
· “دير التكريتين”.. هو أصل دير السريان!
· اكتشاف نص سرياني حديث عن اثنين من مؤسسي الدير.
·أصل ارتباط كنيسة القديسين “بهنام وسارة” بدير السريان.
“ماروتا”.. لم يذكره سوي مخطوط واحد فقط!
·علاقة الراهب ” موسى النصيبيني.. بـ “باب النبوات”.
·مخطوط “المجامع” لابن المقفع يرد على “التاريخ” لابن بطريق.
يضم دير السريان عدداً من المخطوطات النادرة، ضمن 2000 مخطوطة قبطية وعربية وسريانية ويونانية وحبشية\إثيوبية تعود أزمنتها إلى ما بين القرن الخامس إلى القرن السابع عشر، والتي توثق تاريخ الدير ورهبانه والكتب التي تم كتابتها على مدار العصور.
وقد عقدت سفارة بريطانيا مؤخراً لقاءً موسعاً لتسليط الضوء على أهم الأعمال التي قامت بها مؤسسه “ليفانتين” Levantine Foundation أو “أهل الشام” للحفاظ على مخطوطات الدير، ومنها ترميم وفهرسة نحو 1000 مخطوطة من مخطوطات الدير القديمة التي يصل عمرها إلى 1500 عام، بدعم من صندوق حماية الثقافة التابع للمجلس الثقافي البريطاني.
ولهذا قمت برحلة خصيصاً إلى دير السريان الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس الميلادي.. ولم أكن أتوقع كل هذا الثراء التاريخي الذي تضمه مخطوطات الدير.. ولذلك، وبرغم الجهد الكبير المبذول في هذا الموضوع لكثافة المعلومات فيه، إلا إنني آثرت ألا أغفل أي معلومة مهمة منها، ليكون ما كتبت بمثابة تقرير شامل ومبسط وغني بالمعلومات الشيقة بالنسبة للقارئ.. وتقرير توثيقي بالنسبة للدير نفسه، شاهداً على بعضٍ من تاريخه من خلال المخطوطات التي يضمها من حيث طبيعتها وأزمنتها والمواد التي تحتويها.
في سؤال عن المدى الزمني لعمر المخطوطات بالدير؟ وما أهم ما تضمه؟
** أجاب أمين مكتبة الدير: إنه توجد مخطوطات من كل الحقب الزمنية، بدءً من القرن الخامس حتى القرن ال17 .. وأوضح أن مكتبة مخطوطات دير السريان قد افتتحها البابا تواضروس عام 2013، وقد تم ترميم المخطوطات في فتره زمنيه سابقة، و يقوم بترميمها في وقتنا الحالي مؤسسة “ليفانتين” والتي يرأسها السفير البريطاني السابق بمصر السير “ديريك بلامببلي” Derek Plumbly وتديرها السيدة إليزابيث سوبتشينسكي Elizabeth Sobczynski.
** أكبر مخطوطة هي مُجَلّد من 369 صفحة مكتوب باللغتين القبطية والعربية، وهي أقدم نسخة من العهد الجديد وقد نُقحت في الترجمات اليونانية والسريانية والإثيوبية واللاتينية
وتعتبر المخطوطات السريانية من أكبر مجموعات الكتب بالمكتبة، وأقدم مخطوطة هي جزء من كتاب يعود تاريخه إلى عام 411 ويسرد حياة الشهداء.
وتشكل المجموعة القبطية أكثر من 300 مخطوطة يعود تاريخها إلى نهاية القرن الحادي عشر حتى القرن التاسع عشر. الأهم فيهم هو أقدم إنجيل كامل باللغة القبطية للقديس يوحنا. ويتألف من 134 صفحة من الرق.
وهناك مخطوطة مهمة أخرى من القرن الثاني عشر وتحتوي على 114 صفحة من الرق حول تكريس كنائس جديدة.
ويعود تاريخ المجموعة الإثيوبية المؤلفة من 28 مخطوطة إلى القرن الثامن عشر، الأقدم فيها يحتوي على مزامير وترانيم للقديسة مريم وعلى الصلوات الإبتهالية الخاصة بالكنيسة الإثيوبية.
أما المخطوطات اليونانية فكلها غير مكتملة، وقد تم ترجمة الكثير منهم إلى السريانية. وفي المقابل فإن المخطوطات العربية هي الأكبر من حيث العدد ويعود تاريخها من القرن الثالث عشر حتى
النصف الأول من القرن العشرين.
# الأنبا “بيجول” سعي لترميم مخطوطات الدير
* وفي حوار مع الأب مسئول الآثار بدير السريان، كان السؤال الأول عن:
متى بدأ اهتمام مؤسسة “ليفانتين” بترميم مخطوطات دير السريان؟ ولماذا؟
** على حد علمي بدأ هذا عام 1999 عندما أخذ الأنبا “بيجول” إذن سيدنا بالاهتمام بمخطوطات الدير وكانت حالتها سيئة جدا، فبدأ يبحث عن مؤسسات للترميم بحيث إنها تساعدنا في ترميم المخطوطات، إذ لم يكن لدينا إمكانيات، حتى توصل إلي السيدة إليزابيث سوبتشينسكي الإنجليزية واتفقوا على التعاون في مجال ترميم مخطوطات دير السريان ، وبدأوا ينشئوا جمعية الحفاظ على مخطوطات دير السريان، حتى يكون هناك دعم من خلال الجمعية لترميم مخطوطات الدير، ولأنه لم يكن هناك سوى المكتبة القديمة، فرويداً رويداً تم بناء هذا المبنى الجميل بمساعدة المؤسسة وأبونا “بيجول”.
