التفتيش يشمل البطريرك وبعض الكهنة للتأكد من عدم وجود سبب بشرى للمعجزة
- الاستعانة بـ«الفسفور الأبيض» من أجل النور شائعة
البابا يدخل القبر بثياب بيضاء بلا جيوب.. ويطير النور كحمامة
كشف القمص يسطس الأورشليمى، راهب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالقدس، عن أن السلطات الإسرائيلية تحرص على تفتيش قبر المسيح بكنيسة القيامة، وكذا تفتيش البطريرك، لتتأكد من عدم وجود مصدر بشرى للنور المقدس الذى يحدث سنويًا فى عيد القيامة.
وأوضح «الأورشليمى»، فى حوار لـ«الدستور»، أن المشككين يقولون إن الفسفور الأبيض هو الذى يستخدم لإضاءة الشموع فى هذا اليوم، لكن ذلك الطرح يتنافى مع العقل، لأن كمية الفسفور الكافية لإحداث هذا التأثير، ستقتل المحتفلين وتتركهم هياكل عظمية.
ويحتفل الأقباط فى ٥ مايو ٢٠٢٤، بعيد القيامة المجيد، ويترأس البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، القداس، بمشاركة واسعة من الوزراء وكبار رجال الدولة، أما فى القدس فتسببت الحرب فى إلغاء الاحتفالات والحج المسيحى هذا العام.
ويستقبل مسيحيو العالم، غدًا، الطقس الأهم، وهو ظهور النور المقدس منبعثًا من قبر المسيح، والمعروف باسم «سبت النور»، الذى ينبثق على يد بطريرك الروم الأرثوذكس بالقدس.
■ بداية.. كيف يظهر النور المقدس؟
- ظهور النور المقدس يحدث سنويًا بأشكال مختلفة؛ ويملأ الكنيسة التى فيها قبر المسيح المقدس.
وأهم صفات النور المقدس أنه لا يحرق، ويظهر كعمود منير، ومنه تُضاء الشموع؛ إذ يضىء النور المقدس بعض شموع المؤمنين الأتقياء بنفسه، بل يضىء القناديل العالية أمام جميع الحاضرين.
يطير هذا النور المقدس كالحمامة إلى جميع أرجاء الكنيسة، ويدخل الكنائس الصغيرة مضيئًا كل القناديل، وهذه الأعجوبة تحدث فى كنيسة القيامة المقدسة فى أورشليم، كل سنة، فى عيد الفصح الشرقى الأرثوذكسى، فى الربيع، بعد عيد الفصح اليهودى، فى أقدس مكان فى العالم كله.
وفى يوم سبت النور، من الساعة الحادية عشرة صباحًا، يبدأ المسيحيون العرب بالترنيم بأصوات عالية مُسبحين، وتدق فرق الكشافة الطبول ويكون احتفالًا عظيمًا، ثم تمر بين هذه الجموع السلطات الحاكمة التى تكون مهمتها تفتيش القبر المقدس والحفاظ على النظام.
■ كيف تستعد الكنيسة لاستقبال النور المقدس؟
- فى صباح يوم سبت النور، وقبل مراسم خروج النور المقدس من القبر، يجرى فحص القبر والتأكد من عدم وجود أى سبب بشرى لهذه المعجزة، ويبدأ الفحص فى العاشرة صباحًا وينتهى فى الحادية عشرة صباحًا، أى يستغرق ساعة كاملة تقريبًا، وهو فحص دقيق بواسطة رجال الشرطة الإسرائيلية، وهم يهود وليسوا مسيحيين، ويشرف عليهم رئيس شرطة إسرائيل بنفسه ورئيس المدينة اليهودى، أيضًا، وبعد التأكد من خلو القبر المقدس من أى مادة مسببة لهذه المعجزة، يجرى وضع ختم من العسل الممزوج بالشمع على باب القبر.
كما يخضع البطريرك للتفتيش، ويدخل القبر بجلباب أبيض، بلا جيوب، ولا يحمل أى شىء، حتى عِمّته ينزعها قبل الدخول فى أثناء التفتيش.
■ صِف لنا مشهد خروج النور؟
- تحدث مراسم النور المقدس فى الساعة ١٢، وتتكون من ثلاث مراحل: الصلاة والتمجيد، ودخول الأسقف فى القبر المقدس، وصلوات البطريرك طالبًا مـن الله أن يخرج النور المقدس.
يظهر بطريرك أورشليم «القدس» للروم الأرثوذكس أولًا، ومعه رؤساء الأساقفة والكهنة والشمامسة وبطريرك الأرمن، وتقريبًا فى الساعة ١١ تضرب الأجراس بحزن حتى يدخل البطريرك ويجلس على الكرسى البابوى، وتتجمع الطوائف المسيحية من أرمن وأقباط أرثوذكس، ثم يدخل الجميع أمام القبر ويظل القبر مقفلًا ومختومًا، ويقوم بطريرك الروم الأرثوذكس بالدخول إلى القبر.
وقبل أن يدخل البطريرك إلى القبر، يُجرى تفتيشه مرة أخرى، للتأكد من عدم وجود أى مصدر للنار أو النور معه، ويخلع الملابس السوداء ويقف فقط بالملابس البيضاء، ويكون هذا التفتيش على يد كل من حاكم القدس ومدير شرطة القدس، وهما بالطبع غير مسيحيين، بجانب تفتيش الكهنة، ويكون الأمر أمام الجميع.
بعد ذلك يدخل بطريرك الروم الأرثوذكس فى القبر المقدس وهو يحمــل شــمعة مطفأة مكونة من عدة شــموع، يصل عددهـا إلى ٣٣ شمعة فى حزمة واحــدة معقـودة معًـا، وليسـت منفصلة، تمثل سنوات عمر السيد المسيح التى عاشها على الأرض.
هـذه الحزمة مـن الشـموع تكون موجودة مع بقية الشموع فى الكنيسة قبل الساعة العاشرة صباحًا أمام أعين الشرطة اليهودية، وتمر ساعات قبل أن يحملها ويدخل بها البطريرك إلى القبر المقدس.
لو كان بهذه الشموع فسفور أبيض، فكيف لم يشتعل طوال هذه الساعات؟ وهذه الشمعة تظل فى يد البطريرك فى داخل القبر بعد تفتيشه لمدة ساعتين وأكثر، فكيف لم تشتعل طيلة هذه الفترة رغم أن الفسفور الأبيض يشتعل بعد ثوانٍ من تعرضه للهواء؟!
■ ماذا يحدث داخل القبر المقدس؟
- داخل القبر المقدس، يصلى بطريرك الروم الأرثوذكس وهو راكع ويذكر الطلبات الخاصة التى تطلب من يسوع المسيح، وهى أن يرسل نوره المقدس، ويغلف المكان سكون وصمت شديدان، لأن الجميع يترقب خروج النور بعد صلاة البطريرك، ويسمع الحاضرون صوت صفير، ويخرج برق أزرق وأبيض من الضوء المقدس، ويخترق كل من فى المكان، بشكل لا علاقة له بضوء الفسفور الأبيض، كما لو أن ملايين الومضات الفوتوغرافية تحدث أمام الحاضرين وتنعكس على الحوائط وتضىء الشموع.
وفى القبر المقدس يخرج النور ويضىء الشمعة التى يحملها البطريرك، ويبدأ الحاضرون فى الهتافات والصلاة، بينما تنساب دموع البهجة والإيمان من عيون الناس.
ويستمر هذا النور المقدس، ولا تكون له خواص النار، لمدة ٣٣ دقيقة، وعلى الرغم من أنه يضىء شموع الكنيسة إلا أنه نور، فيمكن أن تلمسه بيدك ويمر على جسدك ولن يؤذيك؛ فالضوء لا يحرق، ثم بعد ٣٣ دقيقة يتحول إلى نار، ويكتسب خواصها، فلا تستطيع أن تلمسه بيدك.
وحاول المشككون نفى الأمر، بحجة أن الضوء لا يحرق لأن نار الفسفور الأبيض باردة، وهذا ليس صحيحًا، فهذا يعنى أن آلاف الشموع التى تضاء فى نفس الوقت، مجهزة كلها بالفسفور الأبيض.. وهذا مستحيل.
