تتميز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في عهد البابا تواضروس الثاني، بمستوى جيد في العلاقات مع الكنائس الأخرى وعلى رأسها الكنيسة المصلحة.
ويقول الموقع الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن العلاقات بين الكنيستين إنه كان قد تم تنظيم الحوار اللاهوتى مع الاتحاد العالمى للكنائس المصلحة الذي كانت بدايته دير الأنبا بيشوى فى مايو 1993 م فى مصر، ثم انعقد اللقاء الثانى للحوار فى هولندا في سبتمبر 1994م.
ودار الحوار فى هولندا حول طبيعة السيد المسيح ، وبعد ما ألقى قداسة البابا شنودة الثالث محاضرة عن عقيدة عائلتنا الأرثوذكسية فى هذا الموضوع وشارك فى بعض الجلسات اتفق الحاضرون على صيغة مشتركة، لكى تكون موضع دراسة السلطات الكنسية المسئولة لدى كنائس الطرفين، كما اتفق على استمرار الحوار حول الخلافات الأخرى الكثيرة والهامة، مبتدئين بحوار حول مفهوم الوحى والكتاب المقدس، ومكانة التقليد الكنسى.
وقد اتخذت الكنائس المصلحة قرارًا من جانبها بإرسال توصية إلى دور النشر التابعة لها، حتى لا يتكرر ما كان يذكر فى مطبوعاتها أن عائلة كنائسنا تتبع المعتقد المونوفيزيتى، بمعنى الطبيعة الوحيدة (وليس الواحدة)، والتى تعنى إنكار حقيقة ناسوت السيد المسيح، أما عن الحوار حول مفهوم الوحى والكتاب المقدس، فللأسف أنهم قدموا مفهومًا غريبًا ينكرون فيه أن الكتاب المقدس هو كلام الله نفسه، وهذا المفهوم ترفضه كنيستنا وجميع الكنائس التى تحفظ التقليد الرسولى.
وأوردت الكنيسة نص الاتفاق الموقع بين الكنيستين بشأن طبيعة المسيح الذى تم فى نذرلند بهولندا “ فى 13 سبتمبر 1994م والذي جاء نصه كالآتي:
فى بحثنا عن فهم مشترك للخلافات الكائنة بيننا حول طبيعة السيد المسيح، فكرنا أنه من الملائم أن نركز على صيغة إعادة الوحدة 433 م. تلك الصيغة تمثل اتفاقية توصلت إليها كل من أنطاكية والإسكندرية وكانت لاحقة للمجمع المسكونى الثالث عام 431 م، لذلك فإنها تمدنا بنقطة ابتداء مشتركة للطرفين . ونحن نجد أن التفسيرات الموجودة فى هذه الاتفاقية تلائم العقيدة الخاصة بطبيعة السيد المسيح فى تقليد كل منا .
وعن صيغة الاتفاقية فجاءت كالآتي:
نعترف بربنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد الكامل فى لاهوته، والكامل فى ناسوته (المكون من روح عاقلة وجسد) . المولود من الاَب قبل كل الدهور من الناحية اللاهوتية ، وكذلك فى ملء الزمان ، ولد من العذراء مريم من أجل خلاصنا بحسب ناسوته ، له نفس الجوهر ذاته مع الآب من حيث اللاهوت ، ومساويًا لنا فى الجوهر من حيث الناسوت لأن اتحادًا حدث بين الطبيعتين ، لذلك نعترف بمسيح واحد ، وابن واحد ، ورب واحد.
وفقًا لهذا المعنى للاتحاد غير المختلط ، نحن نعترف بالقديسة العذراء أنها والدة الإله ، لأن الله الكلمة تجسد وصار إنسانًا ، ومنذ اللحظة الأولى للحمل وحَّد بنفسه الهيكل الذى أخذه منها . وبالنسبة للتعبيرات الخاصة بالرب فى البشائر والرسائل ، نحن ندرك أن اللاهوتيين يفهمون أن بعضها عام ، بالنسبة لأقنوم واحد ، والأخرى يميزونها بأنها تتعلق بالطبيعتين ، فيفسرون تلك التى تلائم الطبيعة الإلهية وفقًا للاهوت المسيح ، وتلك التى من النوع المتواضع وفقًا لإنسانيته .
إن الأربعة توصيفات المستخدمة التى تحدد سر الاتحاد الأقنومى ، ترتبط بتقليدنا المشترك عن طبيعة المسيح وهى : “بغير اختلاط” ، “بغير تغيير” ، “بغير افتراق” ، “بغير انقسام” . أولئك الذين يتكلمون منا عن طبيعتين للسيد المسيح هم محقون فيما يعملون بما أنهم بذلك لا ينكرون الوحدة غير المفترقة وغير المنقسمة. وبالمثل أولئك الذين يتكلمون منا عن طبيعة إنسانية إلهية واحدة فى المسيح ، هم محقون فيما يقولون ، بما أنهم بذلك لا ينكرون الحضور الفعال والمستمر للاهوت والناسوت فى المسيح ، بغير تغيير ولا اختلاط .
ويتفق الطرفان على رفض التعليم الذى الذى يفرق أو يقسم الطبيعة الإنسانية ، كلًا من الروح والجسد فى المسيح ، عن الطبيعة الإلهية ، أو يقلل من اتحاد الطبيعتين إلى مستوى مجرد اتصال . كما يتفق الطرفان على رفض التعليم الذى يخلط بين الطبيعة الإنسانية فى المسيح والطبيعة الإلهية، بحيث أن تمتص الأولى فى الأخيرة ، وبذلك تلغى وجودها .
إن الاتحاد التام للاهوت والناسوت فى الكلمة المتجسد لازم لخلاص الجنس البشرى . “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ”