شهادة مسئولة أمريكية سابقة عن دور واشنطن فى «إبادة غزة»: شركات السلاح تسيطر على جميع السياسيين الأمريكيين بالمال
03.05.2025 16:39
اهم اخبار العالم World News
الدستور
شهادة مسئولة أمريكية سابقة عن دور واشنطن فى «إبادة غزة»: شركات السلاح تسيطر على جميع السياسيين الأمريكيين بالمال
حجم الخط
الدستور

أشادت المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية المستقيلة خلال ولاية الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن، هالة غريط، بجهود مصر لإنهاء الحرب فى غزة، مؤكدة أن المقترح العربى لإعادة إعمار غزة قادر على حل الأزمة.

وقالت «غريط»، فى حوار مع «الدستور»، إن فساد الإدارة الأمريكية الحالية يعود لسيطرة رءوس الأموال على الانتخابات الأمريكية، لا سيما مع وجود لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية «أيباك»، التى تمول حملات الكثير من النواب الأمريكيين، مشددة على أن استقالتها جاءت لرفض التورط فى تبرير الإبادة الجماعية التى تحدث فى غزة، ورفض تقديم الأسلحة للحكومة الإسرائيلية، لتقتل بها المزيد من الأبرياء.

■ بداية.. ما أسباب استقالتك من وزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن؟

- من أسباب استقالتى، بعد ١٨ عامًا من العمل فى وزارة الخارجية، هو محاولتهم إسكات صوتى، بل أصوات خبراء آخرين، وكان هذا يحدث فى عهد بايدن، حتى قبل ترامب.

لقد استقلت، أيضًا، لأننى رفضت دعم سياسة غير قانونية، وهى استمرار إرسال الأسلحة إلى إسرائيل على الرغم من وجود أدلة على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وعرقلة المساعدات الإنسانية، وهو ما ينتهك القوانين الأمريكية والقوانين الدولية، وبصفتى شخصًا أقسم على الالتزام بدستور الولايات المتحدة ويؤمن بالدبلوماسية، لا يمكننى أن أكون جزءًا من هذا.

علاوة على ذلك، لم أرد أن أصبح دبلوماسية للترويج لإبادة جماعية، بل دبلوماسية لمساعدة بلدى على تحسين العلاقات وتعزيز السلام.. أنا لا أؤمن بالعنف، وهذه السياسة لا تؤدى إلا إلى دوامة لا تنتهى من الدماء، وهو أمر لا أستطيع قبوله.

وعندما رأيت ما يحدث لأطفال غزة، لم أعد أستطيع البقاء فى وزارة الخارجية، ولم أعد أستطيع الصمت، ففى أوقات تاريخية كهذه من المهم أن نتخذ جميعًا خطوات لتعزيز السلام والعدالة.

■ هل تعتقدين أن هناك فرقًا بين دعم الإدارة الأمريكية الاحتلال فى عهد بايدن مقارنة بالعهد الحالى؟

- لا يوجد فرق بين دعم الإدارة الأمريكية للاحتلال فى عهد بايدن عن عهد ترامب، ولكن الفرق فى طريقة تقديم هذا الدعم.. إدارة بايدن واصلت بيع الأسلحة، وواصلت تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل، وكذلك ترامب.

■ كيف ترين الدعوات الأمريكية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ 

- اقتراح الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، غير قانونى، لكنه جاد وسيفعل كل ما يمكن لتنفيذ اقتراحه.

هدد ترامب الأردن ومصر، ويقال الآن إنه سيجرى إرسال الفلسطينيين إلى السودان أو الصومال، ولهذا يجب أن تكون البلدان فى المنطقة العربية قوية، وتشرح وتصمم على أن تهجير الفلسطينيين ليس حلًا، لأنه حتى لو تم إخراج الفلسطينيين من غزة، فلن يحل ذلك المشكلة، وسيستمر الفلسطينيون فى محاولة العودة لأرضهم.

جرى إخراج الفلسطينيين من بلادهم فى عام ١٩٤٨، وحتى الآن يريدون أرضهم، لذلك إذا جرى تهجيرهم لمصر على سبيل المثال، فهذا لن يحل المشكلة، بل سيفاقم الأزمة.

يجب أن تقف مصر بقوة ضد فكرة ترامب، ليس فقط بسبب العلاقة التاريخية والجيدة بين الشعبين المصرى والفلسطينى، ولكن لأن هذا المخطط أيضًا يزعج مصر، ويعتبر تهديدًا لأمنها القومى، فضلًا عن أنه تهديد اقتصادى.

