
◄جورج حبيب يسعى للإيقاع بين البابا تواضروس و4 من أشد رجال الكنيسة قوة
◄مصدر كنسي: عودة جورج حبيب تعني عودة هرطقة القرن العشرين بأكمله مثل حنين عبدالمسيح
◄البابا تواضروس يشكل لجنة التشريع الكنسي من أقوى رجال التعليم ويعيد هيكلة المراكز التعليمية
شهدت الأيام القليلة الماضية بعض المُطالبات بإعادة مُحاكمة الدكتور جورج بباوي كنسيًا، والذي وقع مطارنة وأساقفة المجمع المُقدس في عهد البابا الراحل شنودة الثالث بيانًا، يفيد قطعه وحرمه من شركة المؤمنين في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نظرًا لاستماتته في التمسك بعدة أفكار تتنافى مع تعاليم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ولا عجب في ذلك، فقد اشتهر البابا الراحل شنودة الثالث بالتصدي لكل من يخرج عن نطاق التعليم الأرثوذكسي، فحمل ذلك في طياته تهميش عدد كبير من الخارجين عن حقل التعليم المتفق عليه بين علماء الكنيسة الراحلين والمعاصرين.
وجاء المختلفون مع البابا شنودة على درجات، فمنهم القمص متى المسكين والذي كان خلافه مع البابا الراحل شهيرًا جدًا، الأمر الذي دفع البابا الراحل لإصدار كتاب حمل عنوان "بدع حديثة"، وتم تدريسه لكل الطلاب بكليات ومعاهد اللاهوت بمصر والخارج، كحصانة من أفكار متى المسكين والتي كان شنودة الثالث يرى أنها خاطئة.
وتنوعت الدرجات في الاختلاف، حتى انتهت بحرمان الكنيسة لأشخاص بعينهم ووصفهم بـ المهرطقين، مثل الدكتور جورج حبيب بباوي، أستاذ علم اللاهوت السابق بالكلية الإكليريكية، والذي وضعه موقع تكلا هيمانوت وهو أكبر المواقع الكنيسة، على قائمة "مهرطقى القرن العشرين".
وجاءت تلك الدعوات لإعادة مُحاكمة جورج بباوي، بمثابة جرس إنذار في أذهان الأقباط الذين شعروا بأنها سبيل يمهد لعودة تلك القائمة والمعروفة بقائمة مهرطقى القرن العشرين.
جورج حبيب بباوي
بالنسبة إلى الدكتور جورج حبيب بباوي فلم يطرح اسمه حديثًا بالشارع الكنسي، بعد حرمانه في عهد البابا شنودة الثالث، فلم تكن دعوات البعض لإعادة محاكمة جورج حبيب بباوي، في 2020 هي أول ملامح خطته للعودة مجددًا للمشهد الكنسي، حيث وجه الدكتور جورج حبيب بباوي في 2016، رسالة إلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، يناشده فيها بالحوار اللاهوتي للوصول إلى حلول مشتركة وأرضيات متفق عليها في الحوار اللاهوتي، وذلك على الرغم من أن دعوته للحوار كان قد وجهها من قبل في عهد البابا الراحل شنودة الثالث، إلا أنها لم تلق غير الرفض.
وفسر البعض دعوة "بباوي" للحوار، بأنها رغبة في العودة مجددًا على الساحة الكنسية، بعدما حاربه المجمع المقدس للكنيسة المصرية الأرثوذكسية بشدة في العام 2015، بعدما نسب عدة أقوال إلى البابا الأسبق كيرلس السادس، أكد المجمع برئاسة البابا تواضروس وسكرتارية الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، براءة البابا الأسبق منها تمامًا.
وجاء في نص رسالة جورج حبيب بباوي، إلى البابا تواضروس الثاني: "إن مَن لم يدرس التاريخ ولا اللاهوت، بل اكتفى بما هو عائم على سطح الثقافة القبطية، أصبح هو مَن يحدد ما إذا كان هذا التعليم مخالفًا أم أنه ليس كذلك، وهو بذاته مَن يشعل مواقع معينة على شبكة التواصل الاجتماعي، لا هدف لها إلا قداستكم أنتم، فقضية التعليم ليست قضيتهم، وإنما هي الستار الذي يتخفون من ورائه، لكي يجروا الكنيسة إلى انقسام يتوقون من خلاله أن يفوزوا بمركزٍ فقدوه إلى الأبد، بعد رقاد الأنبا شنودة الثالث في أورشليم السمائية، فقد ترك لنا من اختلس الكهنوت في غفلةٍ، فما كان منه إلا أن بطش بالمؤمنين".
