صلي نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا من السابعة مساء أمس السبت الموافق 18 يناير 2024، حتي قرب منتصف ليل اليوم الأحد انتهت صلاة اللقان وقداس عيد الغطاس “الظهور الإلهي” في كنيسة القديس يوحنا المعمدان في فودري بإقليم الكيبيك الكندي St. John the Baptist Coptic Orthodox Church, Vaudreuil, Québec, Canada. وشارك نيافته خدمة القداس الإلهي أبونا الحبيب القمص موسي دميان كاهن كنيسة القديس يوحنا المعمدان في فودري.
وجاءت أعداد كبيرة من الشعب في فودري والويست آيلاند ومونتريال ولافال وسانت تريز وغيرها من مدن إقليم الكيبيك لنوال بركة صلاة اللقان وقداس عيد الغطاس، حيث كانت الكنيسة ممتلئة ولم يكن هناك موطيء قدم، بسبب الشعب الكثير، رغم الأحوال الجوية الصعبة، فعلي الرغم من كونه موسم الشتاء وسقوط الثلج، سقطت مساء السبت أمطار تناسبا مع المناسبة المباركة، ثم قرب تحولت إلي كرات من الثليج يصعب معها السير علي الطرقات، ورغم ذلك قدم الشعب بأعداد كبيرة لنوال بركة الصلاة والقداس الإلهي.
= عهد المعمودية .. ورشم كل الشعب بمياه اللقان
بدأت الصلوات، بصلاة أبونا الأسقف المحبوب وجزيل الاحترام الأنبا بولس “أٍسقف الرعاية والعمران” ومع نيافته أبونا الحبيب القمص موسي دميان صلاة اللقان، ثم قياما برشامة الشعب كله بمياه اللقان المباركة في دلالة علي “عهد المعمودية”.
ثم بدأت صلوات القداس الإلهي لعيد الظهور الإلهي “الغطاس”، وكعادة أبونا الأسقف الأنبا بولس ترأس خورس الشماسة –الذين كانوا رائعين- أثناء ترتيل الألحان القبطية الجميلة، وخاصة وأن نيافته محب للصلاة والتسبيح ومشاركة أبنائه القداس الإلهي، كما يهتم نيافته بشرح تفاصيل القداس الإلهي وترتيب الصلوات للشعب حتي يكون الجميع فاهما للعقيدة وتفاصيل الصلوات.
= من أقوي الأعياد الأصيلة .. عيد “الثيؤفانيا” .. عيد “الله الظاهر في الجسد”
قال أبونا الأسقف المحبوب وجزيل الاحترام الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” بعد قراءة الإنجيل المقدس للقداس الإلهي لعيد الغطاس المبارك في عظته: يسمي هذا العيد بعيد “ثيؤفانيا” يعني “عيد الظهور الإلهي”، وهو من أقوي الأعياد التي تحتفل بها الكنيسة، لأنه يؤكد لاهوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، ونسميه بالعربي “عيد الغطاس”، حيث ندفن أو نغطس في المياة، لنقول مع معلمنا بولس الرسول “مدفونين معه في المعمودية”. وعيد الظهور الإلهي أو ظهور الثالوث القدوس علي صورة صوت “أنت هو ابني الحبيب الذي به سررت” نجد السيد المسيح في مياه الأردن، والروح القدس مثل حمامة ناوله عليه. ولذا تؤمن الكنيسة كما قال معلمنا يوحنا في رسالته “الأب والابن والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد”، وهذا هو مجد الكنيسة. كثيرون حسبوا أن السيد المسيح جاء فقط مثل نبي بعد يوحنا المعمدان. ومنذ اعتمد السيد المسيح من يوحنا المعمدان في الأردن، ظهر وتأكد أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، هو الله الظاهر في الجسد.
