
قال الدكتور تيم ويليامز، النائب الثاني لرئيس الجمعية الدولية لعلم الإبادة الجماعية (IAGS) وأستاذ انعدام الأمن والنظام الاجتماعي في جامعة الجيش الألماني بميونيخ، إن الحرب الجارية في قطاع غزة "تتحول فعليًا إلى إبادة جماعية"، وفق المعايير القانونية الدولية، مشيرًا إلى أن تردد الحكومات في استخدام المصطلح يرجع لأسباب سياسية.
وفي تصريح لإذاعة "راديو فرنسا الدولية"، أوضح ويليامز أن العديد من الحكومات والمؤسسات تتجنب استخدام مصطلح "إبادة جماعية" رغم تزايد الأدلة، لأن الاعتراف بالإبادة يُحمّل الدول التزامات قانونية وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تُلزم الدول باتخاذ إجراءات لوقفها، بما في ذلك إيقاف تصدير الأسلحة والتدخل الفوري لمنع استمرار الجرائم.
قرار دولي يضع إسرائيل في مرمى الاتهام
وكانت الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية (IAGS)- وهي الهيئة الأكاديمية الأبرز عالميًا في دراسة ومنع الإبادة الجماعية- قد أصدرت قرارًا غير مسبوق هذا الأسبوع تعلن فيه أن أفعال إسرائيل في غزة تستوفي التعريف القانوني للإبادة الجماعية.
وحظي القرار بتأييد 86% من الأعضاء المصوّتين في الجمعية، وجاء فيه أن القتل الجماعي للمدنيين، والاستهداف المتعمد للأطفال، وتدمير المساكن، والبنية التحتية، والمؤسسات الصحية والتعليمية والثقافية، كلها أفعال تُصنّف على أنها "إبادة ممنهجة".
وشدد ويليامز على أن تسمية الإبادة الجماعية "ليست مجرد لفتة أخلاقية، بل قرار سياسي وقانوني يحمل تبعات دولية خطيرة"، مشيرًا إلى أن بعض الدول تؤخر الاعتراف بها تجنّبًا لالتزامات التدخل أو العقوبات.
إبادة جماعية في غزة
وقال تيم ويليامز، لإذاعة فرنسا الدولية: "لا أعتقد أن المحاكم الدولية تتردد في استخدام المصطلح. إنها تفعل ذلك عندما يكون ذلك منطبقًا في الحالات. من ناحية أخرى، تتردد الدول لأن اتفاقية الأمم المتحدة تُلزم الدول بموجب القانون الدولي بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وتابع: "لذا، فإن الاعتراف بالإبادة الجماعية يُلزم الدول بالانخراط في جهود الوقاية، ما يعني أنه إذا اعترفت دولة ما بها، فعليها ممارسة الضغط على إسرائيل. سيتعين عليها وقف جميع عمليات تسليم الأسلحة إلى إسرائيل، والتدخل في نهاية المطاف في الوضع لمحاولة منع حدوث الإبادة الجماعية".
وقال إن تسمية الإبادة الجماعية ليست مجرد لفتة أخلاقية، بل تحمل تداعيات قانونية وسياسية جسيمة. يصف ويليامز المفارقة الكامنة في جوهر اتفاقية الإبادة الجماعية: فإعلانها يُلزم باتخاذ إجراء، إلا أن هذا الالتزام قد يُؤخر الاعتراف بها حتى بعد وقوع الفظائع بوقت طويل.
تفاصيل إعلان الإبادة
وقال ويليامز إن إسرائيل تطبق الإبادة الجماعية في غزة، حيث تُطابق أفعال إسرائيل التعريف القانوني للإبادة الجماعية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة، بما في ذلك عمليات القتل الجماعي، والفرض المتعمد لظروف تجعل البقاء مستحيلًا، وتصريحات النوايا الصريحة من كبار القادة. كما أن الأطفال مؤشر، حيث قُتل أو جُرح أكثر من 50.000 طفل. ويؤكد القرار أن استهداف الأطفال دليل واضح على نية الإبادة الجماعية، لأنه يُدمر قدرة الجماعة على التجدد.
فضلا عن التدمير المنهجي للحياة، فانه وإلى جانب وفيات المدنيين، هدمت إسرائيل 90% من مساكن غزة، وشلّت الرعاية الصحية، ودمرت الأراضي الزراعية والمخابز ومحطات تحلية المياه، وقيدت المساعدات الإنسانية - مما خلق ظروفًا غير ملائمة لـ البقاء.
وكذلك التطهير العرقي والتهجير القسري، حيث شُرد ما يقرب من جميع سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، عدة مرات، مع مناقشة خطط سياسية علنية لإخراج الفلسطينيين من غزة نهائيًا.
وهناك الالتزامات الدولية، حيث يدعو القرار الدول إلى الامتثال لاتفاقية الإبادة الجماعية، وأحكام المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، بما في ذلك وقف مبيعات الأسلحة وضمان المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.