■ هل ترين أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تدرك تاريخ الشرق الأوسط؟

- نعم.. من يقترحون قرارات مثل التهجير، فى إدارة ترامب، لا يعرفون شيئًا عن تاريخ المنطقة ولا يعرفون شيئًا عن تعقيدات الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، فالكثير من الأشخاص الذين كلفهم ترامب بإجراء المفاوضات لديهم خلفيات فى شىء مختلف تمامًا عن السياسة، فهم رجال استثمار وعقارات، ولا خبرة لديهم فى الدبلوماسية أو العلوم السياسية.

هؤلاء لا يفهمون مدى خطورة مقترحهم وكيف سيؤدى إلى زعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط، ولا يفهمون ما يعنيه ذلك للشعب الفلسطينى وحقيقة أنهم تمسكوا بأرضهم لأكثر من ٧٠ عامًا، وأن فكرة مغادرتهم ببساطة ليست واقعية.. هم لا يفهمون ولا يهتمون، وترامب عندما تحدث عن غزة تحدث عنها كمكان يصلح لإقامة مشروع استثمارى، لوقوعها على الشاطئ مباشرة. لذا فهو لا يكترث بما يحدث لشعبها. 

■ هل ممارسات الحكومة الإسرائيلية الحالية قد تتغير بتغير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؟

- نعم، بالطبع ستكون القرارات مختلفة، وسيكون هناك تغيير فى خطط الحكومة الإسرائيلية إذا تولى الحكومة شخص آخر غير نتنياهو. إن تولى رجل مثل وزير المالية سموتريتش، فربما سيكون الأمر أسوأ، ولكن إذا كان شخصًا من اليسار فقد يحدث تحول إيجابى.

هناك معارضة داخل إسرائيل، وهناك جنود يرفضون استكمال مهامهم فى الجيش، وأعتقد أن أصوات المعارضة يجرى إسكاتها، ومعسكر السلام فى إسرائيل يعى جيدًا أن نتنياهو لا يريد الحفاظ على أمن إسرائيل كما يدّعى.

■ كيف نخطط لليوم التالى للحرب؟

- لا يمكننا الحديث عن اليوم التالى للحرب الآن. ما علينا فعله هو إنهاء هذه الحرب أولًا واللجوء إلى الدبلوماسية. ما يحدث لا يهدد فلسطين وحدها، بل يهدد إسرائيل أيضًا والمنطقة كلها.

إضافة إلى القصف، هناك مجاعة بدأت فى غزة، والأمراض تنتشر، وأصبح الوصول للمياه صعبًا، وجرى تدمير البنية التحتية مثل شبكات الصرف الصحى.

حتى لو نجا السكان، سيعانون أضرارًا نفسية وجسدية نتيجة نقص التغذية السليمة لفترة طويلة.. هذا انتهاك للقوانين الدولية، وله تأثير هائل على المجتمع والمنطقة.

■ هل تعتقدين أن حل الدولتين لا يزال ممكنًا؟ 

- أعتقد أنه لا يزال ممكنًا بالتأكيد، لكن كلما طال الوضع الحالى ازداد الأمر صعوبة. الأمر الواضح هو أن الشىء الوحيد الذى سينهى دوامة العنف هذه هو إقامة دولة فلسطينية أو تحقيق المساواة للفلسطينيين، لأنه ببساطة لا يمكن استمرار الفصل العنصرى وفرض حصار على مليونى نسمة.

الفلسطينيون، بالنسبة لى، هم من يقررون الحل الأنسب لهم، لكنهم مثل أى شعب آخر فى العالم، يحتاجون إلى حقوقهم، ويحتاجون إلى المساواة، ويحتاجون إلى القدرة على عيش حياتهم بعيدًا عن الاحتلال، وطالما استمر الاحتلال، ستستمر دوامة العنف، ما يضر الجميع. 

الطريقة الوحيدة لحل هذه المشكلة بشكل مستدام هى منح الفلسطينيين حقوقهم، وحل الدولتين مطروح منذ سنوات طويلة، وأعتقد أنه حل مهم، لكن لا يمكن أن يكون حلًا بالكلام فقط. وهذه هى المشكلة، حل الدولتين، فى هذه المرحلة، يتطلب بذل الكثير من الجهد، وهناك دول مثل إسبانيا وأيرلندا اعترفت بفلسطين، ويجب أن يتجاوز الأمر مجرد الاعتراف، بل يجب أن يشمل تفكيك نظام الفصل العنصرى.

أنا عشتُ فى جنوب إفريقيا، حيث عملت كدبلوماسية، وشغلت منصب رئيس الوحدة الاقتصادية والسياسية فى قنصليتنا الأمريكية فى ديربان.. عشت ما بعد الفصل العنصرى، ورأيتُ أن السلام ممكن، لكنه يتطلب تحقيق العدالة.

