أقامت كنيسة مارمرقس بشبرا، حفل تأبين لتكرم أبيها وراعيها المحبوب القمص لوقا قسطنطين في ذكراه الأربعين، اليوم، الذي قدم للكنيسة الكثير عبر مشواره الكهنوتي الحافل في رحلة جهاد عمرها امتد لأكثر من 43 عامًا، خدم فيها كنيسته و شعبه بكل أمانة و محبة متناهية ليكلل بمجد سمائي بعد أن فاضت روحه الطاهرة في يوم 28 أبريل الماضي كي يسمع الصوت الفرح القائل له “نعما أيها العبد الصالح و الأمين كنت أمينًا في القليل اقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك ” .
بدأ حفل التأبين بصلاة العشية بحضور آباء كهنة الكنيسة الأجلاء و لفيف من الآباء الكهنة من أبنائه و محبيه بكنائس أخرى , و عدد كبير من شعب الكنيسة , فكانت مظاهرة حب احتشد فيها محبي أبينا، للمشاركة في حفل تكريمه كصورة حية لما يتمتع به أبينا القمص لوقا قسطنطين من محبة في قلوب ابنائه الروحيين و الجسديين , فكان الجموع تفترش الطرقات داخل صحن الكنيسة و دموعهم لازالت تنهمر من اعينهم حزنا و ألما على الفراق رغم الثقة و اليقين بأنه يكلل بالمجد السماوي، عوضًا عن أتعابه في الخدمة و الآمه الصحية لينعم بالنياحة و الراحة في فردوس النعيم و لينضم إلى صفوف الكنيسة المنتصرة، يشفع لنا أمام عرش النعمة و يرفع الطلبات عنا كي يعيننا الرب كما أعانه .
بدأت فقرات الحفل بدرام الكشافة و دخول ما يقرب من 19 علم للكنيسة , كل علم يمثل خدمة من خدمات كنيسة مارمرقس بشبرا , و كانت مفاجأة الحفل تصميم مجسم لشخص أبونا الحبيب و دخوله من الباب الملكي إلى ناحية الهيكل , و بصوت حنون قائل ” باختيار الله وضع مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث يده الطاهرة على رأسه ، وقال بصوته المميز في مسامع الناس ، ليصل صوته إلى أذان السماء : ندعوك يا لوقا كاهناً علي كنيسة مارمرقس بحدائق شبرا .. وفي تلك اللحظة تحديدا سكبت الملائكة في قلب الأب الحبيب قوة روحية عظيمة فصار يعمل بكل همة ونشاط ، تسلح بعمق الإيمان وصحيح العقيدة والأقوال .. كان لكنيسة مارمرقس شبرا كربان ماهر حكيم ، وصارت رعايته لاولاده وبناته , شاهده على حكمة هذا الرجل العظيم.
قام مقدمو حفل التأبين بتقديم لمحة عن حياة أبونا المحبوب فجاءت كلماتهم ” أبونا الحبیب لوقا قسطنطین .. المصباح المضئ الذي استطاع تطبيق مثل العذارى الحكیمات بمصابیحهم الملیانة بالزیت فإستحقوا إنهم یسمعوا صوت العریس.
بونا لوقا من موالید 13 یولیو 1948 م , رسم كاهن في 14 ینایر 7919 م و رقى إلى القمصیة في 14نوفمبر 1998 م , و رقد في الرب بشیبة صالحة یوم 28 إبریل عام 2022 , وعلى مدار 43 سنة كهنوت كان أبونا لوقا هو ” صوت ربنا الذي يحدثنا بكل كلمات الله ” .. كان إنجیل معاش مثل حي للأب المصلي , العامل باجتهاد , الباذل نفسه لكل أعضاء الكنیسة في أفراحهم وأحزانهم ومرضهم حتى في شدة مرضه وتعبه , المستعد دائما للقاء إلهه ، وعینیه كانت دائما ناظره للسماء كي يعطى حساب وكالته وإجتهاده وعطائه الفائض .
