قال الدكتور سلطان أحمد الجابر، رئيس مؤتمر الأطراف COP28، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، إن «اتفاق الإمارات» التاريخي الصادر عن المؤتمر في نسخته ال28، مثل نتيجة غير مسبوقة في جهود العمل المناخي، وصحح مسار العالم عبر تغيير قواعد اللعبة.
وأضاف سلطان الجابر في حوار مع براد سميث نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس شركة «مايكروسوفت» الأمريكية، ومقدم بودكاست "أدوات وأسلحة" (Tools and Weapons)، أن مهمته في قيادة مؤتمر الأطراف COP28 كانت بمثابة المسؤولية الأكثر تحديًا في حياته المهنية، وإن النجاح غير المسبوق الذي تحقق لم يكن ممكنا لولا الرؤية والالتزام والتفاني والإلهام والدعم من القيادة الرشيدة في دولة الإمارات.
وكشف سلطان الجابر خلال الحوار الذي انعقد على هامش مشاركته في قمة "مايكروسوفت" للرؤساء التنفيذيين بالعاصمة الأمريكية واشنطن، عن الترابط العميق بين الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، وكيف أن كل منهما يمكن أن يدفع الآخر إلى الأمام.
وقال الجابر إنه من خلال دمج الذكاء الاصطناعي والطاقة، يمكن إطلاق العنان للقيمة الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن رحلة التحول نحو الطاقة العالمية الأكثر تقدمًا، كشفت بوضوح عن حقيقة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا تمكينيًا في تحقيق المهمة.
وأوضح أنه من المهم أن يدرك جميع المشاركين في هذا المجال أن الذكاء الاصطناعي لا يعمل على تسريع التغيير فحسب، بل ويحدد في الواقع وتيرة هذا التغيير.. أعتقد أنه إذا قمنا بدمج قطاعي الذكاء الاصطناعي والطاقة بشكل أكثر فعالية، فيمكننا تقليل الانبعاثات بينما نضمن الاستدامة والازدهار من خلال تعزيز القيمة الاجتماعية والاقتصادية في كل مكان.
ولفت الدكتور سلطان الجابر إلى الاحتياجات العالمية الضخمة للطاقة في المستقبل، منبها إلى ضرورة مواكبة هذا الطلب وهي مهمة لن تكون سهلة.
وأضاف: "بالطبع نحن بحاجة إلى الذكاء الاصطناعي للمساعدة في استقرار شبكات الطاقة وتحديث الشبكات الوطنية الحالية".
وبطبيعة الحال، يزيد استخدام الذكاء الاصطناعي من الحاجة إلى مراكز البيانات التي أضحت هي ذاتها مستهلكا كبيرا للطاقة. لذلك، لفت الدكتور سلطان الجابر إلى أنه يوجد على مستوى العالم 1600 مركز بيانات كبير يستهلك حاليًا 400 تيراواط/ساعة من الطاقة، وتابع: "نعلم جميعا أن هذا الرقم سوف يتضاعف بحلول عام 2030، مما يضيف 700 تيراواط/ساعة من الطلب، وهذا يعادل استهلاك الكهرباء بالكامل في كندا. وتتطلب تلبية هذا الطلب كمية هائلة من الطاقة".
وأردف: "على سبيل المثال، سنحتاج إلى إضافة ما لا يقل عن 20 إلى 25 مفاعلاً نووياً في الولايات المتحدة فقط لتلبية هذا الطلب المتزايد على الطاقة".
وتابع: "في الواقع، سيكون الذكاء الاصطناعي، من وجهة نظرنا، عامل نجاح حاسم فيما يتعلق بكيفية إنتاج الطاقة، وأيضا كفاءة هذا الإنتاج من خلال تحسين نظام الطاقة الحالي.
الطاقة المتجددة تغذي الذكاء الاصطناعي
وأكد الدكتور سلطان الجابر، أن دولة الإمارات تستكشف حاليًا العديد من الفرص الجديدة للاستثمارات المشتركة في مشاريع الطاقة المتجددة على مستوى العالم، بهدف إتاحة المزيد من الطاقة الخضراء لهذا النمو التحويلي للذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم.
واستطرد: "تبنينا في دولة الإمارات التحول في مجال الطاقة في وقت مبكر جدًا. ونواصل الاستثمار في تقليل انبعاثات الكربون من نظام الطاقة الحالي لدينا بينما بدأنا الاستثمار في الحلول منخفضة الكربون وفي الطاقة المتجددة. وننظر إلى تكامل الذكاء الاصطناعي والطاقة كفرصة جديدة".
وكملخص لرؤيته لمستقبل الطاقة، قال الدكتور سلطان الجابر: "نحن بحاجة إلى التركيز كثيرًا على الكفاءة والتحسين من نظام الطاقة الحالي، وبالتوازي، البدء في التفكير في نظام الطاقة الجديد، الذي سيتكون من النفط والغاز الخاليين من الكربون أو مع أقل كثافة للكربون، والتعامل مع الغاز كجسر انتقالي نحو الطاقة النووية والمتجددة.
وتابع: "بسبب اهتمامنا وعزمنا الحقيقي على الاستمرار في لعب دور عالمي مسؤول وموثوق كمورد عالمي للطاقة، فإننا نستثمر في مصادر الطاقة المتجددة ونواصل توسيع رأس المال ونطاق التواجد للمساعدة في تطوير التكنولوجيا وخفض تكلفتها وتعزيز كفاءتها".
COP28 وتصحيح مسار العالم
ولفت الدكتور سلطان الجابر إلى أن رئاسته لمؤتمر الأطراف للمناخ COP28 كانت تجربة غنية جداً، لكنها مثلت المسؤولية الأكثر تعقيدًا والأكثر تحديًا التي تحملها في حياته المهنية.
وقال: "اكتشفنا أن تضارب المصالح الملحوظ (الذي كان سببا في إعاقة الكثير من القرارات في مؤتمرات المناخ الماضية) هو أحد نقاط قوتنا! في الواقع تبين أن هذا هو ما مكن قصة النجاح هذه في COP28، لأننا امتلكنا القدرة على جمع العالم والتحدث بلغة عملية وواقعية مع الجميع".
وتابع أنه كان أول مؤتمر أطراف يتناول الخسائر والأضرار، وإنشاء صندوق الخسائر والأضرار والبدء في تشغيله وتفعيله، والبدء في تمويل الصندوق. وبالطبع، كنا أول من حدد موعدًا نهائيًا لإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030".
وأضاف: "يجب أن أقول إن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، ومن خلال اتفاق الإمارات التاريخي، كان بمثابة تغيير لقواعد اللعبة، والنتيجة غير المسبوقة وضعت العالم على المسار الصحيح. وما زلنا مصممين على المساعدة في دفع هذه الأجندة قدما، وإيجاد الحلول اللازمة لجعل العالم مكانا أفضل