# طبيعة المخطوطات التي تم ترميمها
ما هي طبيعة المخطوطات التي تم ترميمها؟
** الكتب القديمة التي تم ترميمها، فيها ميامر وسير قديسين أو سير رهبان (مثل مخطوطات بستان الرهبان)، وكتب لاهوت، وكتب تتكلم عن العقيدة والفكر المسيحي والتي ظلوا محافظين عليها من جيل إلى جيل.
وكافة المخطوطات سواء أناجيل أو كتب طقسية تستخدم في الكنيسة.. (خولاجيات\ قطمارس\ سنكسار).. كانت عن الحياة الديرية.. ولا تهتم كثيراً بتفاصيل تاريخية واجتماعية.** وأضاف: لدينا حوالي 50 مخطوط سرياني، من القرن الخامس حتى التاسع، وكانوا بحالة سيئة، وقد رمموا منهم ما يقرب من 12 مخطوط، فهم ينظفون الكتب من أي فطريات أو حشرات -متعلقة بقدم زمن الورق- أو تراب.. ولو كان الكتاب مقطوع أو مهترئ يقومون بتخييطه وتثبيت الورق فيه، وتثبيت جلدته (غلافه)الخارجي.
* وأوضح الأب الراهب أن المخطوطات الموجودة ترقم بأرقام فردية، بمعنى أن كل صفحتين تأخذان رقم واحد، أو أن مثلا الورقة تأخذ رقم واحد في وجهها وخلفيتها.. وقال: كل المخطوطات على هذا المنوال، على عكس مخطوطات القرن ال 20 التي فيها 1،2،3… فالمخطوطة التي بها حوالي 300 ورقة.. تعني أنها تضم 600 صفحة مكتوبة..
* وكثير من المخطوطات ليس لها أسماء، ومنها مخطوطة وحيدة في دير السريان، فريدة من نوعها، وهي من القرن الخامس وباللغة السريانية.. من الكتاب المقدس.. وعندنا مخطوط جميل جداً باللغة القبطية من القرن ال 13.. للأربع بشاير من العهد الجديد بالكتاب المقدس، ومن روعة وجمال هذا المخطوط تشعري أن الألوان مكتوب بها اليوم، رغم أن الكتاب من القرن ال 13م.
*وأحياناً يكتب بعض أسماء الرهبان الذين كتبوا داخل الكتاب، ولكن هذا ليس معناه أو ليس دليل على أنهم كتبوا الكتاب كله، مثال شخص كاتب (يا رب اذكر عبدك عبد المسيح).
وهناك “يوحنا الفيومي” المشهور جداً عندنا، لأنه كتب كُتباً كثيرة جداً، وفيه مخطوط عندنا هنا كان المالك له المعلم إبراهيم الجوهري، ولكن ليس هو الذي كتبه، هو فقط صرف على شراء ورق الكتاب وطباعته.
ما أهم المخطوطات التي مع ترميمها اكتشفتم أنها مميزة؟
** من الأشياء الجميلة أن لدينا أقدم مخطوط مكتوب باللغة السريانية للأربعة بشائر، وفيه تاريخ… وهناك مخطوط ضخم في قسم اللاهوت سعدنا به جداً، لأنه لم يكن به تاريخ، ولم يستطع أحد الوصول إلى تاريخه مدون في أي جزء، ولما بدأنا قراءته رويداً رويداً وجدنا _رغم أنه ورق قديم ومتهالك – مدى دقة الكاتب وأنه كاتب تاريخ نَسْخه للمخطوطة بخمسة تقاويم مختلفة.. إذ كتب تقويم بالميلادي وبالقبطي (تاريخ الشهداء)، والهجري، وتاريخ الإسكندر (الروماني)، وتاريخ العالم.. وعندما تحولي الأرقام التي كتبها كلها باللغة القبطية لأرقام حسابية.. تجدي أن كل التواريخ متطابقة مع بعضها، وبينهم علاقة.. إذ عندما تضيفي على القبطي 284 يطلع الميلادي وعندما تطرح 311 من تقويم الإسكندر يطلع منه تقويم ميلادي.. وهكذا.. عندما نقوم بطرح أي تقويم من الآخر كانت الأرقام تعطي نفس السنة..
