عماد خليل يكتب .. عن البابا والحكمة والفهم
23.03.2019 03:36
Articles مقالات
المصرى اليوم
عماد خليل يكتب .. عن البابا والحكمة والفهم
حجم الخط
المصرى اليوم

بقلم عماد خليل

تابعت على مدار الأيام الماضية حملات الهجوم على قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، وعلى الرغم من صمته بسبب طبيعته الخاصة إلا أن تلك الحملات تمادت لتخرج تقارير مفبركة تدعى أن هناك حراكا من داخل المجمع المقدس لعزل البابا.

 

وتلقف كل معارض ومخالف للبابا الخبر غير الصحيح وبنى من الأوهام قصرًا، وزعموا أن خطوات العزل باتت قريبة، بينما الكثير منهم لا يعلم من الأصل، ما هى تلك الإجراءات كنسيًا أو قانونًا، ولم يحاولوا حتى التأكد من الكنيسة أو المجمع المقدس عن صحة تلك الأنباء التي وقف وراءها أشحاص بأعينهم غابوا عن الأضواء فحاولوا استقطاب الكنيسة لمعركة جديدة كي يعودوا للأضواء مرة أخرى وإن كان الثمن هو رأس الكنيسة.

 

الواقع أن بيانات التأييد والتنديد لم تكن موجهة لقداسة البابا بقدر ما وجهت للشعب القبطى ووسائل الإعلام الذي كان فريسة لوسائل التواصل الاجتماعي ودعاة الأكاذيب، لو ركزنا في الفريق الذي هاجم الكنيسة وشخص البابا، فستجد أنه قد جمعتهم مصلحة هدم هذا الكيان وهم إما عدد من المتشددين ورافضى أي إصلاح كنسى يقوده البابا تواضروس أو بعض المتضررين من مشاكل الأحوال الشخصية.

 

والأمانة تحتم الاعتراف بأن عددا كبيرا ممن يعانون من حالات اجتماعية تتعلق بقوانين الأحوال الشخصية هم من الفئات التي لديها شكوى يجب الاستماع لها، ويُحسب لعدد كبير منهم أنهم لم يتعرضوا في هجومهم لشخص البابا.

 

هناك قطاع آخر يرى أن البابا تواضروس لن يصل لمكانة مثلث الرحمات البابا شنودة، وهؤلاء اختاروا طريقًا بائسًا في إطلاق التصنيفات حسب أهوائهم، فهذا شنودى وذاك متاوي.. وأمام كل هؤلاء وقف البابا تواضروس، الذي أطلق عليه الأقباط بابا المحبة، يقابل كل الإساءات بحب حسب تعاليم الكتاب المقدس.. لم يرد ولم يكلف أحدا بالرد بل اكتفى باستكمال ما بدأه منذ جلوسه على كرسي مارمرقس الرسول في النهوض بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

 

والمتابع للتاريخ الكنسي يعرف أن البابا تواضروس تولى المسؤولية في ظروف كانت صعبة على مصر وعلى الكنيسة بشكل عام، وبسبب تركيبته الشخصية الهادئة والمتصالحة مع الجميع واجه تلك السنوات الأولى لحكم جماعة الإخوان الإرهابية بحكمة وفى نفس الوقت خرج عن هدوئه كثيرًا وقت الهجوم على الكاتدرائية المرقسية في العباسية.. وقد كان في طليعة المشاركين في اجتماع خارطة الطريق. ولم تتوقف التحديات عند إقصاء جماعة الإخوان المسلمين بل كانت بداية لسلسلة جديدة من العنف ضد الكنائس والمنشآت الدينية عقب فض اعتصام رابعة المسلح، ولكنه واجه حريق 84 كنيسة ومنشأة دينية بقوله الرائع وطن بلا كنائس، خير من كنائس بلا وطن.. ولكم أن تتخيلوا أن البعض يتخذ تلك الجملة طريقا للهجوم عليه، وكأن شيئًا أهم من الوطن!

 

على المستوى الكنسى واجه البابا صعوبات وتحديات عديدة؛ فأولى مسؤولياته كانت إعداد لائحة انتخاب البطريرك والتي أصر على تعديلها حسب تعهده وقت الانتخابات البابوية وأصلح جزءًا كبير من المجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية. ويحاول حاليًا انتخاب مجلس بديل للمجلس الملى العام بالإضافة لتفقده الكنائس داخل وخارج مصر وإعادة تجديد الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وما خفى كان أعظم.

 

إن البابا كشخصية عامة ودينية رفيعة المستوى ليس معصوما من الخطأ، وبالتالي فهو ليس فوق مستوى النقد، لكن لنتعلم أن ننتقد قرارات وليس أشخاصا.. وفى النهاية، نصيحة لأصحاب الألسنة المسمومة والضمائر الميتة والأرواح الشريرة، أوقفوا هجومكم، فالرمز الذي تهاجمونه أرفع من أن يستوقفه أي هجوم، فلعل الحكمةو تنادي والفهم يعطي صوته.

اترك تعليقا
تعليقات
Comments not found for this news.