عيد “ثيؤفانيا” عيد أصيل جدا يحتفل به من بداية العصور المسيحية، مقارنة مثلا بعيد الميلاد الذي بدأنا الاحتفال به منذ القرن الثاني عشر. ولذا نسمي عيد الثيؤ فانيا بالعيد الأصيل، مثل عيد القيامة، ولذا نطلق علي هذه الأعياد عيد الظهور الإلهي.
= نهر الأردن والمعمودية منذ العهد القديم ثم العهد الجديد
أضاف نيافته: وجاء السيد المسيح وأخذ طبيعتنا البشرية لكي يخلصنا، لنكون شيه ومثاله، ويكون شبهنا، حيث أخذ الذي لنا ليعطينا الذي له كما نقول في التسبحة. تبدأ الكنيسة تقول أن كثيرين شكوا انه الله، وبدأ ظهور الله الثالوث القدوس الأب يدعي من السماء يقول “أنت ابني الحبيب الذي به سررت”، والابن في نهر الأردن، وظهور الروح القدس في شكل حمامة.
ونهر الأردن هناك أمور كثيرة مرتبطة بالمعمودية، منها يشوع بن نون عندما أخذ القيادة من موسي، قاد كل الشعب وساروا وعبروا الأردن وصولا إلي أرض الميعاد التي وعدهم بها الله في العهد القديم. ولكن الله قال له، هذا الشعب بقي 40 سنة في البرية بعيدين عن، وطلبه منه أن يجعل كل ذكر “يختتن”، كعهد إلهي، في اليوم الثامن من ميلاده، ولهذا الكنيسة ترتب أن كل ذكر يولد يتم الاحتفال باختتانه بعد اليوم الثامن من ميلاد، عيد الختان، أو لماذا يختن الذكر وليس الأثني.
= ختان الذكر فقط ولا ختان للأنثي .. “ختان القلب من قبل المعمودية”
أضاف أبونا الأسقف المحبوب وجزيل الاحترام الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران”: نحن نؤمن، الكنيسة، تؤمن بختان الذكر فقط، وليس ختان الأنثى أبدا كما في العهد القديم، كعلامة عهد إلهي، حيث بدأت عندما كان موسي هاربا في أرض مديان قرب خليج العقبة، وكان هناك خادم أوثان اسمه يثرون، وتزوح موسي ابنته صفورة، وانجب جرشوم، وموسي كان يعرف وصايا الله، والابن الذكر يختن كعلامة العهد مع الله، لكن موسي نسي يختن ابنه. وعندما أعطي الله موسي العصا، لتنفيذ الوصايا العشر، وليخلص شعب إسرائيل، وهم راجعين، صفورة جاءت بحجر صوان وعملت “الختان”، وأخذت “الغلف”، وبدمه مست أرجل موسي، وقال “أنت عريس دم من قبل الختان”، يعني بدأت تعمل الختان، لتكرس موسي ليبدأ الخدمة المقدسة ليحرر شعب إسرائيل.
= السيد المسيح: عريس النفس وأعطانا ختان القلب بالمعمودية
أكد نيافته: والسيد المسيح، له كل المجد، هو العريس، الختن، بالعبري تعني “عريس، عريس النفس”، جاء وتجسد ومات لأجلنا، ومات عنا علي الصليب ويقوم، ليعطينا مثال “المعمودية”، بدلا من الختان، تعالوا أعلمكم ختان جديد، هو “ختان القلب من قبل المعمودية”.
يقول معملنا بولس الرسول أنه ليس ختان بصنع اليد، ولكنه ختان روح أبدي مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات. وإن كان الختان في العهد القديم، هو علاقة عهد مع الله. نفس الأمر في العهد الجديد، المعمودية، علامة وعلاقة عهد مع الله، أخذ طبيعتنا الفاسدة وأعطانا الطبيعة الجديدة، طبيعة أولاد الله، بني النور، لهذا اعتمد السيد المسيح في نهر الأردن.