ومعني أنه يكتب الخمسة تقاويم لليوم الذي يكتب فيه الكتاب بهذه الدقة.. أنه كان عالم متعلم ومثقف جداً.. وقد اكتشفنا أن الكتاب من القرن ال 13 .. ولأنه كان قرن قحط والناس فيه كانوا فقراء ومساكين جداً، فكان الشخص عندما ينتهي ما يكتبه أو ينقله.. لم يكن يترك بقية الصفحة خاوية لأنه ليس معه نقود ليشتري صفحات جديدة، فيبدأ من السطر التالي كتابة جزء جديد.. لأنه كان لا يريد حتى ترك نصف سطر.. فكان يخلص الجزء الأول الذي كان يكتبه ويضع نقطة، ثم يبدأ يكتب جزء جديد في السطر التالي.. ولهذا اكتشفنا الكتاب الثاني مع القراءة المتروية.. لأن الكاتب لم يكتبه حتى بلون مختلف. إذ كانوا ما يكتبون العناوين باللون الأحمر عادة ولكنه لم يكتب باللون الأحمر بل أكمل كتابة باللون الأسود…
فالكتاب يبدأ بـ (نبتدئ بعون الله وتوفيقه في نسخ كتاب “البيان” للأنبا ساويرس ابن المقفع أسقف الأشمونيين).. وهو يعتبر كتاب من الكتب النادرة جداً في مصر، وربما هذه هي النسخة الوحيدة عندنا.. ولا أحد يعرف أن هذا الكتاب موجود؛ لأن بدايته لا يستطيع أن يقرأها أحد بسهولة.. لأنه مجرد تكملة سطر وبدون لون مختلف كما ذكرنا.# المجامع والتاريخ!
على حد معلوماتي، كان كثيراُ ما ينسب لابن المقفع الكتب التاريخية التي توثق الأحداث بالحقب الزمنية، فهل كان الكتاب من هذا النوع؟
** ليس في كل الأحوال، الكتاب الذي أتحدث عنه هو “كتاب البيان”.. مشكلة الأب ساويرس ابن المقفع أن كتبه لها “قائمتين”.. قائمة 26 كتاب.. وقائمة 20 كتاب.. فإذا أعجب شخص ما يفصل من فصول كتاب.. فإنه ينسخه.. فيحسب الفصل المستقل هذا على أنه كتاب ثانٍ.. ومن هنا أتي التضارب في قائمة الكتب التي قام بتأليفها… ولهذا هناك كتاب اسمه “البيان”.. وكتاب آخر اسمه “مختصر البيان”.. والأخير يكون غالباً نتاج أن واحد قرأ كتاب “البيان”.. وأعجب به.. فأحب أن يقوم بعمل اختصار لنفسه.. فيكتب جمل ليس فيها ترابط بينها وبين بعض.. كي يفهم ويفكر نفسه بالمحتوي الذي كان قد قرأه في الكتاب الأصلي. والكتاب الذي لدينا بالدير هو “مختصر البيان” ويدور حول العقيدة.. حيث يتحدث عن الثالوث والتجسد والفداء.. وهي العقائد الكبرى الأساسية الخاصة بالمسيحية..** وعامة ابن المقفع كتب كتاب باللغة العربية هو “المجامع”، أو الرد على سعيد ابن بطريق، صاحب كتاب “التاريخ”… حيث كان يوجد شخص “خلقدوني” اسمه سعيد ابن بطريق، وفيما بعد أصبح بطريرك الخلقدونيين في مصر، وكانوا يسمونه “البطريرك أفتيخوس”.. فسعيد ابن بطريق كتاب “التاريخ” باللغة العربية.. فهو أول من كتب باللغة العربية في مصر.. وقد كتب وشتم في الكنيسة القبطية بشدة، وينص ما كتبه على (أنه يهين الملة اليعقوبية).. الذين هم “اليعاقبة” …. (أي تبع يعقوب البرادعي الذي كان بطريرك لمدة 37 سنة.. وعمل نهضة كبرى في بلاد الشام وغرب الإمبراطورية الفارسية ومصر وحتى أرمينيا).. ولأن سعيد ابن بطريق شتم جامد في العقيدة القبطية.. كان من اللازم أن يرد عليه ساويرس ابن المقفع، ولهذا كان كتابه “المجامع” أول كتاب يكتبه باللغة العربية ليرد عليه، كما أنه هو نفسه يعتبر أول كاتب في الكنيسة القبطية يكتب بالعربي.. وفي الكتاب رد ابن المقفع على ابن بطريق بأن كلامه كله غلط، وأعطى الأدلة على ذلك.
** وهناك كتاب يُنسب لابن المقفع وهو “سير البطاركة”.. وفيه يوثق الأحداث التاريخية في مصر في حقبة من الزمن.. فعندما يتحدث مثلاً عن “البابا بنيامين رقم 38 ” سنجده بالضرورة يتطرق إلى دخول العرب مصر.. ويتطرق إلى الحروب التي حدثت ما بين “عمرو بن العاص”.. و”الرومان”.. وحصار إسكندرية.. وكذلك حصار بلبيس.. وكل هذه الأحداث موثقة بتواريخها.. لأنه يسرد قصة بطريرك عائش في وسط الناس ويحتك بهم.. ويسافر عن طريق النيل.. فيرصد ابن المقفع مثلا ماذا حدث معه وهو مسافر.. عندما خرجت عليه الجيوش ذات مرة.. وكانت تابعة مثلاُ للملك الأشرف… وعملت إيه.. فكان يجب أن يتطرق لأحداث وسياسة البلد.. خاصة وأنه شخص يمثل رأس الكنيسة.. ويحتك به رؤساء الدولة.. سواء كان والي أو أمير.. أو أي حاكم.. مثال آخر البطريرك “يوساب الأول”.. جاء أمير ما تبع الفاطميين.. أتى به وتشاجر معه ورماه في السجن.. لأنه يريد فرض الجزية.. فكان يتطرق أحياناً للتفاصيل الاجتماعية وهو يتكلم عن سير البطاركة.
هل هناك كتاب آخر يؤكد صحة الأزمنة التي وردت في كتاب مثل “سير البطاركة”؟** مثل هذه المعلومات يمكن أن نجدها بالتفصيل في كتاب صدر لشخص اسمه “عبد العزيز جمال الدين” اسمه “تاريخ مصر من خلال مخطوط تاريخ البطاركة للأنبا ساويرس ابن المقفع”.. وطبعته مطبعة مدبولي في 6 أجزاء، كل جزء حوالي 1000 صفحة، وطُبع طبعة ثانية من خلال مكتبة أخرى في 10 أجزاء. وسواء هذا أو ذاك فالمحتوى واحد.. فالصفحة الواحدة من الكتاب تتضمن في الجزء العلوي منها تاريخ البطاركة، بنفس ألفاظ المخطوطة.. والنصف السفلى من الصفحة التاريخ المدني.. المتابع لها في نفس الفترة التي رصدها البطرك في أعلى نفس الصفحة! بحيث الذي يقرأ لما كتبه البطريرك فوق.. سيجد أنه نفس الزمن أو نفس الحقبة في أسفل الصفحة ويقدر يقارن بين أحداث نفس الحقبة مع أحداث التاريخ المدني.. وقد اكتشفوا مدى دقة ساويرس ابن المقفع في أن الجزء الذي كتبه وجزء الناس الذين كتبوا بعده نُسب لساويرس.. رغم أنه مجرد كاتب جزء..
وبعد ابن المقفع كتب كثيرون أيضاً سير البطاركة.. مثلاً واحد اسمه “ميخائيل” كان واحد علماني ومتزوج وإنسان عادي خالص.. عاش خلال فترة حياة ثلاث أو أربع بطاركة.. فكتب سيرهم.. ولكنها نُسبت إلى ابن المقفع، وانضمت إلى الكتاب الأول.. وهكذا دواليك.. تتكرر الإضافات على مدار الأزمنة.
وهل هذه الإضافات معترف بصحتها الدير؟
** نعم، بالتأكيد، وقد طُبع كتاب سير البطاركة في ثلاثة أجزاء موجودة عندنا بمكتبة الدير.
# وعن أهم المخطوطات السريانية التي ترمم..
** قال الأب الراهب: إنه علاوة على المخطوطات العربية والقبطية.. هناك المخطوطات السريانية، وهي حوالي 48 مخطوطة مهمين جداً، ومنهم المخطوطة التي ذكرنا أنهم أقدم مخطوطة سريانية على الإطلاق، من القرن السادس (516 ميلادياً).. كما أن هناك مخطوطات باللغة الحبشية، وقليل منها باليونانية، وغالباً هي على ورق بردي. وليس بالضرورة أن كاتبها كان يونانياً.. إذ أنه حتى القرن العاشر الميلادي كان يتحتم على الشاب المسيحي تعلم القبطي واليوناني.. من أجل أن يصبح شماس ويعرف يرد بالقداس.. وكان بتخرج من “كُتَّاب الكنيسة”.. حافظ ال 150 مزمور وحافظ إنجيل يوحنا.. وكانت هذه البدايات حتى قبل تعلم أي لغة.. فمن ضمن قوانين الأنبا “باخوميوس” إنه من أجل أن يُقبل طالب الرهبنة.. يجب أن يحفظ رسالتين وسفر الرؤيا.. ولما يبدأ في طريق الرهبنة بالفعل يجب أن يزود ما يحفظه.. لأن كل هذا يستخدم في الصلوات الفردية.. وكل هذا موثق في المخطوطات.. ولكن تلك القوانين كانت متعلقة بالأنبا ياخوميوس والأنبا شنودة وكانت في الصعيد وليست مطبقة في برية شهيت بوادي النطرون..
_ هناك مجموعة من كتب اللاهوت (حوالي 52 كتاب لاهوت) يظهروا كيف كانوا محافظين على الإيمان، ويسلموه من جيل إلى جيل.. ويدفعون كل ما يملكونه لعمل هذه الكتب.. نحن لن نتخيل كم كان يتكلف هؤلاء لعمل مثل هذه الكتب، خاصة وأن الدنيا كانت قحط شديد وهم كانوا فقراء جداً، فكان الشخص يحوش يستقطع من قوته وأحيانا قوت أولاده ليستطيع أن يعمل كتاب مثل هذا ليورث التعاليم لأولاده من بعده.. فهؤلاء الناس حاربوا وجاهدوا بشدة لتسليم الإيمان من جيل إلى جيل.. وقيسي على هذا ليس كتب اللاهوت فقط ولكن كتب القطمارس والأناجيل نفسها..وطبعاً من المستحيل أن تجدي في أي مخطوط كتاب مقدس كامل، حتى العهد الجديد، بل مثلاً كان كتاب يضم الأربعة رسائل وحدهم، وآخر الرؤيا وحده، لأن الأحجام كبيرة ولا يوجد طباعة، فكان كاتب الكتاب يكتبه بخط يده فكان الكلام مفرود على الصفحة ويأخذ مساحات كبيرة وكل هذا كان يكلف أكثر.. فإذا نظرنا إلى كم الجهد المبذول في المخطوطة فيجب أن تلتمس العذر لو كان بعضها فيه أخطاء طفيفة من كاتبها، فنحن في زماننا هذا الذي تتدفق فيه المعلومات بغزارة نستطيع تصحيحها.. وكلها أمور لا تفرق عند ربنا لأنه يعلم أنها جاءت بدون قصد. هل توجد أية مخطوطات -اُكتشفت- تعود إلى القرون الأولى (حقبة السيد المسيح)؟
** ليس لدينا مخطوطات بهذا القدم.. كل ما لدينا مخطوطة أو اثنين يعودان للقرن ال 5 وال 7م، وهما كتاب مقدس منسوخ بخط اليد. وهناك كتب نسكية ولكن ليست كثيرة. مثلاً هناك نسكيات من القرن ال 6 باللغة السريانية، تتحدث عن الحياة الرهبانية والنسك في العبادة.