واعتبر البعض حينها أن جورج حبيب بباوي، يسعى جاهدًا في تلك الكلمات التي وجهها للبابا تواضروس الإيقاع بينه وبين أشد رجال الكنيسة المصرية قوة، حيث إنه في بقية رسالته أكد أن قضيته الشخصية مع الأنبا بيشوي، مطران دمياط وكفر الشيخ الراحل، وعميد قسم اللاهوت سابقًا بمعهد الدراسات القبطية، وسكرتير المجمع المقدس الاسبق، وبعض رجال الكنيسة الأقوياء والذين يدعمونه بشدة، وجاء على رأسهم- حسب رسالة بباوي- الأنبا موسى، أسقف الشباب، والأنبا إرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، والأنبا بنيامي،ن مطران المنوفية.
وجاءت الدعوات الحالية لإعادة محاكمته تأكيدًا على تلك الخطة، والتي يحاول من خلالها العودة مجددا للمشهد.
مؤلفات حنين عبدالمسيح
وصرح مصدر كنسي مطلع لـ"الدستور"، بأن قضية التعليم في الفترة الحالية تشغل مقامًا كبيرًا في صدر البابا تواضروس الثاني، مشيرًا إلى أن فكرة عودة أو الحوار مع جورج حبيب بباوي أمر مستحي غلى الأقل في الوقت الراهن، لعدة أسباب أهمها أن عودة جورج حبيب بباوي للساحة من جديد يعتبر خيطًا رفيعًا لعودة بقية "لستة هراطقة القرن العشرين"- حسب تعبيره، أمثال حنين عبد المسيح الذي أعلن انشقاقه عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بتأليفه كتابًا يحمل عنوان "كنت أرثوذكسيًا والآن أبصر"، والذي منع المجمع المقدس للكنيسة تداوله في عام 2007، لا سيما أن حنين يتطاول فيه على كافة ممارسات الكنيسة الأرثوذكسية مثل وصفه للطقس الرهباني بـ"البدعة"، والذي أعلن أيضًا انضمامه للكنيسة الإنجيلية، والتي أعلنت تبرؤها منه في عدة مواقف.
ويحاول "حنين" الظهور في الصورة من حين لآخر من خلال كتابة الكتب والمؤلفات للهجوم على الكنيسة الأرثوذكسية والتي كان خادمًا وشماسًا بها لفترة طويلة، حيث اتهم الكنيسة الأرثوذكسية بعدة اتهامات، أبرزها عبادة الأصنام، وبدعة الرهبنة والتي هي خروج عن النظام الإلهي المتمثل في الزواج- حسب تصريحاته، بالإضافة إلى تكوين جماعات خاصة للتشنيع عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الأمر الذي تبرأت منه الكنيسة الإنجيلية في مصر، وأكدت أنه لا يمثلها مطلقًا، وذلك بعد أن أعلن حنين انضمامه لها.
قناة ماكس ميشيل
وكذلك ماكس ميشيل، أو الأسقف مكسيموس الذي نصب نفسه بطريركًا لكنيسة جديدة حملت اسم كنيسة البابا إثناسيوس الرسولي، واتخذت من المقطم مقرًا لها، كما ارتدى زيًا يشبه الزي الخاص برجال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما أطلق لحيته، والذي يقضي معظم أوقاته خارج مصر، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث الحرية في تأسيس أي ديانة أو كنيسة، ويستغل ماكس ميشيل قناته التي تبث عبر القمر الصناعي، وتحمل اسم "الراعي الصالح"، والتي تعتبر منبره الأساسي في الترويج لأفكاره والتي تخالف كل أفكار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث يسعى من خلالها بشكل مستديم للظهور في الصورة، ويعتبر العدد الأغلب من أتباعه من متضرري قانون الأحوال الشخصية، حيث قام بتسهيل فكرة الطلاق والزواج الثاني، لجذب أكبر عدد من الأتباع، ليظهر في كل مرة تحدث فيها خلافات داخل الكنيسة مع متضرري الأحوال الشخصية.
