تأمل الدول المشاركة في قمة المناخ (كوب 26) المنعقدة في مدينة جلاسجو الاسكتلندية في أن تتمكن من بلوغ الهدف المرجو، وهو "الصفر الإجمالي" للانبعاثات بحلول علم 2050 من أجل إبطاء عملية الاحتباس الحراري.
ما معنى الصفر الإجمالي؟
تعني هذه العبارة عدم إضافة كميات جديدة من الغازات الدفيئة إلى الجو، وتحقيق هذا الهدف يعني خفض الانبعاثات إلى أدنى حد ممكن، وموازنة تلك المتبقية بإزالة كمية مساوية منها.
وتنبعث الغازات الدفيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون عندما نحرق النفط والغاز، والفحم في المنازل، والمصانع ووسائل النقل. ويسبب ذلك الاحتباس الحراري، عن طريق حبس طاقة الشمس الحرارية.
وبموجب اتفاقية باريس لعام 2015، وافقت 197 دولة على محاولة عدم تجاوز سقف 1,5 درجة مئوية، لتجنب أخطر عواقب التغيّر المناخي.
ويقول خبراء إنه من أجل تحقيق ذلك، لا بد من بلوغ "الصفر الإجمالي" قبل حلول عام 2050. وتطرح الدول المختلفة الخطوات التي تنوي اتخاذها، في سبيل تحقيق هذا الهدف، في مؤتمر المناخ المنعقد حاليا.
ما الذي تم الاتفاق عليه في القمة؟
وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تعهد أكثر من 100 من زعماء دول العالم بالتصدي لظاهرة إزالة الغابات التي تسهم في تغيير المناخ، نظرا لقابلية الأشجار في امتصاص كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
ومن الدول التي وقعّت على هذا التعهد البرازيل - التي أزيلت فيها مساحات شاسعة في حوض الأمازون - علاوة على بريطانيا والولايات المتحدة وكندا، والصين وإندونيسيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما تعهدت عشرات الدول بخفض انبعاثاتها من غاز الميثان، بمقدار 30 في المائة على الأقل. ومن المعروف أن الميثان يسبب ثلث الاحترار، الناتج عن الفعاليات البشرية، لكن الصين والهند وروسيا لم توقع على هذا البند.
وفي بريطانيا، يعكف وزير الخزانة ريشي سوناك، على طرح مقترحات تهدف إلى جعل بريطانيا "أول مركز مالي يبلغ الصفر الإجمالي" في العالم. فبحلول عام 2023، حسب مقترحات سوناك، ستضطر معظم الشركات والمؤسسات المالية البريطانية، إلى تقديم خطط مفصلة بشأن الانتقال إلى مستقبل قليل الكربون. ولكن هذه التعهدات لن تكون إجبارية، وتقول جماعات الدفاع عن البيئة إنها غير كافية.
ما هي الخطوات الأخرى؟
بالرغم من أن 132 دولة، من دول العالم تعهدت علنا بالوصول إلى الصفر الإجمالي، فيما يخص انبعاثاتها قبل حلول عام 2050، تقول الصين - أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية في العالم، في الوقت الراهن - إنها تأمل في تحقيق "الحياد الكربوني" بحلول عام 2060. ولم تشرح الصين معنى ذلك ولا سبيل الوصول إلى هذا الهدف.
كما تعهدت روسيا بالوصول إلى هدف الصفر الإجمالي، بحلول عام 2060. وروسيا من أكبر منتجي النفط في العالم، وتأتي في مرتبة متقدمة فيما يخص الانبعاثات الكربونية.
أما الهند - رابع أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية بعد الصين والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي - فأعلنت أنها بصدد خفض انبعاثاتها لتلبغ الصفر الإجمالي بحلول عام 2070.
وانتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الصين وروسيا لتخلفهما عن حضور قمة جلاسجو للمناخ. ولم تتعهد دول أخرى ذات كثافة سكانية عالية - مثل إندونيسيا - بالوصول إلى الصفر الإجمالي.
ما هي المشاكل المحيطة بهدف الصفر الإجمالي؟
ثمة لغط حول السبل التي قد تسلكها بعض الدول في سعيها لتحقيق هدف الصفر الإجمالي.
فعلى سبيل المثال، قد تسجّل الدولة (أ) انبعاثات أقل اذا أوقفت بعض النشاطات الصناعية، التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة كإنتاج الصلب. ولكن إذا قامت الدولة (أ) بعد ذلك باستيراد الصلب، من الدولة (ب)، فإنها عمليا تسلّم انبعاثاتها إلى الدولة (ب) عوضا عن خفض الكمية الكلية من الغازات الدفيئة.
وهناك أيضا خطط تتيح للدول الغنية بالتعويض، عن انبعاثاتها عن طريق منح مساعدات للدول الفقيرة لحثها على التحوّل إلى مصادر الطاقة النظيفة.
ولكن هناك من يرى أن هذه الخطط ليست إلا طريقة لتجنب اتخاذ المزيد من الإجراءات الداخلية من جانب الدول الغنية. ومن الصعب القول إن هذه المحفزات الهادفة إلى خفض الانبعاثات في دول أخرى ما كانت ستقدم في كل الأحوال.