وهناك كتب لاهوت من القرن ال 13، وعندنا بعض الكتب باللغة الحبشية، وإن كانت حديثة نسبياُ من القرن ال17. وفيه عندنا رهبان أحباش (من الحبشة\أثيوبيا) في الفترة المتأخرة.
# ظروف مجيء السريان لمصر وإقامتهم للدير
هل هناك أية مخطوطات توضح ظروف مجيء السريان لمصر وإقامتهم في هذا الدير؟ وما أسباب رحيلهم؟
** هناك كتب تقول إنهم في فترة زمنية معينة تجمعوا هنا بدير السريان.. وهناك بعض الكتابات عل الحوائط والجدران في الكنيسة، مدون عليها تواريخ، كتاريخ تولي رئيس الدير في فترة ما، وكان سرياني.. ولو ذهبتي عند “باب النبوات”.. ستجدي اسم رئيس الدير مدون.. (في القرن ال 7 الميلادي..).
** أما عن الظروف التي أتوا فيها، فهي أنه حدثت غارة من البربر على المنطقة هنا في عام 817، وهي تعتبر الغارة رقم 5 من غارات البربر ولكنها كانت الغارة الوحيدة المختلفة عن الغارات الأربعة التي قبلها، فالبربر كانوا عادة يهجمون على البرية بهدف السرقة، ولكن الغارة الخامسة كانت سرقة وتخريب، فهدموا جزء من الكنيسة.. ونحن لا نعرف كيف كان شكل تصميم الكنيسة القديمة ولا شكل الجزء الذي تم تخريبه وهدمه أيضاً.. ثم أتي اثنان من الرهبان من سوريا.. واحد اسمه متى والآخر يوحنا، في حدود عامي 818\819 .. وذهبوا إلى بطريرك الإسكندرية وقتها وأخذوا منه إذن إنهم يأتوا ليعيشوا في هذا المكان.. ويكملوا بناء الكنيسة.. ويبنوا لأنفسهما “قلايتين” (بيت سكن الرهبان) يعيشان فيهما..
** وحديثاً اكتشفنا أيضاً نص سرياني مكتوب على الحائط.. أُرسل لنا ترجمته منذ بضعة أيام ووجدنا اسمين آخرين.. أحدهما اسمه “إبراهيم”، والآخر “ثؤدور”.. واللذان جاءا في نفس الفترة بعد أبونا متى وأبونا يوحنا، فهؤلاء الأربعة رهبان السوريين هم النواة الأولى، والذين جاءوا واستقروا بالمكان. وأسسوا الدير.** قيل أيضاً – في مرجع واحد فقط- إن شخص اسمه “ماروتا” من تكريت، هو الذي دفع فلوس للبطريرك من أجل أخذ حق ملكية الكنيسة، لأنه في السابق لم يكن دير، بل مجرد كنيسة قائمة بإسم السيدة العذراء، وليس تجمع رهباني، إذ لم تكن هناك أي رهبنة بالمكان.. ويستكمل المرجع قصة “ماروتا”_ التي لا نعرف بعد مدى صحتها- ويقول إن “ماروتا” عاد لبلده مرة أخرى، وأصبح أسقف على منطقة تُسمى “ميافارتين\ ميافارقين “، وأصبح قديس في الكنيسة السريانية باسم “مار ماروتا”، أو “مار ماروثا” بحسب نطق الكنيسة السريانية للإسم، كأسقف تكريتي على ” ميافارقين”.
** وفي البداية أيضاً لا نعرف ما هو سر وجود كم كبير من العراقيين في مصر.. ولكن لاحظنا أن أغلبية من جاءوا ليترهبنوا في التجمع الرهباني هنا.. كلهم من تكريت! وقد سُمى الدير في البداية بإسم “دير التكريتين”..
ولكن بعد ذلك بدأ يدخل عناصر مختلفة من الكنيسة السريانية.. مثلاً نجد راهب – مهم جداً في التاريخ_ اسمه أبونا “موسى النصيبيني”، والذي كان رئيساً للدير في القرن ال 10م، وهو من عمل نهضة ضخمة في دير السريان، فهو الذي ذهب إلى بغداد، وبقي هناك حوالي 5 سنوات، اشترى فيهم 250 مخطوطة، وأحضرهم معه من هناك، وعمل باب الرموز (باب الهيكل \ باب النبوات)، وهو الذي زين هيكل كنيسة السريان من الداخل بالرسومات والأعمال الجصية، وعمل رسومات أخرى في حوائط الخورس وصحن الكنيسة، وما أريد قوله ليس الهدف منه التركيز على النهضة اللي عملها.. ولكن على أنه كان من بلد اسمها “نصيبين” وليس من بلدة “تكريت”، أي أنه قد بدأت عناصر تأتي من الكنيسة السريانية.. وبقوا في الدير، وعاشوا حياتهم الرهبانية فيه.
