رأت صحيفة الجارديان البريطانية، إنه بعد ستة أشهر من العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة، أصبحت حماس ضعيفة ومنقسمة ولكنها بعيدة عن الهزيمة أو التدمير الكامل، وهو هدف بنيامين نتنياهو الذي يسعى لتحقيقه منذ بدء الحرب.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها يسلط الضوء على مدى قوة حماس وسيطرتها على الأرض منذ بدء الحرب حتى يومنا هذا، أن حماس تظل تسيطر بحكم الأمر الواقع على مساحات واسعة من قطاع غزة، بما في ذلك الأجزاء التي يتركز فيها الآن قسم كبير من سكان القطاع، بل وقد أعادت ترسيخ وجودها في أماكن أخرى.
وأوضحت أنه في الأيام الأخيرة، شوهد "نشطاء" من حماس مسلحون بالهراوات وهم يحفظون النظام في شوارع خان يونس، المدينة الجنوبية التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، وأنه يوم الأربعاء، أطلق نشطاء صواريخ على كيبوتز في إسرائيل من جباليا شمال قطاع غزة.
وقالت: "لم يتضرر سوى عدد قليل من أعضاء الحركة على أعلى المستويات حتى الآن، ولا يزال الكثير من شبكة الأنفاق الواسعة سليمة. ومع ذلك، فإن قدرة التنظيم على الحكم بفعالية قد تقلصت كثيرًا، واستنفدت مخازنه العسكرية، ومات آلاف المقاتلين".
ونقلت “الجارديان” عن مصادر مطلعة على اتصال مباشر مع شخصيات بارزة في حماس، أن الحرب المستمرة منذ أشهر، أدت أيضًا إلى توترات جديدة بين يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، والقادة المقيمين في الخارج، خاصة في قطر وتركيا، مبينة أنه في الأسابيع الأخيرة، اندلعت خلافات مريرة حول الشروط المقبولة لوقف إطلاق النار وحول الإستراتيجية المستقبلية لحماس.
ووفقًا لتقرير الصحيفة البريطانية، قال أحد هذه المصادر: إن الانقسام كان بين المنفيين الذين يفضلون استراتيجية قومية، مع كون حماس جزء من تحالف مناهض للغرب إلى جانب قوى مثل روسيا أو إيران، وقيادة غزة التي "ضاعفت" المشروع الإسلامي الأصلي للحركة بينما ظلت على حالها ملتزمة بالقتال المحلي ضد إسرائيل.
وأشار آخر إلى العداء الشخصي العميق بين السنوار وخالد مشعل، وهو أشهر قادة حماس السياسيين.
واعتبر التقرير أن إحدى المشاكل الناشئة بالنسبة لحماس هي الانشقاق داخل غزة، نتيجة لضعف سلطة الجماعة على السكان والتكلفة الباهظة لهجوم 7 أكتوبر، مستشهدًا بأحد الاستطلاعات التي خلصت أنه على الرغم من دعم المنظمة في القطاع، إلا أن هناك أدلة على تفاقم الغضب بين الكثيرين هناك.
تفكيك القدرات الإدارية لحماس أمر صعب
وأشار كذلك إلى إصدار حماس في أواخر مارس على قناتها الخاصة بتطبيق "تليجرام"، اعتذارًا غير مسبوق عن المعاناة الناجمة عن الحرب في غزة، حيث تلوح المجاعة الآن في الأفق، واعترفت بـ "الإرهاق" الذي يعاني منه السكان، منوهًا بأن الاعتذار تطرق أيضا إلى الخطوات التي اتخذتها الحركة الفلسطينية لمساعدة الناس العاديين، مثل فرض أسعار منخفضة للسلع الأساسية وسط ارتفاع التضخم، واستشارة المنظمات المجتمعية المؤقتة التي كانت تحاول الحفاظ على النظام في المنطقة التي تتزايد فيها الفوضى، وهو ما يعكس مدى سيطرتها، خاصة أنها كررت في بيانها تبريرها للحرب بالقول: "إنها ستؤدي إلى انتصار الفلسطينيين وحريتهم".
ورأى تقرير "الجارديان"، أن "إحدى الخسائر الكبرى التي منيت بها حماس ـ ولو أنها لم تتأكد بالكامل بعد ـ كانت مروان عيسى، الرجل الثالث في القيادة في غزة"، والذي تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية أنه قُتل في غارة جوية إسرائيلية الشهر الماضي.
وأوضح أنه عقب اغتيال عيسى قطعت الاتصالات لمدة ثلاثة أيام من قبل قادة حماس الذين يشعرون بالقلق من أن جاسوسا في صفوفهم كشف تفاصيل مهمة لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي سمحت بالهجوم، منوهًا إلى أن مصادر مقربة من حماس قالت: "إنه تم اتخاذ إجراء احتياطي مماثل بعد الاغتيال الإسرائيلي المزعوم لصالح العاروري، نائب الزعيم السياسي، في بيروت في يناير".
وقال: "لقد نجحت إسرائيل في اختراق العديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي وفتح وغيرها في الماضي. كما قتلت كما تقول ثلث مقاتلي حماس (الذين يتراوح عددهم بين 30 ألفًا إلى 40 ألفًا قتيل)..لكن العديد من المحللين يقولون إن التركيز على "عدد القتلى" كشف عن فشل الاستراتيجيين الإسرائيليين في فهم طبيعة عدوهم".
وأضاف: "وعلى الرغم من القوة العسكرية الهائلة، إلا أنه قد ثبت أن تفكيك القدرات الإدارية للحركة الفلسطينية، التي تدير غزة منذ استيلائها على السلطة هناك في عام 2007، أمر بالغ الصعوبة".