■ هناك من يقولون إن ترامب حوّل أمريكا من نظام المؤسسات إلى دولة حكم فردى.. ما رأيك؟

- نعم.. وجود ترامب يهدد الديمقراطية الأمريكية والنظام الدولى كله. وأريد أن أوضح أن تآكل الديمقراطية فى الولايات المتحدة لم يبدأ مع ترامب، بل قبل ذلك بسنوات، حينما سمحت المحكمة العليا فى الولايات المتحدة بقضية تُسمى «مواطنون متحدون»، التى تتيح تمويل الحملات الانتخابية بأموال مشبوهة.

فى الماضى كان تمويل الحملات الانتخابية للسياسيين مقيدًا، وكانت هناك ضوابط تفرض الشفافية، وكان يمكن للجميع معرفة من الذى تبرع لهذا العضو فى الكونجرس.. كان الأمر أكثر وضوحًا، أو على الأقل أفضل من الآن. 

لقد سمحت قضية «سيتيزنز يونايتد» بكمية هائلة من الأموال المشبوهة التى لا يمكن تتبعها.. هناك كميات هائلة من التبرعات ذهبت إلى النظام السياسى الأمريكى، وعندها بدأ تآكل الديمقراطية.

لقد رأيتُ هذا كدبلوماسية؛ فى السابق كان أعضاء الكونجرس يستمعون إلينا، ولكن بعد ذلك لم يعد أعضاء الكونجرس يستمعون إلينا، نحن الخبراء الذين كنا نحدد ما هو الأفضل لأمريكا.

الآن يستمع السياسيون للمانحين وليس للناخبين، فالأمر يتعلق بمن يُعطى أكبر قدر من المال لهذا العضو فى الكونجرس. إنهم لا يستمعون لما نقوله لهم وهذا خطير للغاية.. السياسيون أصبحوا يستفيدون من الحرب، لأن صناعة الأسلحة تمولهم مباشرة. جماعات الضغط، مثل لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية «AIPAC»، كانت مؤسسات تعمل من أجل الشعب، والآن أصبحت تعمل لصالح شركات الأسلحة. المؤسسات تضعف، لأن الأشخاص الذين يُفترض أن يطبقوا القوانين هم الذين يقبلون الرشوة الآن. وفيما يتعلق بالمحكمة العليا، فقد وضع ترامب العديد من القضاة الموالين له هناك أيضًا، وهذا زاد من تعقيد المشهد. فى الماضى كنا أقوياء جدًا كدولة، بفضل نظام المؤسسات المنضبط، والفصل بين السلطات الثلاث، الذى يضمن ألا يصبح أحد أقوى من اللازم ويسيطر على الباقين، لهذا كانت الديمقراطية قوية جدًا. الآن.. نظامنا يتعرض للتآكل، وللأسف ترامب قادر على فعل الكثير، فقد أعاد شخصًا إلى السلفادور دون أى تهمة.. إنه لا يستمع إلى المحكمة العليا. نعيش فى وقت حرج للغاية، وعلى الشعب الأمريكى أن يُعلن بصوت عالٍ عن أنه يحب الديمقراطية ويريدها، ولن يسمح لأحد بتغيير النظام الدستورى.

ما رأيك فى الدور المصرى فيما يتعلق بوقف الحرب؟

- قدمت مصر مقترح «مبادرة السلام العربية»، وأعتبره مخرجًا ممكنًا وحلًا دبلوماسيًا منضبطًا، وأعتقد أن هذا المقترح بحاجة إلى الدعم والمتابعة لأنه فى مصلحة جميع الأطراف المعنية. مصر تلعب دورًا بالغ الأهمية والحيوية، وإذا كان بإمكانى توجيه رسالة مباشرة إلى الشعب المصرى، فأقول: «صوتكم مهم وموقفكم مهم ووحدتكم مهمة، وعليكم الوقوف بثبات وحزم، ورفض المشاركة فى أى خطة تطهير عرقى فى غزة، والسعى بدلًا من ذلك لإنقاذ غزة، وضمان مرور المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، وضمان أن تكون مصر جزءًا من الحل من حيث العمل مع الشركاء الإقليميين لإعادة إعمار غزة». لدىّ ثقة كبيرة فى الشعب المصرى، وأعلم أنه سيصمد، وهناك حاجة إلى الوحدة فى جميع أنحاء المنطقة أيضًا. لذا، ينبغى أن تقف مصر والأردن وجميع الدول الأخرى بثبات، وتضمن إنهاء هذا الصراع فى أسرع وقت ممكن، وألا يشمل التطهير العرقى، لأن هذا لن يؤدى إلا إلى انتشار الصراع واستمراره.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.