استأثرت قضية سد النهضة الإثيوبية على اهتمامات كتاب صحف القاهرة الصادرة اليوم /الأحد/، الذين أبرزوا نجاح الدبلوماسية المصرية في إثارة القضية أمام مجلس الأمن الدولي، حيث قادت المعركة ببراعة ضمن تنسيق محكم مع الشقيق السوداني، ونجحت - باقتدار - في وضع أزمة السد على أجندة المجلس - للمرة الثانية - خلال مدة قصيرة لا تتجاوز 13 شهراً.
كما نادى الكتاب - في مقالاتهم - مجلس الأمن بتحمل مسئولياته إزاء هذه القضية الوجودية للشعب المصري، معتبرين أن الأيام المقبلة ستكشف مدى كفاءة المجلس في القيام بدوره في حفظ الأمن والسلم العالميين؛ ليتحول السد الإثيوبي إلى مصدر للتعاون والتعايش المشترك بدلا من أن يكون سدا للمشكلات والأزمات في القارة الإفريقية.
ففي عموده (من آن لآخر) وتحت عنوان (الحقوق محفوظة.. وكل الخيارات مطروحة)، قال الكاتب عبد الرازق توفيق رئيس تحرير صحيفة (الجمهورية): إن تهديد جريان وتدفق مياه نهر النيل ليس جديدا، بل التاريخ زاخر بالمحاولات والمؤامرات، لأن قوى الشر أدركت منذ عقود طويلة أن النيل يعني الحياة لمصر، وهو شريان الوجود والخير والنماء.
وأشار الكاتب إلى تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه كلما سعت مصر إلى التقدم حاولوا كسر قدميها، وقوله أيضا "كلما زادت الهجمة شراسة أدركنا أننا على الطريق الصحيح"، مؤكدا أن هناك مخططا يزداد تصاعدا لتعطيل مصر وإيقاف مشروعها الوطني للتقدم والإجهاز على مساعيها في أن تكون في مصاف الدول المتقدمة، والتي تمتلك القوة والقدرة لأنه في حسابات قوى الشر ضد مصالحهم ويهدد مشروعهم وأطماعهم.
ولفت الكاتب الصحفي إلى الحوار المفتوح الذي نظمه رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الكاتب الصحفى كرم جبر، حول طرق إدارة الموارد المائية بمصر في ظل التحديات المائية، وحضرها وزير الري والموارد المائية الدكتور محمد عبدالعاطي، حيث بعثت الجلسة الحوارية برسائل طمأنينة إلى المصريين حول مياه النيل؛ فالدولة المصرية - بكل مؤسساتها - لن تفرط في قطرة مياه واحدة من حصة مصر، وأن الدولة المصرية جاهزة للتعامل مع أي طارئ يتعلق بقطاع المياه وأن وزارة الري تؤمن الاحتياجات المائية لجميع الاستخدامات، وتدير المياه بأعلى درجة مــن الكفاءة لتحقيق الاستفادة القصوى من كل قطرة مياه.
ونوه الكاتب بتأكيد الوزير عبدالعاطي - بشكل قاطع - أن مصر جاهزة للتعامل مع جميع السيناريوهات حول سد النهضة، وأن المصريين - بكل أطيافهم - على قلب رجل واحد، وأن الدولة المصرية لن تسمح بحدوث أزمة مياه فى مصر أو حدوث نقص أو ضرر في المياه التي تصل إلى مصر، وأنها تؤمن بالتنمية بها ولجميع دول حوض النيل، وأن هناك تنسيقاً كاملا بين أجهزة الدولة للتعامل مع ملف وقضية سد النهضة بلا تسرع في اتخاذ أي قرار بل تتم دراسة جميع القرارات التي تخص القضية بتأن والتحديد الدقيق للوقت لتنفيذ أي سيناريو.
وشدد الكاتب على أن الدولة المصرية - بالفعل - لن تسمح بأزمة مياه في مصر، ولن تعطش مصر أو شعبها، كما أكد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وأن الاصطفاف خلف الدولة وقيادتها السياسية هو واجب كل مصري؛ فالدفاع عن حق الحياة هو أمر مشروع.
وأردف: إن الدولة المصرية لديها عقل رشيد ورؤية وتقدير موقف، وقادرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ولديها جميع السيناريوهات التي تحفظ حقوق مصر وشعبها؛ بما يحقق أهدافها في حماية حصتها التاريخية والقانونية فى مياه النيل، وأن الدولة المصرية لديها جميع الوسائل والأوراق والقدرات وجميع الخيارات مطروحة ومفتوحة في التعامل مع أزمــة سد النهضة.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "مع تهديد وجود الدولة المصرية، لا نبالي بمواقف المتآمرين والمتجاهلين، ولا نرى فقط إلا مصالحنا وحياة هذا الوطن ومصيره، وأيضاً وجود المصريين وحضارتهم وبقائهم؛ لذلك علينا أن نطمئن جميعاً، ونثق أن حق مصر في مياه النيل محفوظ بعناية الله، ثم قدرة هذا الوطن ثم حكمة وشرف القيادة المصرية.
