قال الدكتور على الإدريسى خبير اقتصادى، إن أداء الحكومة المصرية فى إدارة ملف الدين العام نجحت فى الحفاظ على نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى عند مستويات مستقرة دون زيادة، وهو ما انعكس على التصنيف الائتمانى لمصر من قبل وكالات التصنيف الائتمانى الدولية التى قرر عدد منها تثبيت التصنيف الائتماني للبلاد عند B+، مضيفًا أن تلك المؤسسات تستند فى تقييمها إلى عدة معايير موضوعية دقيقة دون أى مجاملة، وترتبط بمدى استقرار الأداء الاقتصادى وقدرة مصر على سداد التزاماتها الخارجية.
وأكد "الإدريسى"، فى تصريح لـ"الدستور"، أن مصر أحرزت تقدمًا ملموسًا فى كفاءة إدارة الدين العام سواء الداخلى أو الخارجى منذ بداية عام 2016، لتتراجع نسبة الدين من 102.8% فى عام 2015-2016 لـ 80.9% فى عام 2020-2021، قبل الجائحة، إلا أن الصدمات المتتالية منذ جائحة كورونا وحتى توابع الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بشكل واضح على الاقتصاد المصرى وخاصة استثمارات الأجانب في الدين الحكومى أو الأموال الساخنة بعد خروج أكثر من 22 مليار دولار منذ بداية الأزمة فى مارس الماضى، ما فرض تحديًا كبيرًا أمام الدولة وخططها للسيطرة على الدين الخارجى.
وأضاف أن إجراءات خفض الدين لا بد وأن ترتكز على محورين، الأول يتعلق بزيادة الناتج المحلى الإجمالى والوفاء بالتزامات مصر فى سداد أقساط وفوائد الديون، ومؤخرًا أعلن البنك المركزى سداد حوالى 26 مليار دولار خلال عام، وبالتالى الحفاظ على نسبة الدين الخارجى عند 32.5% وهو لا يزال فى الحدود الآمنة، حيث يمثل ما يقارب ثلث الناتج المحلى.
وشدد على ضرورة العمل سريعًا على عدم التوسع فى الاقتراض، وأن تكون عملية الاقتراض موجهة تجاه مشروعات استثمارية ينتج عنها عائد وبخاصة فى المجالات التنموية التى تتصدر أولويات الدولة، إلى جانب اتخاذ خطوات صارمة فى مكافحة فساد الجهاز الإدارى لما له من تكلفة كبيرة مباشرة أو غير مباشرة على مستوى قطاع الأعمال العام وشركات القطاع العام، وبالتالى تعظيم إيرادات الأصول الخاصة بالدولة وخفض عجز الموازنة وتقليص نسبة الدين إلى الناتج.
يشار إلى أنه تسود احتمالات حدوث كساد فى الاقتصاد العالمى، وتخوفات من اضطرابات فى سلاسل الإمداد للسلع الغذائية والطاقة، نتيجة استمرار تبعات الحرب فى أوروبا وتطورها ومداها الزمنى وآثارها، واستمرار معدلات التضخم وأسعار الفائدة العالمية فى دول العالم والأسواق الدولية، بينما تشكل التحديات الداخلية الحفاظ على استدامة معدلات التنمية، وزيادة معدلات التضخم، استمرار معدلات الزيادة السكانية الحالية، بخلاف استدامة المالية العامة ما بين الحماية الاجتماعية، تلبية احتياجات المواطنين، خلق فرص عمل "مليون فرصة سنويًا"، تمويل خطط التنمية، وتحسين بيئة العمل وجذب الاستثمارات.
ويتمثل من أبرز التحديات الخارجية فى ارتفاع التضخم العالمى من 2.8% فى عام 2020 إلى 9.1% فى 2022، ارتفاع معدلات الفائدة فى الولايات المتحدة من 0.25% فى 2020 إلى 3.25% فى 2022 وتوقعات بارتفاعها إلى 5.5%، وزيادة قوة الدولار وتأثيره على انخفاض العملات الأخرى.
وحول وضع دين الحكومة العامة فى مصر مقارنة بالدول المناظرة، تبلغ نسبة الدين من الناتج المحلى فى مصر 85.3% فى عام 2021-2022، مقابل 88.2% فى البرازيل، و91% فى الأردن، و130.5% فى سريلانكا، 177.6% اليونان، بينما تبلغ النسبة فى الدول الناشئة 67.5%، وترتفع على مستوى العالم لـ 99%، وعلى مستوى الدول المتقدمة لـ 111.3%.