الهيكل في اليومِ الأربَعينَ.
وتُعَيِّدُ الكَنيسَةُ صُعودَ العَذراء الى الهيكَلِ في أورشليم، وتَقدِمَة إبنِها البِكرِ الى الله بِحَسَبِ الشَريعَةِ. وَقَد فَدَتْهُ بِزَوجَي يَمام، الفِديَةَ المَفروضَةُ عَلى الفُقَراء، وَقَد أتَمَّتْ هِيَ أيضًا شَريعَةَ التَطهير عَلى حَسَبِِ ما وَرَدَ في الناموس. تهَلَّلَ سِمعانُ الشَيخِ لِمَرأى المُخَلِّص، وفَرِحَت حَنّةُ النبيَّةُ البَّارةُ التي كانَت تَنتَظِرُ خَلاصَ اسرائيل. وَعادَتِ العائِلةُ المُقَدَّسَةُ الى الناصِرَة، وكانَ يُوسُف ومريم يَصعَدان كُلَّ سَنَة الى الهَيكلِ عَلى حَسَبِ عادَة اليَهود الأتقياء
وبهذه المناسبة، ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت فيها:
"فأَتى (سِمْعان) الـهَيكَلَ بِدافِعٍ مِنَ الرُّوح". وأنت، إن بحثت جيدًا عن الرّب يسوع في كل مكان، أي إن بحثت عنه في سرير راحتك على غرار العروس في نشيد الأناشيد تارة في القراءة وطورا في الصّلاة وتارة أخرى في التأمّل، وإن بحثت عنه أيضًا في المدينة، سائلًا إخوتك، متكلّما عنه، متحدّثا عنه، إن بحثت عنه عبر الشوارع والساحات مستفيدا من كلام الآخرين ومثالهم، إن بحثت عنه لدى المتيقّظين، أي بالإصغاء إلى الذين بلغوا حدّ الكمال، فسوف تأتي حينها إلى الهيكل "بِدافِعٍ مِنَ الرُّوح".
"وبالتأكيد فإنّ الهيكل أفضل مكان للّقاء بين الكلمة والنّفس: إننا نبحث عن الكلمة في كل مكان ونعثر عليها في الهيكل... "وَجَدت مَن تحِبُّه نَفْسي" ابحث إذا في كل مكان، ابحث في كل شيء، ابحث لدى الجميع، امضِ وتجاوز كل شيء للمرور أخيرًا في مكان الخيمة وبلوغ مسكن الله، وحينها تجد مُبتغاك".
"فأَتى (سِمْعان) الـهَيكَلَ بِدافِعٍ مِنَ الرُّوح". عندما أتى والدَا الطّفل يسوع به، حَمَله سِمعان أيضا عَلى ذِراعَيهِ: هذا هو الحبّ الذي يتذوّق بالرّضا، يتعلّق بالعناق، يتلذّذ بالعاطفة. أيّها الإخوة، فليسكت اللّسان هنا... فهنا، لا شيء مرغوب أكثر من الصّمت: تلك هي أسرار العريس والعروس...، ليس للغريب حصّة فيها. "إن سِرِّي لِي، إن سِرِّي لِي!" فأين هو بالنّسبة إليكِ سرّكِ أيتها العروس أنتِ وحدكِ اختبرتِ ما هي العذوبة التي تخالجنا عندما بقبلة روحيّة يذهب كلٌّ من الرُّوح المخلوق والرُّوح غير المخلوق إلى الآخر لملاقاته فيتَّحد الواحد بالآخر إلى درجة أنهما يصبحان اثنين في واحد، لا بل، يضحيان حسب قولي واحدًا: مُبرِّرًا ومُبرَّرًا، مُقدَّسًا ومُقدِّسًا، مُؤلِّهًا ومُؤلَّهًا؟...
ليجعلنا الرّب أهلًا لأن نستحقّ قولَ ما يلي أيضا: "أَمسَكتُه ولَن أُطلِقَه"هذا ما استحقَّه القدّيس سِمعان، هو من قال: "الآنَ تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ بِسَلام" أراد أن ندعه يذهب متحرّرا من قيود الشّهوة، لكي يضمّ بعناقِ قلبِه وبشدّةٍ أكبر يسوعَ المسيح ربّنا الذي له المجد والإكرام إلى أبد الآبدين.
من جانبه، قال القمص إشعياء عبد السيد فرج، في كتاب “طقس الأعياد السيدية الكبرى والصغرى” عن طقس عيد دخول المسيح الهيكل، إن تاريخ الكنيسة يذكر أن سمعان الشيخ الذي حمل السيد المسيح هو أحد السبعين شيخا الذين ترجموا التوراة من اللغة العبرية إلى اللغة اليونانية في مصر بأمر ملكها بطليموس. فلما وصل إلى قوله (هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا) داخله الشك قائلا: أنه لآمر ممتنع أن تلد عذراء، فألقى الله عليه سباتا فرأى في رؤيا يقول له أنك لن تموت حتى ترى المسيح الرب مولودا من عذراء.
وعاش نحو ثلاثمائة سنة حتى حمل السيد على ذراعيه إذا أعلمه الروح القدس به فبارك الله قائلا (الآن يا سيد تطلق عبدك بسلام.. لقد فرح به سمعان الشيخ وحنة البنية التي كانت أيضًا تتعبد في الهيكل منتظرة خلاص الرب.. وقيل (هذا وضع لسقوط وقيام كثيرين) فالذين يؤمنون به ينهضون من الخطية والذين يرفضون يسقطون.. أيضا تنبأ سمعان الشيخ عن مشاركة السيدة العذراء الآم ابنها (وأنت يجوز في نفسك سيف.. قبل هذا أتم السيد الختان حسب الشريعة حتى يمكنه دخول الهيكل واندماجه معهم لتعليمهم وأن نحفظ وصاياه ونتممها.. كان دخول السيد المسيح مع أمه في اليوم الأربعين وذلك إتمامًا للناموس