** وأوضح الأب مسئول الآثار بالدير أنه كان هناك تجمع سرياني كبير موجود في مصر.. لدرجة أنه حتى هذا اليوم يوجد سوريون.. فحالياً وبسبب مشاكل داعش، أتى السوريون لاجئين للأمان هنا.. وفي تلك الحقبة، حوالي (800- 830).. كان هناك مشاكل كبيرة على نفس الشاكلة.. في سوريا وفلسطين وغيرها.. بسبب التنازع على الخلافة الإسلامية.. فكان كل طرف يريد الخلافة.. فهناك من يريدها في دمشق، وآخر في بغداد.. فتقوم حرب هنا أو هناك.. فكثيرون كانوا يهربون ويرحلون من المكان.
وأضاف: هناك قصة مماثلة في التاريخ للأنبا “ساويرس” الأنطاكي بطريرك الكنيسة السريانية.. الذي جاء واختبأ بمصر.. وظل بها 21 سنة، ومات هنا. وهناك الكثيرون الهاربون من سوريا الذين أتوا للاختباء في مصر.# رحيل السريان عن الدير!
** وتابع: ظل هذا الوضع قائماً حتى بداية القرن ال16، ولكننا نجهل لماذا رحلوا! فكل الرهبان السريان رحلوا من الدير، وجاءوا إلى القاهرة، وذهبوا لكنيسة مار مينا في فُم الخليج، ولهذا إذا ذهبت إلى هذه الكنيسة، أول ما تدخلي من الباب ستجدي إلى يمينك مبنى يسموه “مقر السريان”، هذا لا يخص المكان، ولكنه قائم لأن الرهبان السريان كانوا يعيشون هنا..، وبنوا كنيسة في الدور الثاني فوق كنيسة “مار مينا”، وسموها بإسم “بهنام وسارة”، وهما قديسان مهمان جداً عند السريان، وقد أحضروا جزءً من رفات “بهنام وسارة”.. والكنيسة والرفات مازالا موجودين بإسم “بهنام وسارة” في كنيسة مار مينا في فُم الخليج.
وكما قلت لا نعرف تحديداً لماذا رحلوا، إذ تضاربت الأقوال، ولكننا نعرف متى أتوا إلى الدير عندما وثقوا تاريخ مجيئهم عام 818 على حائط كنيسة السريان، في الجهة البحرية، وكتبوه باللغة السريانية، كما وثقوا على حائط الكنيسة قصة طلب الراهبين متى ويوحنا من بابا الإسكندرية استكمال بناء الكنيسة.
وأضاف الأب مسئول الآثار بدير السريان، أن كثير من الكتب السريانية تشملها عملية الترميم، لأنها كتب قديمة، لأن السريان مكثوا في الدير من القرن ال5 إلى القرن ال9 الذي تركوا فيه الدير وذهبوا لكنيسة مار مينا.
ما الهدف النهائي لمشروع ترميم مخطوطات الدير؟
** الهدف هو المحافظة على كل مجموعة الكتب التي لدينا، والمؤسسة تساعدنا لتحقيق ذلك بتعريفنا المواد التي يجب أن نستخدمها، فهم يقدمون لنا محاضرات عن طرق الحفظ، وعن أساسيات الترميم، بحيث لو وجدنا مخطوط مهترئ.. فكيف ننظفه.. ونزيل منه أي فطريات _بسبب الأتربة المتراكمة على مدار الزمن_ فهم يعلمونا كيف نحافظ عليه حتى يأتون لاستكمال ترميمه.. وفي نفس الوقت لو هناك كتب مهترئة يرمموها. فالخطة أننا نمحص كل الكتب التي بالمكتبة، ونرصد المحتاج ترميم ونعرضه عليهم، وهم يدبروا ترميمه.
# رفع تقارير بأية معلومات غير دقيقة بالمخطوطات! إذا اكتشفتم مع ترميم وتمحيص هذه الكتب أن هناك معلومات غير دقيقة في بعض التواريخ مثلاً.. هل ترفعون بها تقريراً لتصحيح السابق؟
** في هذه الحالة نكتب عنها تقرير، على هامش المخطوط أو في كراسة جنب المخطوط، نحذر من يقرأ المخطوط أن هناك معلومة ما غير دقيقة، ولكن لا نغير المعلومة نفسها بل نتركها كدليل أن هناك من كتب معلومة غير دقيقة داخل المخطوط.
ما الملحوظة التي توقفت عندها خلال عمليات الترميم هذه؟
** لاحظت أن كل المطبوع السابق يؤكد المطبوع حالياً، لأن هناك من يُشكك في المكتوب في الكتب الجديدة في معلومة ما، لأنه في هذه الحالة نعود للكتب القديمة ونثبت أنها كانت معلومة موثقة ومدونة من قبل، ومعظم هذه تكون في كتب اللاهوت وفي كتب الليتورجيا وطقس الكنيسة؛ فالمخطوطات تتضمن (كتب عن طقوس الكنيسة ونص الكتاب المقدس، تفسيرات الكتاب المقدس، قانون ولاهوت (عن القوانين الديسقولية التي وضعها الآباء الرسل للكنيسة وعن اللاهوت)، وعندنا النسكيات والآبائيات، وبعض سير القديسين “ميامر القديسين “).