3 مصابيح .. أولها الخدمة
لخصت فقرات حفل التأبين حياة أبينا المحبوب لوقا قسطنطين في ثلاثة مصابيح , أولها مصباح الخدمة، حيث كانت الخدمة في حیاة أبونا لوقا الهدف الأساسي و شغله الشاغل الذي یسعى دائما كي ینمیها ویطورها , فنجده من أول یوم رسامة إلى اخر یوم في عمره على الأرض بیخدم قداسات وعشیات , خدمة لأولاده وبناته من ملائكة لمرحلة الشباب , اعترافات , واجبات عزاء وأفراح ومعمودیات .. كان بیخدم بابتسامة نابعة من القلب , ” بالطبطبة ” وقت الضیقة , بالكلمة الطیبة , بسلامه وكلامه وحنیته .
وبالرغم من مرضه وألمه الا كان عنده وقت لكل واحد فینا , یسمع حتى الكلام العادى ” والحكاوي العادیة اللي تحس إنها ملهاش لازمة بس یدیلك اهتمام یحسسك أن مفیش غیرك عنده .. یشجعك ویقولك إنت تقدر .. یتابعك في موضوع معین شاغلك ویفرحلك لما تنجح فيه ” , و بالتأكيد كانت خدمة التربیة الكنسیة هى اول اهتمامات أبونا لوقا لأن هى الأم ” التي تنجب خدمات كتیرة ” , هي الأساس التي من خلالها یوصل المخدومین للمسیح , وكانت فرحة أبونا لوقا لما یشوف بعنیه عمل ربنا في أولاده المخدومین .و كان من ضمن الخدمات الأساسیة التي كان يرعاها ابينا المحبوب فى فترة من الفترات بجانب خدمة التربیة الكنسیة هي خدمة إجتماع الشباب الجامعي، خدمة الكشافة بكل فرقها ، خدمة المسرح بكل ما فیه من تمثیل و دیكور و صوتیات ، و خدمة القدیس نیقولاوس لمسرح العرائس , و لم تكن هذه الخدمات فقط إنما كان من أهم الخدمات التي كان یرعاها أبونا لوقا و حریص على تلبية كل طلباتها لآخر یوم في عمره على الأرض هي خدمة الأنبا إبرام الخاصة باخوة الرب ، وخدمة أسرة المحبة لذوي الاحتیاجات الخاصة.
قائد و مدبر
أما عن المصباح الثاني المضىء في حياة أبينا المحبوب فتمثل في كونه قائد و مدبر .. و لأن الخدمة ملیئة بالتحدیات ، فدائما تحتاج قائد ومدبر ، أبونا لوقا كان یتمتع بهذه الصفة لأنه في أصعب الأوقات استطاع یحول الفكرة إلى ثمرة ملموسة .. قدر یحول الرؤیة إلى واقع , ولا ننسى تعب أبونا لوقا في تعمیر الكنيسة , وإنشاء بیوت مؤتمرات للكنیسة في مرسي مطروح والعبور , وتأسیس مستشفي مارمرقس ومركز الكلي وبیت المسنین وغیرهم .. أبونا الحبيب كان دائم التفكير في كيفية توظيف طاقات الشباب و خلق مجالات خدمية جديدة كي يخدموا من خلالها إيمانًا منه بان مجالات الخدمة كبيرة و لم تكن منحصصرة فقط في خدمة التربیة الكنسیة و لذلك أنشىء خدمات جدیدة.صديق المذبح
جاء المصباح الثالث المضىء في حياة ابينا لوقا قسطنطين، ممثلا في كونه صديق المذبح , فكان المذبح يعد الحیاة بالنسبة لأبونا الحبیب القمص لذا كان يصلي القداسات يوميًا على مدى 43 سنة كهنوت حتى في عز تعبه و ألمه .. صوته كان ممیز , جهوري و خاصة في جزئية ” يا من بارك فى ذلك الزمان الأن أيضًا بارك .. يا من قدس في ذلك الزمان الآن ايضاً قدس ” , كان له طریقة خاصة و مميزة في صلاة القداس ” لأجلى يا سيدى لم ترد وجهك عن خزى البصاق ” , و بالتأكيد قداس خمیس العهد و صلاة قسمة ذبح أسحق بصوته المميز الجهوري.
