الرقة، التي تشكل منذ أشهر هدفا لعمليات قوات سوريا الديموقراطية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن، مدينة عمرها آلاف السنين، وقد تحولت في العام 2014 إلى أبرز معاقل تنظيم داعش الإرهابى في سوريا.
بلغت مدينة الرقة أوج ازدهارها في عهد الخلافة العباسية. في العام 722م، حين أمر الخليفة المنصور ببناء مدينة الرافقة على مقربة من مدينة الرقة، واندمجت المدينتان في وقت لاحق.
وبين عامى796 الى 809م، استخدم الخليفة هارون الرشيد الرقة عاصمة ثانية إلى جانب بغداد، لوقوعها على مفترق طرق بين بيزنطية ودمشق وبلاد ما بين النهرين. وبنى فيها قصورا ومساجد.
وفي عام 1258م، دمر المغول مدينتي الرافقة والرقة على غرار ما فعلوا ببغداد.
تتمتع مدينة الرقة بموقع استراتيجي في وادي الفرات عند مفترق طرق مهم ،وهي قريبة من الحدود مع تركيا ، حيث تقع على بعد 160 كيلومترا شرق حلب وعلى بعد أقل من مئتي كلم من الحدود العراقية.
وأسهم بناء سد الفرات على مستوى مدينة الطبقة الواقعة إلى الغرب منها في ازدهار مدينة الرقة التي لعبت دورا مهما في الاقتصاد السوري بفضل النشاط الزراعي.
كان عدد سكانها يبلغ نحو 240 ألفا أضيف اليهم بعد بداية الأحداث نحو 80 ألفا من النازحين خصوصًا من منطقة حلب، بالاضافة إلى آلاف الإرهابيين مع عائلاتهم.
في الرابع من مارس 2013 وبعد عامين من بدء حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري، تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مدينة الرقة لتكون أول مركز محافظة في سوريا يخرج عن سلطة النظام.
واعتقل مقاتلو المعارضة المحافظ وسيطروا على مقر المخابرات العسكرية في المدينة، أحد اسوأ مراكز الاعتقال في المحافظة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
كما تم تدمير تمثال في المدينة للرئيس السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار الأسد.
لكن معارك عنيفة اندلعت بين تنظيم داعش ومقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة (وقتها) في بداية شهر يناير 2014 وانتهت بسيطرة التنظيم على كامل مدينة الرقة في الرابع عشر من الشهر ذاته.
وفي يونيو 2014، أعلن تنظيم الدولة الاسلامية إقامة "الخلافة" انطلاقا من مساحة واسعة من الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا.
في 24 أغسطس من السنة نفسها، بات تنظيم داعش يسيطر بشكل كامل على محافظة الرقة بعد انتزاع مطار الطبقة من قوات النظام.
وفرض التنظيم الجهادي قوانينه على الرقة، مستخدما كل أساليب الترهيب.
في يونيو 2015، خسر تنظيم داعش بعض البلدات عند أطراف المحافظة، أبرزها تل أبيض وعين عيسى التي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية.
لجأ تنظيم داعش الى الاعدامات الجماعية وقطع الرؤوس وعمليات الاغتصاب والسبي والخطف والتطهير العرقي والرجم وغيرها من الممارسات الوحشية في الرقة، ففرض سيطرته ونشر الرعب بين الناس.
وحرص التنظيم على استخدام كل التقنيات الحديثة لتصوير فظاعاته على أشرطة فيديو نشرها على الإنترنت.
تشكل مدينة الرقة منذ الخامس نوفمبر هدفا لعملية عسكرية واسعة لقوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية خلال الأشهر الماضية من إحراز تقدم نحو المدينة وقطعت كل طرق الإمداد الرئيسية للإرهابيين من الجهات الشمالية والغربية والشرقية، وهي موجودة حاليا على بعد ثمانية كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية في اقرب نقطة لها من المدينة.
وفي 24 مارس، أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان "اليوم يمكننا القول إن الرقة محاصرة ومعركة الرقة ستبدأ في الأيام المقبلة".
الرقة السورية..من عاصمة "هارون الرشيد" إلى وكر تنظيم داعش
اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.