وفي عموده (نبض السطور)، أوضح خالد ميري رئيس تحرير (الأخبار) - تحت عنوان (حقنا في الحياة) - رسالة وزير الخارجية سامح شكري التي نقلها للعالم عبر قاعة مجلس الأمن الخميس الماضي، حيث أشار إلى أول حق في حقوق الإنسان - في كل مكان وعبر كل عصور التاريخ - وهو حقه في الحياة، وفي حماية نفسه عندما تتعرض حياته للخطر.
وأضاف ميري "عند تعرضنا للخطر سنحمي حقنا في الحياة، هذه مهمة الدولة والحكومة، مصر الداعم الأول للتنمية في أفريقيا وإثيوبيا، ولم نجد على مدار 10 سنوات من المفاوضات حول سد النهضة إلا أكاذيب إثيوبية، حسن النية المصري كان مقابله سوء نية ومماطلة وتعنتا إثيوبيا حتى أصبحت الحقيقة واضحة كالشمس، إثيوبيا تريد السيطرة على نهر النيل واستخدامه لفرض النفوذ السياسي، هذه ليست قضية تنمية بل تهديد وجودي لمصر وشعبها".
وأكد الكاتب ضرورة أن يتحمل مجلس الأمن مسئوليته قبل أن تتعرض المنطقة بأكملها للخطر، وقال "صحيح أن المصالح متفاوتة بين أعضاء مجلس الأمن، وصحيح أن قضية الأنهار العابرة للدول لها حساسية خاصة وتأثير مباشر على عدد من أعضاء المجلس.. لكن برغم كل هذه التباينات نجحت مصر والسودان في فرض أهمية القضية ليعقد مجلس الأمن جلسة خاصة لها، وعبر منصته وصل صوتنا عاليا إلى العالم كله، هذه قضية وجود وحياة".
وأشار الكاتب إلى أنه على مدار 10 سنوات انتهجت إثيوبيا سياسة المراوغة والتعنت والكذب لكسب الوقت، حتى بدأت الملء الثاني للسد بشكل أحادي دون اتفاق قانوني ملزم، مؤكدا أن مصر صبرت وفرضت الحقيقة بحكمتها، وكشفت أكاذيب إثيوبيا بحنكة سياستها.
وتساءل ميري: "هل ينتصر مجلس الأمن للحق والعدل ويلزم إثيوبيا بوقف الملء وانطلاق مفاوضات تنتهي باتفاق قانوني منصف وملزم خلال 6 أشهر؟، مختتما مقاله بالتأكيد على أن مصر لن تسمح بتهديد وجودها، وستحمي حقها في الحياة.
وعن (الدبلوماسية المصرية تهزم أثيوبيا في مجلس الأمن)، أشاد الكاتب عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة (الأهرام) بنجاح الدبلوماسية المصرية في هزيمة إثيوبيا في جلسة مجلس الأمن مساء /الخميس/ الماضي، وقال إن الدبلوماسية المصرية قادت المعركة ببراعة ضمن تنسيق محكم مع الشقيق السوداني، ونجحت - باقتدار - في وضع أزمة السد على أجندة المجلس - للمرة الثانية - خلال مدة قصيرة لا تتجاوز 13 شهراً.
وأوضح الكاتب الصحفي أن سامح شكري نجح في عرض قضية مصر العادلة أمام مجلس الأمن باعتبارها قضية وجودية بالنسبة لمصر، موضحاً مخالفات إثيوبيا للقانون الدولى، وانتهاكها للقواعد الحاكمة للأنهار العابرة، مؤكدا في الوقت ذاته أن مصر لها كل الحق في حماية حق الشعب المصري في الحياة لو تعرض للخطر بسبب السد الإثيوبي.
وتابع: "استشهد الوزير سامح شكري بتصريحات المسئولين الإثيوبيين، التي أكدت النوايا العدوانية الإثيوبية، حينما أشار إلى تصريح وزير خارجيتها بعد الملء الأول للسد، الذي قال فيه - بعجرفة وصلف - //إن النهر تحول إلى بحيرة، وإن النيل ملك لنا//.. وأيضاً استشهد بما جاء في خطاب وزير الخارجية الإثيوبي الموجه إلى مجلس الأمن - في 23 يونيو 2021 - الذى ذكر فيه //إن ملء وتشغيل سد النهضة دون السعى للتوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، هو مجرد ممارسة للحد الأدنى من حقوق إثيوبيا السيادية كدولة مشاطئة في مجرى مائي دولي".
