كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، نقلًا عن مصادر استخباراتية إسرائيلية مشاركة في الحرب، اليوم الخميس، أن إسرائيل استخدمت في قصفها لـ غزة قاعدة بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لم يتم الكشف عنها سابقًا، حددت في إحدى المراحل 37 ألف هدف محتمل.
كما أقرت المصادر الاستخباراتية ذاتها أنه بالإضافة لاستخدامهم نظام الذكاء الاصطناعي المسمى لافندر، فإن المسئولين العسكريين الإسرائيليين سمحوا بقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، خاصة خلال الأسابيع والأشهر الأولى من الصراع.
واعتبرت الجارديان أن هذه الشهادة التي وصفتها بـ"الصريحة بشكل غير عادي"، توفر لمحة نادرة عن التجارب المباشرة لمسئولي المخابرات الإسرائيلية الذين كانوا يستخدمون أنظمة التعلم الآلي للمساعدة في تحديد الأهداف خلال الحرب التي استمرت ستة أشهر.
وذكرت أن استخدام إسرائيل أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية في حربها على حماس، دخل إلى منطقة مجهولة بالنسبة للحرب المتقدمة، الأمر الذي يثير مجموعة من الأسئلة القانونية والأخلاقية، ويحدث تحولًا في العلاقة بين الأفراد العسكريين والآلات.
وقال أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية الذين استخدموا لافندر: "هذا أمر لا مثيل له في ذاكرتي"، مضيفًا أن لديهم ثقة أكبر في "الآلة التي فعلت ذلك ببرود وجعلت الأمر أسهل مقارنة بالجندي الحزين".
وتساءل مستخدم آخر لـ"لافندر"، عما إذا كان دور البشر في عملية الاختيار ذا معنى، مضيفًا:"سأستثمر 20 ثانية لكل هدف في هذه المرحلة، وأقوم بالعشرات منها كل يوم. لم يكن لدي أي قيمة مضافة كإنسان، باستثناء كوني ختم الموافقة. لقد وفر الكثير من الوقت".
وقال 6 ضباط من المخابرات الإسرائيلية إن "لافندر" لعب دورًا مركزيًا في الحرب، حيث قام بمعالجة كميات كبيرة من البيانات لتحديد العملاء الصغار المحتملين لاستهدافهم بسرعة.
ونقلت "الجارديان" عن أربعة من المصادر قولهم إنه في مرحلة مبكرة من الحرب، أدرجت لافندر ما يصل إلى 37 ألف رجل فلسطيني تم ربطهم بواسطة نظام الذكاء الاصطناعي بحماس أو الجهاد الإسلامي في فلسطين.
استخدام القنابل الغبية
وقال مصدران إنه خلال الأسابيع الأولى من الحرب، سُمح لهما بقتل 15 أو 20 مدنيًا خلال الغارات الجوية على مسلحين ذوي رتب منخفضة، مشيرين إلى أن الهجمات على مثل هذه الأهداف يتم تنفيذها عادة باستخدام ذخائر غير موجهة تعرف باسم القنابل الغبية، مما يؤدي إلى تدمير منازل بأكملها وقتل جميع ساكنيها.
أحد ضباط المخابرات، قال: عادة ما ننفذ الهجمات بالقنابل الغبية، وهذا يعني حرفيًا إسقاط المنزل بأكمله على ساكنيه. لكن حتى لو تم تجنب الهجوم، فلا يهمك- ستنتقل على الفور إلى الهدف التالي. بسبب النظام، الأهداف لا تنتهي أبدًا لديك 36 ألفًا آخرين ينتظرون.
وبحسب الجارديان، فإن الجيش الإسرائيلي اعتمد بشكل كبير على "لافندر" لإنشاء قاعدة بيانات للأفراد، الذين يُعتقد أنهم ينتمون إلى حركة الجهاد الإسلامي.
وقالت مصادر للصحيفة البريطانية إن "لافندر" أنشأ قاعدة بيانات تضم عشرات الآلاف من الأفراد الذين تم تصنيفهم على أنهم أعضاء من ذوي الرتب المنخفضة في الجناح العسكري لحماس.
ماذا قال جيش الاحتلال الإسرائيلي؟
ردًا على نشر الشهادات، قال جيش الاحتلال، في بيان له: "إن عملياته نفذت وفقًا لقواعد التناسب بموجب القانون الدولي"، مشيرًا إلى أن "القنابل الغبية هي أسلحة قياسية يستخدمها طيارو جيش الدفاع الإسرائيلي بطريقة تضمن مستوى عاليًا من الدقة".
ووصف البيان لافندر بأنها قاعدة بيانات تستخدم "لمقارنة مصادر الاستخبارات، من أجل إنتاج طبقات محدثة من المعلومات عن العملاء العسكريين للمنظمات الإرهابية".
وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي لا يستخدم نظام ذكاء اصطناعي يحدد هوية النشطاء الإرهابيين أو يحاول التنبؤ بما إذا كان الشخص إرهابيًا، إن أنظمة المعلومات هي مجرد أدوات للمحللين في عملية تحديد الهدف".
وادعى بيان جيش الاحتلال أن إجراءاته تتطلب إجراء تقييم فردي للميزة العسكرية المتوقعة والأضرار الجانبية المتوقعة، ويرفض رفضًا قاطعًا الادعاء المتعلق بأي سياسة لقتل عشرات الآلاف من الأشخاص في منازلهم.
وأعرب خبراء القانون الإنساني الدولي، الذين تحدثوا إلى صحيفة الجارديان، عن قلقهم إزاء روايات قبول الجيش الإسرائيلي والموافقة المسبقة على نسب أضرار جانبية تصل إلى 20 مدنيًا مقابل استهداف مسلح واحد، خاصة بالنسبة للمسلحين ذوي الرتب الأدنى.