
تحيي الكنيسة الأرثوذكسية، اليوم ذكرى، استشهاد القديس مارمرقس الرسول المعروف بـ"كاروز الديار المصرية"، وبخصوص هذه الذكرى قال كيرلس كمال الباحث الكنسي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إن القديس العظيم مارمرقس الرسول يمثل حجر الزاوية الذي بنيت عليه الكنيسة القبطية المصرية، وهو الأساس الرسولي لهذه الكنيسة.
وقد حافظت الكنيسة المصرية على ما تسلمته من القديس مرقس، كما ذكرت المستشرقة ميسز بوتشر في كتابها "تاريخ الأمة القبطية وكنيستها"، حيث قالت: "أما الكنيسة القبطية المصرية التي أسسها القديس مرقس، فقد حافظت إلى الآن على نظامها وطقوسها الأصلية أكثر مما حافظت أية كنيسة أخرى من عهد مؤسسها إلى هذا اليوم"
لمصادر التي تحدثت عن القديس مرقس الرسول
وأضاف: أنه خلال القرون الأولى لم يكن هناك أي كتابات مكتوبة حول سيرة القديس مرقس، بل كانت معروفة عن طريق التقليد الشفاهي. لذلك، قلت المصادر الأولية القديمة التي تحدثت عن القديس مرقس، والتي اعتمدت على هذا التقليد الشفاهي لسرد سيرته، وكرازته، وشهادته في الإسكندرية. ولذلك، أردنا عرض بعض المصادر والمراجع القديمة والحديثة التي اعتمدنا عليها في بحثنا.
وتابع: كان من أوائل الذين ذكروا رسولية القديس مرقس وأنه يعد من السبعين رسولًا؛ فقد ذكر ذلك أوريجانوس في كتابه "الإيمان المستقيم"، وكذلك أبيفانيوس أسقف قبرص في كتابه عن الهرطقة.
وتابع: أما أقدم مصدر مكتوب للتاريخ الكنسي، فهو يوسابيوس القيصري، أحد رجال القرن الرابع الميلادي، حيث ذكر أن القديس مرقس كان أول من بشر في مصر، وذلك في الفصل السادس عشر من كتابه (ص 73)، ترجمة حافظ داود.
وأضاف: أما في القرون الوسطى، فنجد كتاب "أعمال مرقس"، الذي يحتوي على تقاليد شفاهية تسبق زمن كتابته، حيث تعود هذه التقاليد إلى أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس، كما ذكر الأستاذ شريف رمزي في الجزء الخاص بمعهد التكوين لكتاب "سير البيعة المقدسة" (ص 64). ويحتوي كتاب "سير البيعة" أو "تاريخ البطاركة" على نصوص مطابقة لما وُجد في كتاب "أعمال القديس مرقس"، ورحلته التبشيرية في الإسكندرية واستشهاده هناك.
المميزات التي ينفرد بها القديس مرقس
أما عن المميزات التي ينفرد بها القديس مرقس، فقال كيرلس كمال في البحث الكنسي:
1- من سبط لاوي : كان من أسرة متدينة تعرف الناموس والكتب المقدسة. وكانت أمه من أوائل الذين آمنوا بالسيد المسيح وخدمته. وكان لأقاربه صلة قربى برسل السيد المسيح؛ إذ كان خاله برنابا من ضمن السبعين رسولاً، وزوجة القديس بطرس لها صلة قرابة بوالده.
2- مولده ونشأته : وُلد في قرية "برْطُلّس"، وهي قرية زراعية ذات تربة جيدة تقع بين سيرين (الشحات حاليًا) ومدينة أبولونيا (سوسة حاليًا). تمتعت عائلته بالثراء، لكن بسبب هجمات بعض البرابرة نُهبت ممتلكاتهم واضطروا للعودة إلى أورشليم. وكان اليهود الليبيون يشكلون مجمعًا خاصًا بهم، كما ورد في سفر الأعمال (إصحاح 6، عدد 9). وذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس أن سكان سيرين من اليهود كانوا يشكلون جالية مستقلة واضحة عن غيرهم في أورشليم، وكان لهم امتيازات خاصة في أيام يوليوس قيصر.
3- من السبعين رسولاً : وضعه ابن كبّري ضمن قائمة السبعين رسولاً في الفصل الرابع من كتابه، وكان من الخدام الذين ملأوا الجرار ماءً في عرس قانا الجليل. وهو الإنسان حامل جرة الماء الذي سأله التلميذان: "أين يعد السيد الفصح مع تلاميذه؟". وكان بيته مكانًا يأتي إليه السيد المسيح مع تلاميذه، وهناك أعد الفصح وتمم العشاء الأخير وسر الأفخارستيا، وكان القديس مرقس هو الشاب الذي كان لابسًا إزارًا على عريه وقت القبض على السيد المسيح.
4- قربه من السيد المسيح : كان قريبًا من السيد المسيح وشاهدًا لكثير من أحداث خدمته، وهذا واضح في وصفه الدقيق للأحداث والتفاصيل الدقيقة في إنجيله عن بعض أحداث خدمة السيد المسيح له المجد.
5- ظهور المسيح له وللتلاميذ : ظهر المسيح لتلاميذه في بيت القديس مرقس بعد الصلب، كما حل الروح القدس في بيته يوم الخمسين. وبالتالي، حل عليه الروح القدس مع التلاميذ، وكان بيته المكان الذي اجتمع فيه الرسل. ويعد هذا البيت أول كنيسة في المسيحية.