
بدأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء 04 أبريل 2017 زيارة إلى المملكة العربية السعودية آملة في جذب استثمارات إلى بلادها التي تبحث عن شراكات اقتصادية جديدة استعدادا لمرحلة ما بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وبينما تواجه زيارة ماي إلى المملكة المحافظة بالانتقادات في بريطانيا، وسط دعوات لها بأن تناقش قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان مع القادة السعوديين، تؤكد رئيس الوزراء أنها لا تمانع التطرق إلى "قضايا صعبة" خلال جولاتها الخارجية.
إلاّ ان زعيمة حزب المحافظين، وبعد أقل من أسبوع على إطلاقها آلية الخروج من الاتحاد الأوروبي، تؤكد أن الأولوية هي لقضايا الاقتصاد عشية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وبدأت ماي الاثنين 04 أبريل 2017 جولة في الشرق الأوسط تستمر لثلاثة أيام، قادتها بداية إلى الأردن حيث أشادت بالتعاون بين القوات البريطانية والجيش الأردني في المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
والبلدان عضوان في التحالف الدولي بقيادة للولايات المتحدة الذي يشن ضربات ضد التنظيم في سوريا والعراق منذ منتصف العام 2014.
وفي الرياض، تلتقي ماي الثلاثاء والأربعاء قادة أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم، وفي مقدّمهم الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الامير محمد بن نايف، وولي ولي العهد نجل الملك والرجل القوي في المملكة الأمير محمد بن سلمان.
وعشية الزيارة، قالت ماي في بيان أنها تتطلع إلى الاستفادة من "الامكانات الضخمة للاستثمارات السعودية لخلق زخم قوي للاقتصاد البريطاني".
وتتطلّع بريطانيا إلى توقيع اتفاقيات تجارية جديدة بينما تستعد للخروج من الاتحاد الأوروبي ضمن عملية طلاق معقّدة تستمرّ لعامين. وينصبّ تركيز لندن على شركاء وحلفاء تاريخيين، مثل الدول الخليجية الثرية، وبينها قطر التي أعلنت في آذار/مارس الماضي خطة لاستثمار 6.23 مليارات دولار في بريطانيا خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
والسعودية الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا في الشرق الأوسط، مع صادرات بريطانية إلى المملكة بلغت في العام 2015 نحو ثمانية مليارات دولار.
وبينما تبحث بريطانيا عن عقود تجارية واستثمارات، تتطلع السعودية بدورها إلى زيادة استثماراتها الخارجية ضمن خطة إصلاح اقتصادي طموحة تحت عنوان "رؤية 2030" تهدف إلى تنويع الاقتصاد المرتهن بشدة إلى النفط.
الأولوية ليست لليمن
وتعرّضت زيارة ماي إلى السعودية لانتقادات في بريطانيا مع دعوة زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن رئيسة الوزراء إلى إثارة مسألة وضع حقوق الإنسان في المملكة.
وطالب لندن بوقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض فورا والدفع نحو فرض وقف لإطلاق النار في اليمن حيث تقود السعودية منذ أكثر من عامين تحالفا عسكريا في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.
ويشنّ هذا التحالف مئات الغارات منذ آذار/مارس 2015 ضد مواقع الحوثيين في عدة مناطق من البلد الفقير، دعما للقوات الحكومية الموالية للرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي.
ومنذ بدء ضربات التحالف، قتل في اليمن اكثر من 7700 شخصا معظمهم من المدنيين بينما اصيب نحو 42500 شخصا آخر بجروح، بحسب أرقام الأمم المتحدة، بينما يواجه نحو سبعة ملايين يمني خطر المجاعة.
وتتهم منظمات حقوقية بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش السعودية بالتسبب بمقتل إعداد كبيرة من المدنيين في الغارات التي تشنّها طائرات التحالف، والتي أصاب بعضها مدارس ومستشفيات. وتدعو المنظمات بريطانيا والولايات المتحدة لوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
والأحد عبرت بريطانيا للسعودية عن الأسف لتعرّض المتحدّث باسم التحالف في اليمن اللّواء أحمد عسيري "لاعتداء" متظاهرين في لندن أثناء مشاركته في منتدى، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السعودية.
وتعرض عسيري لانتقادات حادة بشأن الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، ورشق بالبيض مع وصوله إلى المنتدى الذي نظمه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الخميس، بحسب وسائل إعلام.
وأعلنت الوكالة السعودية عن اتصال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضا وزارة الدفاع. وأضافت أن جونسون أعرب "خلال الاتصال عن أسفه لما تعرض له المتحدث".
وسئلت ماي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" عما إذا كانت ستثير قضايا حقوق الإنسان خلال زيارتها للسعودية، فردّت قائلة "لا نستصعب إثارة قضايا صعبة مع الذين نلتقي بهم، في السعودية أو في أي مكان آخر".
لكن ماي تطرقت في موازاة ذلك إلى الإصلاحات الاجتماعية التي تطبّقها السعودية بحذر ضمن "رؤية 2030" والتي تتضمّن خططا لزيادة نسبة النساء في القوة العاملة من 22 إلى 28 % بحلول 2020 في المملكة التي تطبق قوانين صارمة بحق المرأة وبينها المنع من قيادة السيارة.
ومن المقرر أن تلتقي ماي في الرياض سارة السحيمي، رئيسة مجلس إدارة السوق المالية السعودية "تداول"، والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، وكيلة رئيس الهيئة العامة للرياضة للقسم النسائي.