مجدى يعقوب.. أيقونة الأمل .. بقلم سيد عبدالقادر
29.02.2020 07:10
Articles مقالات
صدى البلد
مجدى يعقوب.. أيقونة الأمل .. بقلم سيد عبدالقادر
حجم الخط
صدى البلد

بقلم سيد عبدالقادر

لا يستوى صناع اليأس مع صناع الأمل، ألح هذا الخاطر على عقلى وأنا أتابع وقائع تكريم جراح القلوب المصرى العالمى الدكتور مجدى يعقوب فى حفل مبادرة صناع الأمل بدبى، الذى تسابق فيه محبو الخير من أجل تقديم التبرعات لإقامة مستشفى يحمل اسمه لعلاج الغلابة فى أسوان.

 

أشعر بالفخر مع ملايين المصريين، وأنا أتابع أمير القلوب الدكتور مجدى يعقوب، الذى تمسك بجنسيته المصرية، بعد نجاحات وأمجاد كبيرة حققها كجراح فى بريطانيا التى منحته لقب سير أو فارس، لكنه عاد فى النهاية إلى أم الدنيا مصر، ليعالج قلوب الفقراء فى أسوان، وقد انهالت عليه التبرعات فى هذا الحفل من أجل بناء المستشفى الذى يحلم به من أجل من لا يملكون رفاهية العلاج فى مستشفيات الخمس نجوم.

 

الثقة فى هذا الرجل الأسطورى مكنته من أن يجمع أكثر من ثلث مليار جنيه 360 مليون جنيه، من أجل هذا المستشفى، الذى سيكون الأكبر والأضخم فى تاريخ جراحات القلب فى مصر، وهو جهد أكبر من أن يقوم به أى وزير صحة فى العالم العربى كله.

 

وجود مثل هذا الرجل فى حياتنا يمنحنا الأمل الكبير، بأن الخير ما زال موجودًا فى هذه الدنيا وسيظل، طالما أن هناك أمثال السير مجدى يعقوب، الذى أبهرنى آخر تصريحاته قبل السفر، عندما قال إنه لا يريد أن يترك الدنيا ويرحل، ولديه علم لم ينقله للآخرين، ما أروعك من طبيب وإنسان.

 

الشىء المحزن أن حفل تكريم السير مجدى يعقوب لم ينقل على الهواء مباشرة فى أى تليفزيون مصرى، لأن الجميع كانوا مشغولين بمباراة السوبر المصرى، التى كانت تجرى أحداثها المخجلة على بعد كيلومترات قليلة من مكان الاحتفال، وبالتحديد فى العاصمة الإماراتية أبوظبى.

 

والمثير للأسى أن برامج القنوات التليفزيونية العامة والخاصة تسابقت على مدى الأيام التالية فى تحليل تفاصيل المباراة التى أساءت لنا كمصريين جميعًا، لما حفلت به من هتافات بذيئة وتصرفات أكثر بذاءة، ولم تحاول هذه القنوات تدارك غلطة تجاهلها تكريم السير مجدى يعقوب، أكبر صناع الأمل فى حياتنا، بل إن تليفزيون ماسبيرو بعد خطة التطوير، خرج ليزف إلينا أنه سيستضيف الممثل محمد رمضان، ما أتعسه من تطوير.. مخيب ومحبط للآمال.

 

هذه المفارقة الإعلامية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالسباق الآن فى الإعلام وفى السوشيال ميديا ليس على ما يفيد الناس، أو على ما يملأ قلوبهم ولا عقولهم بالأمل، بل هو سباق على الترافيك الذى يضمن الإعلانات، وعلى نسبة المشاهدة على اليوتيوب، التى تجلب الملايين لمطرب اسمه شاكوش وآخر اسمه كزبرة وثالث يدعى حمو بيكا، ما أتعسه من سباق.

 

شىء محزن أن يتركز حديثنا فى الإعلام المرئى والمسموع كله على الفنان الذى يدعى أنه نمبر وان أو مطربى المهرجانات، حتى لو كان هذا الحديث من قبيل الهجوم عليهم، فهذا تركيز يصيب أبناء الجيل الجديد باليأس، فكأننا نقول لهم إننا نعيش عصر الهلس والبلطجة، فلا تهتموا بالعلم ولا بالعمل والاجتهاد، لأن الملايين والقصور الفاخرة والسيارات الفارهة والطائرات لا يحصل عليها فى زمننا سوى هؤلاء الأشخاص، الذين يشوهون حياتنا وينشرون فيها القبح والعشوائية.

 

التسابق على نشر أخبار وصور وآراء صناع اليأس والقبح فى الفن والكرة، هو سباق غير شريف وغير سوى، يمكن أن نفهمه إذا صدر من بعض وسائل الإعلام الخاصة، التى تضع الربح فوق كل الاعتبارات، وأنا بالطبع لا أعمم الاتهام على الجميع، لكنى أجد المشاركة فى هذا السباق مرفوضة من وسائل إعلام تملكها وتنفق عليها الدولة كالصحف القومية وقنوات تليفزيون وإذاعات ماسبيرو، قبل التطوير وبعده.. فمن يقبل أن تنفق الدولة من موازنتها العامة المليارات على إعلام يتنصل من مسئولياته تجاه المجتمع؟!، وعندما ندرك هذا هل نتردد فى أن نقول إن إغلاق هذه القنوات الإعلامية سيكون أكثر فائدة وأكثر نفعًا.

 

أعرف جيدًا أن هناك جهودًا جبارة بذلت فى السنوات القليلة الماضية من أجل أن تدار عجلة الإعلام لصالح المجتمع وليس ضده، خاصة بعد الفوضى التى شهدناها عقب موجة الربيع الأسود، ونعلم جميعًا أن هناك مبالغ طائلة ضخت من أجل تصحيح المسار، وأن عودة وزير الإعلام خطوة مهمة من أجل ضمان هذا التصحيح واستمراره، ولكننا جميعًا نعلم أن الإعلام الواعى الذى يزرع الأمل فى قلوب الملايين، لا تضمنه الميزانيات والمخصصات المالية الكبيرة فقط، بل تصنعه العقول الواعية التى تملك المهارات المهنية، والرؤى الحقيقية لتوجيه الجماهير، والتى تستطيع أن تعبر عن حركة البناء الضخمة والمشاريع العملاقة، التى تبنى على أرض مصر الآن.

 

الإعلام الرسمى الواعى هو الذى يفرض نجومه بعيدًا عن سخافات الترافيك ونسبة المشاهدة، لأن الإعلام المملوك للدولة يتم الإنفاق عليه من أموالنا ويهدف لتربية أبنائنا، وزرع الأمل فى عقولهم وقلوبهم، تمامًا كما كان إعلامنا فى الستينيات والسبعينيات، يركز على الدكتور طه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ونجيب محفوظ، ونجوم الفكر والسياسة، باعتبارهم أكثر من يستحق تركيز الأضواء عليه، وبرامج قناة ماسبيرو زمان أحد الشهود على ذلك.

 

ليس معقولًا أن نترك أخبار السير مجدى يعقوب، والصعود الكبير للجنيه أمام العملات الأجنبية، والعاصمة الجديدة ومحور التنمية فى سيناء، ونركز على شاكوش وبيكا والهتاف المؤسف ضد شيكابالا.

 

ليس معقولًا أن نترك صناع الأمل الذين يضيئون حياتنا ونركز أحاديثنا على صناع اليأس، الذين يفرشون طرق المستقبل أمام أبنائنا بالعنف والمخدرات.

 

استقيموا يرحمنا ويرحمكم الله.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.