لو تماشينا مع فرضية المشكك، فهذه الكمية تعنى أن فى داخل الكنيسة كمية من الفسفور الأبيض الحارق أكثر من المستخدم فى القنبلة الفسفورية، أى كمية كافية لحرق العظام من مدى ١٥٠ مترًا، بل قادرة على إذابة ملابس وجلد ولحم البشر، ويمكن للدخان الصادر عن فسفور بهذه الكمية أن يقتل جميع المحتفلين داخل الكنيسة، وهذا لا يحدث، بل لم يذكر التاريخ أى حادث حريق أو أى أحد التهبت عيناه، أو أصيب بحرق جلدى على مدار تاريخ النور المقدس.
■ لماذا تعد كنيسة القيامة رمزًا مهمًا للمسيحيين حول العالم؟
- تعتبــر كنيســة القيامــة لدى المسيحيين فى العالم أقــدس مــكان علــى وجــه الأرض، لكونها تضم مكان الجلجثة، المعروف بالجمجمة، حيث صلب السيد المسيح، فداء للبشرية، كما تضم القبر الذى حوى جسد المسيح، ومنه قام منتصرًا على الموت بعد ثلاثة أيام، ويدعوها العالم الغربى «كنيسة القبر المقدس»، إلا أن مسيحيى الشرق يتمسكون بالجانب الذى يشير إلى الانتصار، فيدعونها كنيسة القيامة.
■ كيف يحافظ الأقباط على كنيسة القيامة؟
- استطاعت الطوائف المسيحية الممثلة داخل كنيسة القيامة أن تحافظ على مقدساتها وحقوقها عبر القرون الطويلة، وتتضمن الطوائف المسيحية داخل كنيسة القيامة «اللاتين والروم الأرثوذكس، والأرمن الأرثوذكس، والأقباط الأرثوذكس، والسريان الأرثوذكس»، ولتجنب المنازعات وجد أنه من الضرورى تقسيم الانتفاع بالأماكن المقدسة وتحديد حقوق كل الطوائف فى الانتفاع، وهذا التحديد قديم، بعضه حدد بالفرمانات والبعض الآخر بحكم العادة.
وتوجد بكنيسة القبر المقدس ملكيات خاصة لكل طائفة من الطوائف الخمس، وأملاك مشتركة بينها، وأيضًا أملاك مشتركة بين ٤ طوائف فقط، هى: اللاتين والروم والأرمن والأقباط، أما الأملاك المشتركة بين الطوائف الخمس، فتكون فى الممرات والدهاليز وصحن الكنيسة الجانبى والقبة الدائرية والدرج الذى يؤدى إلى كنيسة القديسة هيلانة.
■ ما عادات وتقاليد أقباط القدس يوم الجمعة العظيمة؟
- يبدأ الأقباط يوم الجمعة العظيمة بصلوات البصخة من الساعة الرابعة صباحًا حتى يدخل الموكب الرسمى الساعة الحادية عشرة، ثم يكملون صلوات هذا اليوم داخل الكنيسة، كما يضعون المقاعد ويفرشون الأبسطة والسجاجيد أمام كنيسة القبطية بالقيامة وحولها لراحة المصلين، ثم يقومون بين الساعة الخامسة والسابعة مساء بدورة احتفالية تسمى «دورة الجناز».
يطوفون بموكبهم وهم يرتلون الصلوات ويلقون العظات فى هيكل حبس المسيح داخل كنيسة القيامة، ثم هيكل لونجبينوس الجندى، ثم هيكل اقتسام الثياب، ثم هيكل الصخرة، ثم إلى الجلجثة بقسميها الروم واللاتين، ثم إلى حجر المغتسل ثم إلى القبر الممجد ثم يعودون ثانية إلى هيكل الأقباط، وبعد انتهاء الصلوات تختتم الدورة ثم يعود الكل إلى البطريركية فى موكب رسمى.
■ كيف تكون كواليس قداس أحد القيامة بالقدس؟
- يبدأ القداس الساعة الحادية عشرة، وينتهى عند الساعة الثالثة ظهرًا، ثم بعد ذلك قداس عيد القيامة تدور الدورة حول القبر المقدس ثلاث مرات، وهم يرتلون الألحان المناسبة، وفى الدورة الثالثة يتوجهون إلى حجر المغتسل، حيث يتوقفون أمامه ويدخل بعض الإكليروس إلى القبر، حيث يقرأون الإنجيل المناسب بالقبطية والعربية، ثم يعود الجميع إلى البطريركية القبطية فى موكب رسمى.