وصلت الأزمة الليبية إلى عتبة الاتفاق بين الفرقاء الرئيسيين بعد لقاء مشترك جمع أبرز طرفي النزاع السياسي الليبي فايز السراج رئيس الحكومة وخليفة حفتر قائد الجيش، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحضور غسان سلامة موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا. وخرج السراج حفتر ببيان مشترك عقب اجتماع اليوم الثلاثاء ضم 10 نقاط أبرزها وقف مشروط لإطلاق النار وتنظيم انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب وقت ممكن، والاتفاق على تفعيل اتفاق الصخيرات السياسي. وعقد حفتر والسراج لقاءً في يناير 2016 بعيد تعيين السراج، وتطورت الأحداث ليرفض البرلمان الليبي معها الاعتراف بحكومة السراج، على إثره اتسعت الفجوة بين الجيش والحكومة لرفض قائده الخضوع لحكومة مدنية، وفشلت محاولات القاهرة لجمعهما مجددا في فبراير الماضي بعدما اشترط قائد الجيش الليبي شرط الاعتراف به أولا من السراج. ونجحت أبو ظبي في إزابة جمود المصالحة الليبية بلقاء جمع السراج وحفتر في مايو الماضي بينهما دون أن يسفر ذلك عن نتيجة. بنود «إعلان باريس» ربما لم تختلف كثيرا عما طرح خلال لقاء الخصمين الليبيين في أبو ظبي الإماراتية في مايو الماضي والتي بدورها أيضا لم تنفصل عن الإطار الذي بنته القاهرة في لقاء ملغى بشهر فبراير الماضي، فلماذا مضى حبر السراج وحفتر على ورقة باريس ورفضا توقيعها في العواصم العربية؟ التحرير استطلعت آراء دبلوماسيين ليخبرونا بأن الظروف الراهنة تبدلت وأصبحت أكثر مواءمة عما جرت في سياقه لقاء القاهرة وأبوظبي.
وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى أن دعوة باريس لحفتر اعتراف قوي لقيادته ويصب في جانبه، كما أن نجاح قواته ميدانيا مهد للقاء فأصبح ذا ثقل خلال المباحثات، وذلك بعد تغير النظرة الدولية له عقب سيطرته على شرق ليبيا وعدد من الموانئ ومصادر النفط. وأشارت المصادر إلى أن تدخلات عدد من الدول بالإملاءات كانت سببا في تعطيل المحادثات، مشيرين إلى أن الأزمة الخليجية عامل مساعد للحوار، إضافة إلى أن ماكرون نفسه وحد الموقف الفرنسي المنقسم سابقا بين الخارجية الداعمة للسراج والدفاع الأقرب إلى حفتر. ولفتت المصادر إلى أن باريس استبعدت روما من حوار اليوم قبل بدءه بساعات، وهو ما أغضب إيطاليا التي تعتبر نفسها صاحب الشأن الأقوى بالأحداث الليبية، وهو ما دفع الخارجية الليبية لتوجيه دعوة إلى السراج للحلول ضيفا عليها غدا. ولم تستبعد المصادر نجاح المبعوث الأممي الجديد في أولى محطاته بعدما فشل فيها سابقوه، وأرجعت ذلك لقرب غسان من عدد من أصحاب القرار في المنطقة إضافة إلى معرفته الجيدة بكواليس الدبلوماسية الفرنسية في باريس لطبيعة عمله أستاذا للعلوم السياسية في جامعة السوربون فضلا عن الصداقة الشخصية التي تربطه بالأمين العام للأمم المتحدة الحالي أنطونيو جوتيريس. ومما دعم أيضا مهمة غسان وباريس إقليميا اتفاق الدول العربية على محاربة الإرهاب خاصة الميليشيات المسلحة في ظل الأزمة الخليجية مع قطر.