حسين خيري يكتب .. كنيسة أهالينا.. دعوة للمواطنة
18.12.2018 06:31
Articles مقالات
بوابة الأهرام
حسين خيري يكتب .. كنيسة أهالينا.. دعوة للمواطنة
حجم الخط
بوابة الأهرام

بقلم حسين خيري

لا تغيب عن أذهاننا صورة وحدة المسلمين والمسيحيين في الحوادث الإرهابية التي لم تفرق بين مسلم ومسيحي، التي يرفع فيها المسلمون والنصارى شعارات تعبر عن صلابة وحدتهم وعمق ترابطهم.

 

وهذه الصورة لا تختلف في مشاعرها عن صورتهم أثناء مشاركة كلا الطرفين في أفراحهم وأعيادهم، وكما هم يلتفون في لُحمة عند المصاب، نجد النصارى يبادرون مع المسلمين في إفطار الفقراء الصائمين في شهر رمضان، ولم تكن هذه الصور وليدة تلك الفترة، وإنما تتكرر بشكل تلقائي عبر الماضي والحاضر، ولن يصيبها مكروه في المستقبل.

 

فقد أكدت الأحداث التي مرت في تاريخ مصر من مكائد في محاولة لإحداث فتنة ووقيعة بين قطبي مصر، فلم تستطع أن تنال من صلابة الوحدة الوطنية وعمق ترابطها، فقد فشل الاحتلال الإنجليزي في شق صفها ولم يفلح، واليوم هناك جامعات أوروبية في باريس ولندن تدرس تفرد التجربة المصرية في الوحدة وروح التسامح التي تسود جميع أفراد الشعب المصري.

 

ويأتي قرار الرئيس السيسي بضرورة إنشاء كنيسة في مشروع "أهالينا 1" بحي السلام، لحرصه على تأكيد معنى تلقائية مشاعر الترابط بين المسلم والقبطي، ولإقراره مبدأ إنشاء كنيسة في كل تجمع سكني جديد، وليبعث رسالة واضحة أن مصر لكل المصريين، وليعزز مفهوم حرية العبادة وأنها مكفولة للجميع، وليشير إلى أنه لا يغيب عنه حقوق شركاء الوطن.

 

وكان نفس الحرص حينما وضع اللبنة الأولى في بناء العاصمة الإدارية، فشرع في بناء مسجد ضخم وعلى مقربة منه شيد أكبر كنيسة في الشرق الأوسط، وأصر على صلاة المسيحيين والاحتفال بعيد الميلاد فيها خلال العام الماضي، وحضر معهم احتفالاتهم.

 

ويرسخ تساؤل الرئيس السيسي للمسئولين عن بناء كنيسة في منطقة أهالينا 1، معنى حقوق المواطنة في الدولة، وليوضح معنى أن الدولة المدنية لا تعرف التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب، وأن جميع أفراد الشعب بكل طوائفه يعيشون على أرض واحدة، ويشربون من نبع واحد، ويؤدون تحية علم واحد.

 

والإسلام في قرآنه وسُنته أقر حرية العبادة، وأوصى المسلمين بالتراحم مع النصارى، حيث قال الرسول "صلى الله عليه وسلم": "ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لكم منهم ذمة ورحمًا"، فمنذ اللحظة الأولى من وصول المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ساعدهم أقباط مصر، ورحبوا بهم ليخلصوهم من ظلم واستبداد الرومان البيزنطيين، وأحضر ابن العاص البابا بنيامين بطريرك الأقباط الثامن والثلاثين من مخبئه في الصحراء، وسلمه الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وسمح له ببناء الكنائس وفتح الأديرة، وممارسة العقيدة والعبادة في سلام وأمان.

 

واشترك المسلمون والمسيحيون في ممارسة العادات المصرية، كتبادل أطباق الطعام بين عائلاتهم، ومازالت طقوس أفراحهم وأحزانهم متأثرة بالعادات الفرعونية القديمة، حتى في "دق الهون" احتفالا بالمولود الجديد بعد أيام من ولادته، وليس غريبًا فدين الإسلام الحنيف وعقيدة المسيحية تحض دعوتهما على التراحم والمحبة.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.