
أنعقد بالقاعة الرئيسية بكلية اللاهوت الانجيلية بالعباسية بالقاهرة مؤتمر التراث العربى المسيحى فى دورته التاسعة والعشرون حيث قدم الباحثين كلمتهم من خلال أوراقهم البحثية ، وبالجلسة السادسة قدم الباحث نبيل شحاته بسطا – الباحث بالتراث العربى المسيحى ورقتة البحثية بعنوان ” دراسة وتحليل عن نصوص المسيحية العربية عن وحدة الإيمان والكنيسة ” وقد ألقى الباحث كلمته والتى استعرض فيها ستة نقاط رئيسية وهامة.
بدأ كلمته بقرأه جزء من أقوال أحد أباء كنيسة السريان فى القرن العاشر وهو على بن داود الأرفادي المؤكدة أن وحدة إيمان جميع الطوائف المسحية ، و وأنه لا يوجد خلاف فى صحيح الإيمان والأعتقاد ، وأنما الخلاف فى المعنى واللفظ ، ولا أثر لذلك على جوهر الإيمان
وأكد الباحث أن هذا النوع من الكتابات لهو من أهم مميزات التراث المسيحى المدون باللغة العربية ،وهو التأكيد عل وحدة الإيمان على المستوى المسكوني ، وقد وصل إلينا عدة كتابات عن ذات الموضوع وتتخذ نفس المنهجية مثل مقالة لطيموثاوس الجاثليق ( ٧٨٠ م) ، ومقالة لنجم الدين في القرن التاسع رداً على باشوش الضرير ، ومقالة للقس أبي علي نظيف بن يمن الطبيب الملكي البغدادي (المتوفى عام ٩٩٠ م) ، ومقالة للمطران ساويرس بن المقفع اسقف الأشمونين في صعيد مصر (توفي عام ١٠٠٠م ) ، ومقالة لعلي بن الارفادي، وهو من أرفاد بجوار حلب ومؤلف سرياني من القرن الحادي عشر، ومقالة لابي فرج عبدالله بن الطيب الطبيب، صاحب كتاب “فقه النصرانية”، وسكرتير البطريرك. (توفي عام ١٠٤٣ م) ، مقالة ليحيى بن جرير التكريتي السرياني (توفي نحو عام ١٠٨٠م ) ، و مقالة مجهولة المؤلف قبطي من القرن الثاني عشر ، ومقالة لصفي الدولة أبو الفضائل بن العسال القبطي موضوعة ( سنة ١٢٣٦م ) ، و مقالة لاخيه مؤتمن الدولة أبي اسحق أبن العسال (نحو سنة ١٢٦٠ م) في كتابه “مجموع اصول الدين ومسموع محصول اليقين”.
ثم استعرض الباحث نبيل شحاتة نقاط البحث تباعا
و فى النقطة الأولى اكد الباحث على أصاله هذا النوع من الكتابات وأنه أتجاه أبائي يمتد لأباء الكنيسة فى مرحلة ما قبل الكتابة بالعربية ، وأن الأباء الرسولين والشرقيين والغربيين وأباء مدرسة الأسكندرية والكابدوك أكدوا جميعاً على وحدة الإيمان والكنيسة ، ولكن أخذ أبا الكنائس الثلاثة (اليعاقبة والملكانين والنساطرة) المتكلمون باللغة العربية فى تطوير هذة الفكرة ، فبعد أن كانت فكر أباء الكنية قبل العربية الحديث على أن الكنائس تمثل جسد المسيح ولا يجب أن تفترق أعضاء الجسد الواحد ، إلى الحديث عن خلافات لاهوتية مُحدده ومُعالجتها كالقول بالطبعيتين والمشيئتين ، ولقب السيدة العذراء بوالده الإله ، وتحليل موقف كل فرقة من ليعقوبين والملكانيين والنساطرة وتوضيح وجهه نظر كل فريق وتقريب وجهه نظرة للطرفين الأخريين بشكل يؤكد على أن الثلاثة ليسوا مختلفي فى أصل وجوهر الإيمان .