اجتماع الأب دانيال
الراهب دانيال البراموسي، الشهير باسم الأب دانيال، والذي كان راهبًا بدير البراموس العامر، إلا أنه انتهج نهجًا بروتستانتيًا بحتًا، وذلك بعدما شلحته الكنيسة تمامًا من رتبته الرهبانية، فخلع جلبابه الأسود وحلق لحيته، وتعتمد طقوسه على النفخ في أوجه الحاضرين ليصيبهم بحركات عصبية، مدعيًا بذلك حلول الروح القدس عليهم، وهو الأمر الذي حاربه البابا الراحل شنودة الثالث في مواقف عديدة، كما يرأس الأب دانيال اجتماعه الأسبوعي، في تمام الساعة السابعة من يوم الثلاثاء أسبوعيًا، ليظل واعظً أتباعه في مدة تزيد على الساعتين المتواصلين على الرغم من سنه التي تقترب وتجاوز الـ70، وذلك بإحدى الكنائس الإنجيلية الواقعة بأول شارع الترعة البولاقية بمنطقة شبرا مصر.
الفكر المتاوي
الأمر الأهم والذي يشغل عدد كبير من مطارنة وأساقفة الكنيسة، هو عدم تسلل فكر متى المسكين إلى الكنيسة مجددًا، سواء كان من بعض رهبان دير أبومقار الذي مازالوا يتبعون الفكر المتاوي أو بعض العلمانيين الذين حملوا على عاتقهم نشر الفكر المتاوي، والذي حاربه قديمًا البابا الراحل شنودة الثالث وما زال يحاربه تلاميذه، وذلك من خلال كتاب أسماه البابا الراحل "بدع حديثة".
كما أوضحت المصادر الكنسية أن السبب في استحالة عودة جورج حبيب بباوي، أن الأمور المتعلقة بالتعليم خصوصًا لا تقع في يد البابا بمفرده، بل تصدر بموافقة العدد الأغلب من مطارنة وأساقفة المجمع المقدس، والذي يحاربون برئاسة الباباوين شنودة الثالث وتواضروس الثاني، مثل تلك التعاليم والحوارات، كما أن البابا يوجه خطته في الوقت الراهن للنظر في المراكز التعليمية الخاصة، والتي تختص بالدعم العلمي للشذون الكنسية واللاهوتية، بل ويشرف عليها عدد من العلماء الأقباط، للتأكد من صحة كل كلمة تصدر من تلك المراكز، لحماية النشء الجديد وجيل الشباب من شرب تعاليم خاطئة تنتج عن خروج جيل جديد من المبتدعين- حسب المصدر.
الدور الكنسي
من جانبه قام البابا تواضروس الثاني، بتشكيل لجنة داخل المجمع المقدس، حملت اسم لجنة الإيمان والتعليم والتشريع، لتحمل مسئولية الإشراف على كل القنوات التعليمية داخل الكنيسة، سواء في الكليات أو المعاهد أو المراكز الدينية، وكذلك خدمات التربية الكنسية للمراحل العمرية المختلفة منذ الطفولة للشيخوخة.
وكذلك مراجعة كل الصادرات المقروءة أو المرئية او المسموعة والتي تخص الجانب التعليمي بالكنيسة، وتضم تلك اللجنة بداخلها 6 لجان فرعية أخرى، هى لجنة التربية الكنسية والمناهج، ولجنة الإكليريكيات والمعاهد الدينية، ولجنة التربية الدينية بالمدارس، ولجنة المصنفات الفنية، ولجنة التحديات الإيمانية، ولجنة تبسيط الإيمان.
وكلف البابا تواضروس الثاني باقة من أقوى رجال التعليم في الكنيسة للعمل داخل تلك اللجان الست، مثل الأنبا بيشوي، مطران دمياط وكفر الشيخ الراحل، والأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، والأنبا موسى، أسقف الشباب، والأنبا مكاريوس، أسقف عام كنائس المنيا، والأنبا زوسيما، أسقف أطفيح والصف، والأنبا بنيامين، مطران المنوفية، والأنبا متاؤس، أسقف ورئيس دير السريان، وكذلك الأنبا أبيفانيوس، أسقف ورئيس دير أبومقار الراحل.