الأنبا موسى يكتب .. الميلاد.. والمجتمع
06.01.2019 07:31
Articles مقالات
المصرى اليوم
الأنبا موسى يكتب .. الميلاد.. والمجتمع
حجم الخط
المصرى اليوم

بقلم الأنبا موسى

حين ولد السيد المسيح، ولد فى مذود للبقر، ومن أم عذراء، فقيرة، ولكنها قديسة متميزة، ومهما كان المجتمع الذى تنشأ فيه، فالله قادر أن يجعل أولاده- بالجهاد الروحى- مقدسين ومثمرين بنعمته الإلهية.

وفى الميلاد نتقابل مع مجتمعات عديدة:

1- مجتمع الفقراء: حيث لم يجد السيد المسيح سوى مذود البقر ليولد فيه، حتى لا يتجاسر أحد ويقول: إن السيد المسيح عاش حياة أفضل منى!.. وهكذا بين فتاة فقيرة، ونجار بسيط، قضى السيد المسيح غالبية حياته الأرضية، حتى خرج إلى الخدمة العلنية فى سن الثلاثين، ليسعى فى الأرض فقيرًا، تخدمه بعض النسوة من أموالهن.

 

2- مجتمع البسطاء: فها هم الرعاة البسطاء، يسبقون رؤساء الكهنة والكهنة والفريسيين والناموسيين، ويدركون أن المولود هو المخلّص، ويقدمون له ذبائح الحمد والتسبيح.

 

3- مجتمع العلماء: فها هم المجوس، بأدواتهم التى تدرس الفلك، وعقولهم الباحثة المتأملة، وانتظارهم مئات السنين، حتى يبرز كوكب من يعقوب، فيأتون من مشارق الأرض، يحملون هدايا ذات مدلولات لاهوتية: الذهب رمز الملكوت، واللبان رمز الكهنوت، والمر رمز الفداء.

 

4- مجتمع اللامبالين: وهو مجتمع حقيقى وموجود على الدوام، أولئك الذين رأوا اضطراب أورشليم، وعرفوا عن تحقيق النبوة، ولم يكلفوا أنفسهم مشقة السير مع المجوس إلى بيت لحم، ولو حتى من باب حب الاستطلاع.

 

5- مجتمع المقاومين: كهيرودس ورجاله الذين قاوموا الحق، وبدلاً من الخضوع للنبوة، حاولوا دفن الحقيقة، وطمس النور، وقتل المخلص.. ولكن هيهات! فالرب قال: أنا سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِى لأُجْرِيَهَا (إر 12:1)، خُرُوجُهُ يَقِينٌ كَالْفَجْرِ (هو 3:6)، مَنْ ذَا الَّذِى يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ؟ (مرا 37:3)؟!

 

6- مجتمع الملائكة: الذين نزلوا من السماء، يتهللون مع البشر، ويعلنون البشرى، ويعزفون ألحان الفرح، ويرشدون الناس إلى المخلّص.

 

نعم.. فالميلاد حركة دؤوب!

 

وأبناء الميلاد رسل سلام، وإنارة، وإثمار!

 

ليسوا- على الإطلاق- دعاة اعتزال وانعزال عن المجتمع، بل رعاة شهادة أمينة وإسهام إيجابى!

 

وليسوا- على الإطلاق أيضًا- دعاة ذوبان وضياع فى سلبيات الأرض والتراب، بل رعاة أمانة وتدقيق مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ (يه 23).

 

وهكذا يشبهون سيدهم الذى يبْذلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ (يو 11:10)، وتلاميذه الَّذِينَ فَتَنُوا الْمَسْكُونَةَ (أع 6:17)، حاملين النور والسلام، لكل إنسان على وجه الأرض.

 

نعم.. الْمَجْدُ لِلَّهِ فِى الأَعَالِى، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ (لو 14:2). وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ (يو 10:10).

الإنسان.. روح.. وعقل.. ونفس.. وجسد.. وعلاقات:

1- روح تشبع بالله.

 

2- وعقل يستنير بنوره.

 

3- ونفس تنضبط بطاعة وصاياه.

 

4- وجسد يصح بالسلوك السليم.

 

- وعلاقات تنجح بقيادة الروح القدس.

 

وهذه الزوايا الخمس فى الشخصية الإنسانية هى نفس الزوايا الخمس التى ذكرها الكتاب المقدس على السيد المسيح، حيث كان ينمو فيها منذ طفولته المبكرة، إذ يقول معلمنا لوقا: أَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِى الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ (لو 52:2).

 

1- الْحِكْمَةِ = النمو العقلى.

 

2- الْقَامَةِ = النمو الجسدى.

 

3- النِّعْمَةِ = النمو النفسى.

 

4- أمام الله = النمو الروحى.

 

5- وَالنَّاسِ = النمو الاجتماعى.

 

ولا شك أن ميلاد السيد المسيح كان فيه شفاء للنفس البشرية، وإنماء لكل مكوناتها، وتقديس لكل زواياها الخمس.

فالميلاد:

1- يشبع الروح.

 

2- وينير العقل.

 

3- ويضبط النفس.

 

4- ويصح الجسد.

 

5- وينجح العلاقات.

 

وكل عام وأنتم بخير.

 

أسقف الشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.