وفى النقطه الثانية اوضح الباحث نبيل شحاتة على أن الوحدة اللغوية كانت عاملاً محفزاً للتفكير فى الوحدة الكنسية ، فبعد أن كانت اللغة اليوناية هى اللغة العالمية والتى تسيطر على أغلب الكنائس وذلك على مدار الأربعة قرون الأولى من تاريخ المسيحية ، إلا أنه بحدوث المجامع والأنشقاقات وأعتراف بعض الكنائس بمجامع ، ورفضها لبعض المجامع الأخري ، وأنتشار الحرومات والوصم بالهرطقة ، أزدهرت اللغات القومية فى تلك الكنائس على حساب اللغة اليونانية كاللغة القبطية والسريانية ، وأخذت كل كنيسة تتمسك برأيها ولغتها بشكل يشبه التمسك القومي ، مما صعب التواصل والحوار بين كل كنيسة والأخرى ، إلا أنه بالرغم من أنتشار اللغة العربية بشكل قصري وإجباري على البلاد التى بها تجمعات مسيحية ، إلا أن هذا الأمر فتح باب الحوار بن تلك الكنائس لأعاد الوضع لما كان عليه فى الأربعة قرون الأولي من تاريخ المسيحية .
وذكرالباحث فى شرحة للنقطة الثالثة أن الثقافة الإسلامية التى سادت فى وقت كتابة نصوص الوحدة المسيحية وما قبل كتابة تلك النصوص قد جاءت بأشكاليات وأعترضات لم تكن مطروحة على ساحة الفكر المسيحي فى القرون السابقة ، وحتى وأن وجدت متشابها لتلك الأعتراضات من بعض الشخصيات الفكرية فى التاريخ فأن هذة الأعتراضات لم تكن بهذا السيط والأنتشار الذى أنتشرت به فى زمن كتابة تلك النصوص ، وهو ما كان دافعاً للمسحيين بمختلف تجمعاتهم لتوحيد الصف ومعالجة الإشكاليات العقيدية التى بينهم والتى أستمرت على ذات وضعها دون تغير على مدار قرون ، وذلك لمجاوبة كل من يسأل أو يجاهر بهذة الأعترضات .
واضاف الباحث نبيل شحاتة فى النقطة الرابعة على أن القرأن الكريم يعتبر أهم وثيقة باللغة العرية وأن لها أثراً لغوياً لا يستهان به إذ أنها وحدت الدلالة اللفظية لكثير من المُصطلحات العقائدية وفقاً للمفهوم الذى قصده القرآن الكريم ، وترك باقى المعانى الأخرى التى قد تتواجد فى اللغة العربية بشكل عام أو فى لغة العرب قبل الأسلام بكل تشعباتها ومفرداتها المختلفة ،أى أن القرأن الكريم كان بمثابة المعجم الموسعي لكثير من تلك المطلحات التى أستخدمها المسحيون فى كتابة تلك النصوص .
كما شرح الباحث فى النقطة الخامسة اختلاف الوضع بين الطائفية المسيحية والطائفية الأسلامة ، حيث أن الطائفية الإسلامية كانت ضمن الأساب الدافعة للبحث فى وحدة الصف لمسيحي العربي أسوه بالطائفية الإسلامية التى تختلف فيما بينها فى تفسرات معينة كمثل الأشاعرة والمُعتزله أو المذاهب الفقهية ، لكن فى نهاية الأمر كانت أغلت الخطوط العريضة لمعالم الإيمان مُتفق عليها .
وأخيراً فى النقطة السادسة أكد الباحث نبيل شحاتة أنه مذ أنشاء مجالس الكنائس كمجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط وخوض تلك الكنائس حوارات مسكونية عن طريق مندويها وومثليها مع ممثلى الكنائس الأخرى ، أنتهو جميعاً لإصدار توصيات ، كان فى مُجملها التأكيد على صحة الفهم الذى وصل إلينا عن طريق أباء الكنيسة فى كتابتهم عن وحدة الإيمان المسيحي والكنيسة ، مما يؤكد أصالة التراث العربى المسيحي وأنه كتاباته نابعة من فكر صحيحي معتمد على الإيمان الكتابي والفكر الأبائي .