ونهر الأردن، كان يشوع بن نون قيادته لشعب إسرائيل وسيره في علامة علي المعمودية، كذلك إيليا النبي من علي نهر الأردن، صعد للمساء في مركبة نارية. والإنجيل يقول أن يوحنا المعمدان عمد فقط بالماء، لكن يأتي بعدي من يعمدكم بماء وروح القدس، أي النار، التي تزيل الخطية.
= المعمودية تغير طبيعتنا الفاسدة وتعطينا طبيعة أبناء الله .. “بني النور”
أشار نيافته إلي أن المعمودية تغير طبيعتنا الفاسدة، ولكن في المعمودية نأخذ الطبيعة الجديدة التي لا تموت، التي هي للمسيح يسوع، لذا كل واحد فينا لكي يحافظ علي عهده مع الله في المعمودية. وفي المعمودية نرفع يدنا اليسار وننظر ناحية الغرب، ونردد خلف أبونا الكاهن، “أجحدك أيها الشيطان أن وجميع جنودك وأعمالك”، ونقولها 3 مرات. أدعوكم أن تكرروا هذا العهد، وتقولوا “اجحدك أيها الشيطان، وأؤمن بإله واحد” ونبدأ بالاعتراف، وهذا عهد مقدس نعمله في المعمودية.
كثير من شعب اليهود، اختتنوا ونطقوا العهد بشفاهم، لكن أعمالهم كانت تخالف هذا العهد مثل الفريسيين، هذا الشعب قلبه مبتعد عني بعيدا، حيث هذا الشعب نقضوا العهد مع الله. ونحن أيضا يمكن أن يضيع منا عهد المعمودية، عندما يكون إيماننا بدون أعمال. ولذا عندما طلب الله من يشوع أن يأخذ حجر الصوان ويختن كل الشعب. ومعملنا بولس الرسول يقول أن الكلمة المقدسة سلاح ذوي حدين يخترق النفس والقدس.
= 3″قوموا يا بني النور” .. تدريبات اعملوها في عيد الغطاس
قال نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا: وهنا أطلب منك في عيد الغطاس أن تقوموا بعمل 3 تدريبات: أن تشعر بالموت في المعمودية، والقيامة التي قمتم بها في المعمودية، ويقول معملنا بولس الرسول مخلصنا هذا العهد “مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في، فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي”. من المهم أن نتخلص من “الإيجو – الأنا” الذي يمنعنا أن نكون علي صورة الله ومثاله، لنجدد عهد المعمودية.
التدريب الثاني هو أن نختن العين والحواس، لأنها بعد المعمودية أصبحت عين وحواس للسيد المسيح، لنتوقف عن النميمة وسب الناس، وهكذا جميع الحواس مهم أن نختن الحواس ونطهرها، لكي تكون كما قالت ابنة يثرون، زوجة موسي، صفورة “عريس دم بالختان”. لذلك المعمودية فينا، تستمر “منورة”.
والروح القدس هو القوة التي تعطينا القوة، وأجسادكم لا تجعلوها آلات للنجاسة، ولكن آلات للبر والقداسة كما يقول معلمنا بولس الرسول. في عيد الغطاس، يستطيع كل واحد أن يكون مثل يوحنا المعمدان يستطيع أن يري ويشهد بذلك، عندما آمنت فتحت عيني وشفت ورأيت وهذا هو القدوس المخلص، وهذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، له اسمعوا. افتحوا يا أحبائي الكتاب المقدس، اجعلوا الكلمة المقدسة مثل المشرط الذي تختن –تقطعوا- به الغلف.
ودعا أبونا الأسقف المحبوب وجزيل الاحترام الأنبا بولس “أسقف الرعاية والعمران” لجميع الشعب في نهاية عظته قائلا: الله يعطيكم كل بر وكل قداسة لكي تجددوا عهد المعمودية، الذي عاهدنا الله أننا أصبحنا نور، ولذا الكنيسة تدعونا جميعا وتقول “قوموا يا بني النور”، أبناء أبيكم الذي في السموات، لإلهنا كل مجد وكرامة، إلي الأبد آمين.