حسب معلوماتي هناك اختلافات في بعض الكتب؟
** الاختلافات تكون أغلبها في كتب سير القديسين، فقد يكتب أحد ما سيرة قديس بدون توثيق دقيق فيضيف لها جزء من سيرة قديس آخر، والآباء الذين يدرسون عندنا بارعين في رصد مثل هذه النقاط، وهم يكتبون عنها ملحوظات بضرورة التصحيح.
** السنكسار تم تعديله منذ ثلاث أو أربع سنوات بالفعل من لجنة يرأسها الأنبا متاؤس بناء على كتب المخطوطات وينقصه فقط إضافة لسير بعض القديسين، ولكن مازالت في انتظار اعتراف المجمع المقدس بها.
ماهي رؤيتك العامة لسير القديسين عند مراجعتها وتنقيحها؟
** سير القديسين كانت تُكتب دائماً بعد حوالي 50 سنة من جهادهم، ولكن للأسف الجيل الحالي يريدون أن يبدأوا من حيث انتهى الآخرون – أي بدون جهاد كافٍ_ فالأمر قديماً كان أشبه بالمستحيل الآن، كمثل أن نعرف أن واحد كان يأكل مرة واحدة في الأسبوع أو يعمل 500 مطانية (سجدة) في اليوم. ففي جيلنا حيث تكثر الأمراض والتلوث فهذا مستحيل بالطبع.. لأن البنية الجسمية لم تعد كالماضي، رغم أن الآباء الأوائل كانت معيشتهم بسيطة كلها قائمة على البقوليات – كالعدس والفول- والخضروات المزروعة في الجبال حولهم، أي أن أكلهم على طبيعته بسيط دون طهي في أغلبه، كما أن البيئة وحياة الأديرة كانت قاسية، فكان الراهب ممكن أن يأكل يوم ولا يأكل يومين، وهذا كله مثبت في المخطوطات.
# المخطوطات تعكس قوة وجمال قبول الآخر!
** واختتم الأب مسئول الآثار بالدير حواره معي قائلاً: إنه من الأشياء الجميلة في المكتبة أن تجد كتب بلغات مختلفة وهذا يعكس غنى الفكر المصري – منذ القدم _ وأنه كان يقبل كل الثقافات وكل الأشخاص من الجنسيات الأخرى إنهم يتعايشون معه. منهم الأرمن، الأحباش، السريان، ومن الأشياء اللطيفة أيضاً أن هناك شخص جاء إلينا منذ فترة بسيطة.. طالب رهبنة من شمال العراق.. يريد العيش معنا والرهبنة وسطنا.. وهذا يبين الفكر المنفتح بالنسبة لنا.. وأن الرهبنة المصرية تقبل كافة الجنسيات الأخرى.. وهذا نفس ما نجده في رهبنة الأنبا باخوميوس “أب الشركة”.. أنه كان عنده رهبان أجانب.. وإذا رجعتي إلى القرن الرابع الميلادي في تاريخ الرهبنة.. ستجدي القديسين “مكسيموس وديماديوس”.. والأنبا أرسانيوس كان إيطالي، فكل هؤلاء كانوا ناس أجانب وترهبنوا عند أبو مقار الكبير.. وعند أنبا باخوميوس.. فمن بداية الرهبنة وهناك قبول لجنسيات أخرى غير المصريين.
# لقاء مع علماء فهرسة المخطوطات
وفي لقاء مع أربعة متخصصين من فريق العمل القائم على فهرسة المخطوطات وعمل كتالوج عنها، كان سؤالي الأول عن كيفية التعرف على عمر المخطوطة؟
** أجاب ستيفن دافيس Stephen Davis، بأنه يوجد في المخطوطات ما يسمى بالـ “تذييل”.. أي الكلام المكتوب في ذيل (نهاية) المخطوط، وهذا الذي يوضح عمرها.
ويشرح أ. رامز ميخائيل أن الـ “تذييل” يسجل فيه كاتب المخطوطة نفسه كلمتين في نهاية – أو أحيانا في منتصف _ المخطوطة، يشرح فيهم نوعية المخطوطة التي كتبها، والتاريخ التي كتبها فيه.. وأضاف دافيس إنه لم يكن هناك زمن مكتوب لتاريخ المخطوطة في الـ “تذييل”.. لا يمكن معرفة زمن المخطوطة بدقة.. فقط يمكن أخذ فكرة تقريبية عن احتمالية زمن معين له من نوع الورق نفسه.
ألم تفهرسوا أية مخطوطات نادرة على شاكلة ما وُجدت بوادي قمران؟
** يوسف يوحنا: المخطوطة أساساً نادرة، مثل الكراس التي يكتب فيها الشخص ما يريد، فكل مخطوطة فريدة ليس لها مثيل، مثلاً هذه المخطوطة كتبها من سيصبح بطريرك بعد ذلك.. وكان وقتها مازال راهب في الدير عندما كتب المخطوطة.. والذي هو يوحنا الناسك الذي سيصبح فيما بعد البابا كيرلس الخامس..
