تنوي إسرائيل شن غزو بري على رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، حيث يبحث أكثر من مليون فلسطيني عن الأمان وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية، حسبما أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، نظيره الأمريكي في مكالمة هاتفية ليلة أمس.
هذه العملية، التي تدّعي إسرائيل أنها ستنفذها تحت ذريعة أنها آخر معقل متبقٍ لحماس، سوف تتطلب عمليات إجلاء واسعة النطاق؛ حيث يبلغ عدد سكان المدينة حوالي خمسة أضعاف ما كان عليه قبل الحرب، ويتضخم عددهم بسبب اللاجئين الفارين من القتال في شمال غزة.
ولا يستطيع سكان رفح الذهاب إلى الجنوب أكثر، حيث إن المدينة متاخمة لحدود غزة مع مصر، وهي مغلقة إلى حد كبير.
في هذا الإطار، يسلط "الدستور" الضوء على مخاطر العملية الإسرائيلية في رفح مع وجود أكثر من 1.4 مليون فلسطيني من النازحين، ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة في حال شن هذا الاجتياح الذي ينذر بجبال من الجثث.
لماذا سيكون الغزو البرى لرفح مدمرًا؟
الاجتياح البري لرفح سيكون كارثيا بسبب ازدحام المدينة وبسبب موقعها. ويلجأ حاليا معظم النازحين الفلسطينيين، البالغ عددهم 1.7 مليون، إلى رفح، وقد فروا إليها بعد أن أمرهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء منازلهم قبل أشهر.
معبر رفح الحدودي مع مصر هو السبيل الوحيد للدخول والخروج من غزة في الوقت الحالي، ولكن هناك حدودا صارمة حول من وما يسمح لهم بالدخول والخروج. ومع ذلك، فقد وفّر المعبر شريانًا حيويًا للمساعدات الإنسانية ولبعض الفلسطينيين الذين تمكنوا من الحصول على تصريح بالمغادرة.
كل هذا يعني أن الغزو البري لرفح واستمرار القصف في المنطقة المكتظة بالسكان سيؤدي حتمًا إلى وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.
ومن شأن ذلك أن يعوق بشدة إيصال الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها في وقت يعاني فيه الفلسطينيون بالفعل من العطش والجوع، وتخضع المستشفيات للحصار.
ولن يكون أمام سكان رفح سوى القليل من الأماكن التي يمكنهم الذهاب إليها في حالة حدوث عملية برية؛ حيث أصبحت معظم مناطق غزة بالفعل غير صالحة للسكن، وفقًا لمسئول الشئون الإنسانية في الأمم المتحدة. ولن يتمكن الجميع من المغادرة، سواء جرحى أو مسنين يؤوون في رفح.
وقالت ليزا ماشينر، منسقة مشروع "أطباء بلا حدود" في غزة، في بيان سابق لها: "ستكون كارثة إنسانية مطلقة إذا حدث المزيد من التصعيد في رفح، فلا يوجد مكان. هناك مئات الآلاف من الأشخاص الذين حاولوا العثور على مكان آمن وليس لديهم مكان يذهبون إليه".
ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى اندفاع هائل للفلسطينيين نحو مصر. وإذا حدث ذلك، فقد هددت مصر بالتخلي عن اتفاقيات كامب ديفيد لعام 1978، وهي المعاهدة الفاصلة مع إسرائيل، والتي شكلت خطوة رئيسية نحو اعتراف عربي أوسع بإسرائيل.
وهذا من شأنه أن يؤدي إلى أزمة خطيرة في الشرق الأوسط، حيث الصراع الإقليمي يختمر بالفعل.
وفي حصيلة غير نهائية ارتفعت أعداد ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر إلى 34683 شهيدًا و78018 مصابًا، حسب وزارة الصحة في قطاع غزة، وفي حال اجتياح رفح ستكون أرقام الضحايا أكبر مما حدث طوال 212 يومًا من العدوان.