و لا ننسى قداس طلبة الثانویة العامة طول فترة الامتحانات من الساعة 6:30 صباحا حتى 7:30 صباحا , و جملة أبونا الذي كان يعتاد قولها لأي شخص لديه مشكلة ما , كان يقول له ” لو عندك طلب أو موضوع شاغلك ، احضر و صلى القداس 3 أيام وراء بعض و سيب الموضوع في إيد ربنا”.
خدمات مبتكرة
هذا و تخللت فقرات حفل التأبين عرض فيديو يستعرض فيه نوعية الخدمات التي قام بانشائها أبينا القمص لوقا قسطنطين و دورها وهدفها، حيث كان مهتما بخدمة كل الجوانب الإنسانیة للمخدومین من جسد ونفس وروح لذا اهتم بإنشاء خدمات متنوعة ومبتكرة .. وكل خدمة لها فریق عمل متخصص :
– في عام 2008 أسس أبونا لوقا مدرسة مارمرقس للألحان لخدمة كل فئات مدارس الأحد بتقسيمهم خوارس لكل مرحلة دراسیة من kg1 حتى المرحلة الثانوية , وهدف المدرسة تحفیظ الالحان الكنسیة للمخدومين مع تقديم شرح للمعلومات الطقسیة الخاصة بالألحان ، كما فیها تعلیم اللغة القبطیة.في عام 2010 انشأ أبونا لوقا مدرسة تنمية المهارت , و هي مدرسة صیفیة خاصة بتعلیم العزف على الآلات الموسیقیة المختلفة ، و أنواع من الریاضة مثل السباحة والكارتیة و كرة القدم الى جانب أنواع من الفنون مثل الرسم و الأعمال الفنیة المختلفة، إضافة إلى تعلیم الأولاد والبنات اللغات المختلفة مثل الإنجلیزي و الفرنساوي والإیطالي , فضلا عن تنظيمها رحلات ترفیهیة وتعلیمیة شهریا .. ومدرسة تنمیة المهارات تخدم من سن أولى ابتدائي حتى المرحلة الثانوية.
– في عام 2017 أنشأ مدرسة مارمرقس للتمثيل و للكتابة , و هي مدرسة لتنمیة الأطفال الموهوبین في مجال التمثیل والإخراج وكتابة النصوص من سن 3 ابتدائى حتى سن ثانوى , و ذلك في جو روحي ونفسي سلیم و المدرسة تقو م بشرح منهج عملي في صورة محاضرات و تدریبات و ورش للكتابة ، والمنهج مأخوذ من كتب ثقافیة مثل كتاب اعداد الممثل وغیرها , كل ذلك بخلاف الموضوعات الروحیة .
وفي نفس العام، أسس أبونا الحبيب مدرسة القديس لوقا للفنون والديكور , و التي تقبل انضمام الأطفال من سن ثالثة إلى سادسة ابتدائي و هدفها تنمیة المواهب لدى الأطفال في الإبداع والتخیل ، وتنفیذ أفكار فنیة بأبسط الخامات المتاحة غیر المستغلة ، ايضا اعادة تدویرها و إخراجها في شكل قطع فنیة تستخدم كدیكور .. والمدرسة تستضیف متخصصین في الرسم لتعلیم الأطفال مبادئ الرسم ايضا أكبر المتخصصین في فن المیك اب والخدع السینمائیة للمساعدة في حفلات الانشطة و تحديدا نشاط التمثیل .
– في عام 2018، أنشأ أبونا لوقا مركز كوكب مارمرقس للكورسات , وهو مركز للكورسات المتخصصة الحیاتیة والعملیة المختلفة بأسس من الكتاب المقدس وهدفه بناء جیل متطور واعي لكل تغیرات المجتمع قادر یستخدم التكنولوجیا للبناء ، و تخدم كل الأعمار من الطفولة للمراهقة أيضاً إعداد محاضرات وكورسات متخصصة للآباء والأمهات .جرت الاستعدادات لتجهيز الحفل على يد مجموعة كبيرة من أبناء القمص لوقا قسطنطين هم خدام و خادمات كنيسة مارمرقس بشبرا الذين تتلمذوا على يديه ليخرج لنا حفل يليق بأب و شيخ جليل خدم كنيسته على مدى 43 عاما بكل قلبه , قدم خلالها يوما بعد يوم حياته ذبيحة حب من أجل كنيسته و شعبه دون ملل أو كلل رغم الآمه الصحية.