أثار فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في السباق الرئاسي قلقًا كبيرًا في أوكرانيا، حيث يخشى العديد من الأوكرانيين من أنه قد يقلل أو ينهي دعم الولايات المتحدة للبلاد بمجرد توليه منصبه في أوائل العام المقبل.
قدم ترامب لأوكرانيا دعمًا عسكريًا كبيرًا خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى، لكنه أدلى أيضًا بعدد من التصريحات غير المواتية التي أدت إلى تساؤلات حول التزامه بنضال أوكرانيا ضد روسيا.
من هذه التصريحات، إلقاؤه اللوم على الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في الحرب ووصفه بأنه "أعظم بائع في العالم" لتأمين مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية، مقابل إبداء إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتأكيد على أنه يجمعهما علاقة جيدة.
في هذا الإطار، رأى العديد من السياسيين والأكاديميين وممثلي المجتمع المدني الأوكرانيين، في تصريحاتهم لوسائل الإعلام الغربية، أن فوز ترامب قد يكون له عواقب وخيمة على بلادهم، مشيرين إلى أن ترامب قد يثبت أنه أكثر حسمًا من سلفه جو بايدن في تعامله مع هذه الحرب، وقد تكون في نهاية المطاف لصالح جارتها الأكبر بكثير.
وكان بايدن ثابتًا في دعمه أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في عام 2022، لكنه تبنى سياسات حذرة للغاية أدت إلى تأخير تسليم الأسلحة وفرض قيود على قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.
العلاقة الجيدة مع بوتين
خلال حملته الانتخابية، صرّح ترامب بأنه يتمتع "بعلاقة جيدة للغاية" مع بوتين، وأنه إذا عاد إلى السلطة فسوف ينهي الحرب "في يوم واحد".
وقال، خلال المناظرة مع منافسته كامالا هاريس، إن بوتين "لديه أسلحة نووية، وقد يُقدم يوما على استخدامها". وأضاف: "تربطني علاقات جيدة مع بوتين، وإدارته لا تحترم إدارة بايدن الحالية".
وردا على سؤال حول الحرب الأوكرانية، أوضح ترامب: "أريد أن تتوقف هذه الحرب. سأقوم بتسوية الأمر حتى قبل أن أصبح رئيسا. سأجمعهما- زيلينسكي وبوتين- معا. لم تكن تلك الحرب لتحدث أبدا لو كنت رئيسا".
بدوره، وصف بوتين الرئيس الأمريكي المنتخب بـ"الرجل الشجاع". وقال خلال منتدى "فالداي" إن الاتصال بترامب لن يكون خطأ، مشيرا إلى أنه تأثر أثناء تعرضه لمحاولة اغتيال.
كما اعتبر بوتين أن رغبة ترامب في استعادة العلاقات مع روسيا وتسهيل إنهاء الأزمة الأوكرانية تستحق الاهتمام. وقد وجه له التهنئة بانتخابه "رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية".
وجاءت تصريحات الزعيمين في وقت تحرز روسيا فيه حاليًا تقدمًا في الحرب، سواء في استعادة الأراضي التي فقدتها خلال غزو أوكرانيا الصيفي أو في شرق أوكرانيا.
كما أن نشر أكثر من 10 آلاف جندي كوري شمالي مؤخرا يجعل من الصعب على أوكرانيا صد المزيد من الهجمات الروسية، حيث تكافح من أجل العثور على مجندين جدد.
في هذا السياق، قال المجلس الأطلسي إن هذه الظروف والتصريحات قد تجعل من الممكن لروسيا الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق مع ترامب، مع الاحتفاظ ببعض أراضي أوكرانيا، بمجرد وصوله إلى السلطة.
وأوضح المجلس الأطلسي: "سيحاول ترامب إنهاء الحرب، ولكن هذا أسهل كثيرا من فعله. وسوف يجد أنه من المستحيل تغيير أهداف روسيا في أوكرانيا، وسوف يقرر أنه من الأسهل كثيرا الضغط على أوكرانيا لحملها على تقديم تنازلات".
وأضاف أن "الأمر الحاسم هنا هو أن ترامب لا يبدو مقتنعا بأن دعم أوكرانيا يصب في مصلحة الولايات المتحدة. وسوف يكون سعيدا بتركيز انتباهه في مكان آخر، في حين يفوض أوروبا بقضية أوكرانيا"، مشيرًا إلى أن مستقبل المساعدات الأمريكية لأوكرانيا أصبح الآن موضع تساؤل، سواء من حيث الإمدادات العسكرية أو المساعدات الإنسانية.