وأكد الكاتب أن المجتمع الدولي لديه - الآن - دراية كاملة بالمشكلة ومخاطرها وأبعادها، لذلك ناشدت مصر مجلس الأمن العمل - بكل جهد ودأب - لتجنب تصاعد التوتر والأزمات فى تلك المنطقة الهشة.
وواصل الكاتب مقال بالقول "إن هناك بعض الدول تجنبت - أمام مجلس الأمن - تحميل إثيوبيا المسئولية المباشرة عن فشل المفاوضات، لكن الكلمات في معظمها أوضحت نجاح الدبلوماسية المصرية في تدويل قضية السد الإثيوبي ومخاطر المسلك الإثيوبي الأحادي، وضرورة التوصل إلى اتفاق قانويى ملزم، والتأكيد على حق مصر في حماية حق شعبها في الحياة والوجود بكل الوسائل والسبل.
واختتم الكاتب "سلامة" مقاله: إن الأيام القليلة المقبلة كفيلة بتوضيح مدى كفاءة مجلس الأمن فى القيام بدوره في حفظ الأمن والسلم العالميين، والكشف عن المواقف الملتبسة لبعض الدول، ومدى جدية تلك الدول في مساندة الحقوق المشروعة لدولتي المصب (مصر والسودان) في مياه نهر النيل باعتباره أطول نهر دولي عابر للحدود من أجل منع التصعيد والتوتر، وتحويل السد الإثيوبي إلى مصدر للتعاون والتعايش المشترك بدلا من أن يكون سدا للمشكلات والأزمات فى القارة الإفريقية.
وتحت عنوان (مشروعان: المصري والإثيوبي) كتب الدكتور عبد المنعم سعيد عموده (كل أحد) في صحيفة (المصري اليوم)، مستذكرا الأزمة الإنسانية التي تعرضت لها إثيوبيا - خلال عقد الثمانينيات - حينما ألمّت المجاعة بها، وبذل العالم جهودًا فائقة من أجل إنقاذ الشعب الإثيوبي، بالإضافة إلى التعاطف الشديد من الرأي العام والمجتمع المدني العالمي، الذي راح يرسل المعونات وأدوات الإغاثة، مبرزا دور مصر - حينها - التي لم تكن بعيدة عن حالة التعاطف الدولي هذه.
وقال الكاتب - مستنكرا - إن إثيوبيا تطرح مغالطة مفاداها "إنه على مدى التاريخ، حصلت مصر على الحصة الأكبر من مياه النيل، وكانت النتيجة أن مصر ازدهرت، بينما أصيبت إثيوبيا بالفقر والمجاعة".
وأقر الكاتب حقيقة تاريخية - تتغاضى عن إثيوبيا - أن حصول مصر على المياه ليس بمثابة حرمان إثيوبيا منها، وإنما وصول مياه النيل إلى مصر كان تجسيدا لعوامل الطبيعة التي تأثرت بها مصر أيضا في سنوات الجفاف.
وحيا الكاتب الصحفي، المصريين، الذين عملوا - بجد - منذ فجر التاريخ على إقامة أقدم الحضارات من خلال أولى الثورات الزراعية التي عرفها التاريخ الإنساني.. فلم يكن حفر القنوات واستنباط الدورات الزراعية ومراقبة حركة الشمس والرياح ومواعيد النهر في فيضانه ونضوبه إلا جزءًا مهمًا من التراكم الكبير في القدرات الإنسانية.
وأضاف "سعيد" أن ترويض النيل كان عملية تنموية شاقة، ومنذ دخلت مصر إلى طريق إنشاء الدولة الحديثة، فإنها استعادت حرصها القديم على النهر الخالد من خلال اتفاقيات لا تضمن فقط استمرار عملية التنمية فى مصر، وإنما أيضا أن يكون هناك توافق مع إثيوبيا على تحقيق الرخاء المشترك.
وشدد الكاتب على أن الأمر - الآن - ليس مختلفًا عما كان في السابق، فخلال المرحلة الراهنة فإن المشروع المصري الأساسي هو التنمية السريعة والمتعددة الأبعاد التي تنتشر مع العمران على كل المجال الإقليمي المصري، ومن نهر النيل إلى البحار الواسعة.
وأكد أن المشروع المصرى الراهن لم يقتصر على مصر فقط، وإنما امتد أيضا إلى دول الجوار وإثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل؛ "لكي نجعل من النهر العظيم خيرًا لكل الذين يعيشون على ضفافه".
وفي مقابل هذا، قال الكاتب إن المشروع الإثيوبي يختلف تمامًا عن المشروع المصري التاريخي، بالعودة إلى حلم السيطرة والهيمنة على الأقاليم والشعوب الإثيوبية، وهو ما كان سببًا من قبل في الاختلاف بين ما حدث في مصر وما جرى فى إثيوبيا عبر التاريخ، مؤكدا أن البناء في مصر لا يتوقف، بينما كانت الحروب والصراعات والمجاعات لا تنتهي في إثيوبيا.