بقلم الراهب عزرا الأنبا بيشوي
لقد دفعني شعور غريب أن أكتب هذه الكلمات .. وكلامي هذا ليس من منطلق المجاملة لشخص قداسة البابا تواضروس ولكنه مشاعر داخل قلبي أدركت أن إخفاءها بمثابة خطية سوف يحاسبني عنها الله عندما أقف أمام كرسي المسيح القاضي العادل .. لقد علمتني دروسًا يا قداسة البابا تواضروس أريد أن يتعلمها الناس جميعهم .. فهي ليست مجرد دروس ولكنك رسمت أيقونة جميلة لصورة المسيح الحلو بعد أن غابت هذه الصورة عن الكثيرين في زمان سادت فيه الوحشية وانتشر فيه التعصب والانفلات وحب الذات والمصالح الشخصية .. لم تعمل قداستكم لحساب نفسك أو لحساب مجدك الخاص ولكنك تعمل لحساب المسيح والكنيسة وهذا هو المفهوم الصحيح والعميق للخدمة .. ولو كنت تسعى لمجدك الخاص لكنت أرضيت كل الناس ولكنك أحببت مجد الله أكثر من مجد الناس الباطل الزائل .. فقد طبقت مبدأ معلمنا بولس الرسول القائل
"لاَ يَطْلُبْ أَحَدٌ مَا هُوَ لِنَفْسِهِ،" (1كو 10: 24)، وهذا هو الدرس الأول الذي تعلمته من قداستكم .. أما الدرس الثاني هو مفهوم القوة الحقيقية، فقد تعلمنا من الكتاب المقدس أن السيد المسيح وهو على الصليب كان أقوى من كل البشر على الرغم من أنه هو المصلوب، ولكن هذا مفهوم خاص وعميق للقوة، وقداستكم قدمتم هذا المفهوم ليس بالوعظ ولكنه بصورة عملية واقعية حقيقية .. ففي الوقت الذي تفتح صدرك وتتلقى الطعنات أجدك صامتًا لم تفتح فمك ولا بكلمةٍ واحدة، وكان من الممكن أن تدافع عن نفسك أو تستعمل سلطانك الكهنوتي الذي أعطاه لك المسيح لكنك ما فعلت هذا كله وظللت صامتًا .. كثيرين نَصَّبوا من أنفسهم حكام وقضاة وأعطوا لأنفسهم الحق أن يحكموا على تصرفاتك، ولو أنصفوا ما فتحوا أفواههم عليك لأنهم لا يعرفون دقائق وتفاصيل الأمور، فالقاضي العادل لا بد أن يعرف تفاصيل القضية قبل أن يحكم، وأمام هذا كله يا أبي فانت تكتفي بالصمت .. حقًا أنت حَاكِم نفسك يا أبي وحَاكِم نفسه خيرٌ من حَاكِم مدينة .. وأخيرًا يا أبي تعلمت منك الشخصية المتكاملة التي تجمع بين القلب والعقل .. وبين الرحمة والعدل .. وبين العقلانية والإيمان. الرب يحفظ حياتكم سنين طويلة وأزمنة سلامية مديدة.