عاد موظفو الأمم المتحدة ومسئولو الصحة في قطاع غزة إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة للبدء في دفن الرفات المجهولة لعشرات الأشخاص الذين لقوا حتفهم هناك خلال الغارة الإسرائيلية التي استمرت 12 يومًا على المجمع في مارس.
وكان التوغل الإسرائيلي الذي تم في شهر مارس حوّل ما كان في السابق أكبر منشأة للرعاية الصحية في قطاع غزة إلى أنقاض.
ويوم الإثنين كان المشهد عبارة عن خرسانة محطمة ومباني مجردة من واجهاتها وسيارات مقلوبة وسيارة إسعاف نصف محطمة. وعلقت في الهواء رائحة الجثث الكريهة.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير لها، إنه لم يتم دفن العديد من الجثث خلال الاشتباك الذي طال أمده بين القوات الإسرائيلية والمقاتلين الغزيين في مستشفى الشفاء، مشيرة إلى أن عمال القطاع الصحي في القطاع يقومون بتمشيط المستشفى المدمر بحثًا عن الجثث وهى مهمة "مروعة"، حسب وصفها.
وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الثلاثاء: "إن عمال الإغاثة عثروا على جثث مغطاة بأغطية بلاستيكية خشنة فقط أو مدفونة جزئيًا تحت أكوام من التراب".
وأضاف: أنهم يتأكدون من أن الجثث التي عثر عليها في المستشفى "تم دفنها بشكل كامل في الموقع أو في منطقة قريبة".
وقال الدكتور جيبريسوس: "عندما يتم دفن الموتى بشكل صحيح، يمكن التعرف عليهم لاحقًا من خلال فحوصات الطب الشرعي، مما يمنح أحباءهم بعض العزاء". "هذه الحرب هي فشل أخلاقي للإنسانية."
وعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى المستشفى في مارس، قائلًا: "إن فلول الجناح العسكري لحركة حماس قد أعادوا تجميع صفوفهم هناك".
وقال مسئولون إسرائيليون: "إن قواتهم داهمت مستشفى الشفاء الشهر الماضي؛ لأن فلول الجناح العسكري لحماس أعادت تنظيم صفوفها هناك بعد الانسحاب الإسرائيلي في يناير.
في هذا الإطار، اعتبرت "نيويورك تايمز" في تقريرها أن هذا يعكس ما وصفه بعض المحللين بأنه فشل استراتيجي؛ إذ لم تكن إسرائيل راغبة في إدارة الأراضي التي استولت عليها في غزة، ولم تكن راغبة أيضًا في تسليمها إلى جماعة فلسطينية غير تابعة لحماس. وقد خلق ذلك نوعًا من فراغ السلطة الذي يمكن للجماعات الفلسطينية أن تزدهر فيه.
المشهد داخل مستشفى الشفاء لا يمكن وصفه
وقال مسئولون في غزة: "إن مئات المدنيين استشهدوا في الغارة، وهو اتهام نفته إسرائيل، حيث ادعت أن "الجيش الإسرائيلي قتل حوالي 200 مقاتل وأسر 500 آخرين".
وتحول مستشفى الشفاء، وهو الأكبر في غزة، إلى أنقاض بعد مداهمة استمرت أسبوعين من قبل الجيش الإسرائيلي. وفي مقطع فيديو نشره الدكتور جيبريسوس على الإنترنت، يمكن رؤية عمال الإغاثة وهم يبحثون بين أنقاض المستشفى ويزيلون جثتين على الأقل.
وقال الدكتور معتصم صلاح، وهو مسئول طبي في غزة، في مقطع الفيديو: "إنه تم التعرف على الهوية جزئيًا باستخدام محافظ أو ممتلكات تعريفية أخرى تم العثور عليها على الجثث".
وقال أيضًا: "إن التأثير النفسي للمشهد على العائلات لا يطاق". "رؤية أطفالهم جثثًا متحللة، وأجسادهم ممزقة بالكامل، مشهد لا يمكن وصفه".