"الحياة لن تتوقف، يجب أن نبني ما خرّبه داعش"، بهذه الكلمات بدأ المواطن الموصلي ماجد جميل (45 عاما) حديثه لموقع (إرفع صوتك) وهو منشغل في ترميم منزله الذي تضرر بسبب القصف العشوائي الذي يقوم به مسلحو داعش على الدور السكنية خلال المعارك التي دارت في الأشهر الماضية لتحرير أحياء الساحل الأيسر من مدينة الموصل (شرق المدينة).
بعد تحرير حي الزهور حيث يسكن ماجد من قبل القوات الأمنية، كانت الأحياء الشرقية من المدينة لا تزال تشهد معارك عنيفة بين مسلحي داعش والقوات العراقية، لذا اضطر ماجد وخوفا من استهداف الحي من قبل مسلحي التنظيم، إلى النزوح لمخيم الخازر (شرق الموصل)، لكنّه لم يبقَ في المخيم أكثر من شهرين واختار العودة إلى منطقته.
"الأوضاع في المخيم كانت صعبة خاصة للعائلات التي لديها أطفال صغار، فالجو بارد جدا. وبعد أن سمعت أن حي الزهور أُمن من قبل قوات مكافحة الإرهاب بالكامل، سجلت إسمي للعودة، فكنت ضمن أوائل العائدين".
ما بعد العودة
فرحة ماجد بالعودة لم تكتمل. فور وصوله إلى الحي، واجه ما كان يخشاه منذ بداية إحتلال التنظيم للموصل منتصف عام 2014. "فور دخول الزقاق الذي يقع فيه منزلنا، رأيت جزءا من المنزل قد انهار بعد أن أصابته قذيفة هاون، وكان الدمار وآثار الإطلاقات النارية تغطي واجهة المنزل. المشهد كان مروعا".
ويصف ماجد خلال حديثه لنا الحالة التي كان فيها عندما وجد الدمار الذي لحق بالمنزل. "وقفت لوهلة أمام المنزل أنظر إليه وتذكرت ذلك اليوم عندما اشتريته بعد عمل وشقاء دام لسنوات عديدة. ولم أكن أتوقع أن يحصل ما حصل له اليوم. لكن مع كل ما أصاب المنزل الحياة لن تتوقف وأنا أُؤمن بهذا، لذا باشرت بترميم المنزل من جديد".
ليس الوحيد
ماجد ليس الوحيد من بين الموصليين العائد الذين تعرضت منازلهم لقصف داعش، فالكثيرون منهم تضرروا من قذائف التنظيم وصواريخه المحلية الصنع، لكن نسبة الأضرار متفاوتة من منزل لآخر، لذا حركة التعمير ظاهرة في كافة الأحياء الشرقية للمدينة.
حميد الجبوري مواطن آخر من حي سومر شاهدناه وهو منشغل بطلاء واجهة المنزل التي تضررت إثر إنفجار عبوة ناسفة زرعها التنظيم قبل فراره من الحي أثناء المعارك مع القوات العراقية الشهر الماضي.
يقول حميد لموقع (إرفع صوتك) وهو منشغل بالعمل "المهم أننا تخلصنا من داعش ومن ظلمه ومن الخوف الذي حرمنا من النوم على مدى أكثر من عامين ونصف. أشعر أنني ولدت من جديد، الحياة عادت للمدينة وأنتم تشاهدون عودة الحركة إلى المدينة شيئا فشيئا".
حركة الشوارع والأسواق أصبحت في الساحل الأيسر إلى حدّ ما طبيعية رغم وجود خروقات أمنية بين الحين والآخر. لكن المواطن عابد سلمان لا يخفي خشيته من تدهور الناحية الأمنية. ويمضي بالقول لموقع (إرفع صوتك) "رغم عودة الحياة، إلا أننا ما زلنا نتخوف من المستقبل، خاصة أنه ما زالت هناك خلايا نائمة لداعش بيننا. لكن مع هذا أتوقع أن الغد سيكون أفضل بكثير".
ويرى سلمان أن العائلات النازحة ستعود إلى المدينة مع استقرار الأمن فيها وتحرير ماتبقى من مناطقها قريبا.
عودة النازحين إلى المناطق المحررة مستمرة. فبحسب آخر إحصائيات إدارة مخيمات حسن شام والخازر، يعودُ يوميا مابين 100-150 عائلة نازحة إلى المناطق المحررة من الموصل.
ويقول المواطن ثائر جليل العائد قبل أيام مع عائلته إلى حي السماح لموقع (إرفع صوتك) "يواجه العائدون مشاكل كبيرة، فالخدمات الرئيسية منعدمة تماما ليس هناك كهرباء ولا ماء، والمساعدات الإنسانية قليلة، لكننا سنحاول اجتياز هذه المصاعب كلها، المهم أن تعود الحياة للموصل مجددا".