هل تظهر المخطوطات اختلافاً في طقوس الصلاة قديماً عن الوقت الحالي؟
** رامز: بالطبع، هناك اختلاف في كل شيء، مثلاً.. في مجالي عملي الشخصي.. أنا أدرس التغيرات التي حدثت في الطقوس، من كل الجوانب.. من حيث صلوات الكاهن.. قراءات الكتاب المقدس التي كانت تُقرأ في السنة.. مثلاً كنا نتصفح هذا الكتاب بالأمس وهو من القرن الـ 13، وكان يستخدم في أسبوع الآلام.. وفيه القراءات التي كان يتم اختيارها من الكتاب المقدس من العهد القديم والجديد لتستخدم في أسبوع الآلام.. وكلها تختلف كلياً عن الكتب المطبوعة التي نستخدمها الآن.. بمعنى أنهم كانوا مختارين حاجات مختلفة ليقرأوها، ولذا يهمنا نعرف من أين تلك القراءات، ولماذا تغيرت.. ولهذا فمجالي كله يتمحور حول هذا الموضوع.. كيف يتغير الطقس في أماكن وأزمنة مختلفة.
وماذا عن الصيام، هل هناك تغيير في مدته أو طبيعته على مدار الزمن؟
** يوسف يوحنا: بالتأكيد الصيام تطور وتغير مثله مثل كل شيء.. فهناك مثلاً أيام كانوا يسمحون فيها بأكل السمك، وعدم الصيام الانقطاعي في الصيام الكبير.. كمثل وقت عيد الـ 40 شهيد سبسطية.. وهي بلد في أرمينيا.. حيث تم استشهادهم بالنزول للبحيرة المتجمدة وماتوا هناك.. وواحد منهم خاف فخرج خارجاً وكانوا واضعين لهم خارج البحيرة ماء ساخن جداً.. فلما نط فيه انفجر جسده.. أضاف رامز: الصيامات وتطورها لها كتبها.. وهي في أنواع مخطوطات مختلفة.. فهي بالأكثر في كتب قوانين الكنيسة.. ولكن هذه المخطوطات تركز على كتابات الآباء الرهبان والكتابات اللاهوتية.
ماذا توقفت عنده وأنت تمحص مخطوطات الكتابات اللاهوتية القديمة؟
** مارك سوانسن Mark Swanson: التراث القبطي اللاهوتي غني جداً، وكذلك التراث اللاهوتي بالكنائس الأخرى.. أي الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية، فكلنا ممكن نتعلم من الكتب اللاهوتية، وهي حقاً كنوز.. إذ نري كيف كان معلمو الكنائس يعبرون عن إيمانهم على مدار قرون..
** أضاف دافيس: هذه الكتب عبارة عن تاريخ الدير عبر القرون، وتفسيرات لها.. والعمل عليها أشبه بإبحارنا في بحر كبير بلا نهاية..
ماذا بعد الفهرسة؟ ما الهدف النهائي للمشروع؟
** دافيس: سوف ننشر كتالوج في 8 أجزاء ، هناك جزئين عند الناشر بالفعل الآن، ويتم تصحيح الجزء الثاني للسلسة حتى نتأكد أنها بلا أخطاء.
ما الذي تتمنوا أن يعرفه الناس عن هذه المخطوطات؟
** رامز: المعلومات تختلف في أهميتها من شخص لآخر، ولكن يكفي أن يعرف الناس.. الذين يكتفون بالمجيء لأخذ بركة.. أن كل أديرة مصر بها روائع من المخطوطات والكتب مثل هذه.. وهذه كلها تراثنا.. سواء أن كانت كُتب في مجال الطقوس، الصلوات التي كان جدودنا يستخدمونها في الكنائس.. وعلى جانب آخر هذه النصوص تهمني أنا كعالم لأن فيها نصوص لا تُستعمل على الإطلاق الآن.. فلما أفتحها أنا شخصياً.. أقدر أتعرف على كيف كان يُصلي الآباء الأوائل.. وماذا كانوا يصلون أو يقرأون.. فإذا كان هناك من يهتم بالكنيسة ومعرفة كيف كان تراثنا الكنسي، يستطيع الاستعانة بمثل هذه المخطوطات.. لمعرفة كيف كان الأمر في القرون الماضية.. وبالنسبة لعامة الناس التي ربما لا تهتم كثيراً بموضوع المخطوطات، فقط ينبغي أن تعرف أن هذه المخطوطات بمثابة كنوز تاريخية.. تساوي في نظري أي آثار في الخارج!
** هذا، وكانت قد عُقدت ندوة بسفارة بريطانيا عن مخطوطات دير السريان.. تحدث فيها السفير ديريك بلامبلي رئيس المؤسسة، و إليزابيث سوبتشينسكي الرئيسة التنفيذية لها.
وتم الحديث عن الترميم وأساليبه ومجال عمل مؤسسة “ليفانتين” واهتمامها بترميم مخطوطات الدير. وكان السير ديريك بلامبيلي رئيس مؤسسة ليفانتين قد أشار إلى أن المخطوطات التي توجد بدير السريان لا تقدر بثمن، وهي تعكس مرونة المجتمعات المسيحية في العالم العربي. وقال إن الكنوز التي تحتفظ بها هذه المكتبة هي تراث لجميع المسيحيين وجميع المصريين والإنسانية جمعاء. وقد حضر نيافة الأنبا متاؤس والأنبا “بيجول” احتفالية في نهاية اليوم بهذه المناسبة.