في إطار مناقشة التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، استعرض معهد التخطيط القومي، الذراع البحثية لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أبرز نتائج تقرير تمويل التنمية المستدامة لعام 2024، إذ سلط التقرير الضوء على عدة قضايا هامة تتعلق بفجوة تمويل التجارة، وتوزيع التمويل بين المصادر المحلية والدولية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الاستثمار المستدام والإيرادات المحلية.
تزايد فجوة تمويل التجارة العالمية
من جهتها، كشفت نورا رفاعي، مدرس مساعد بمعهد التخطيط القومي، عن زيادة حادة في فجوة تمويل التجارة العالمية خلال السنوات الأخيرة، وأشار إلى أن الطلب العالمي غير الملبي على تمويل التجارة قد ارتفع بشكل كبير ليصل إلى 2.5 تريليون دولار أمريكي سنويًا، مقارنة بـ 1.5 تريليون دولار أمريكي كانت تقديراتها في عام 2014.
توزيع التمويل بين المصادر المحلية والدولية
وركز التقرير على كيفية تمويل التنمية على مدار العقد الماضي، مشيرًا إلى الأزمات المستمرة التي ساهمت في تفاقم مشاكل التمويل، بما في ذلك التضخم، وأزمة الديون، والكوارث المناخية، ورغم الجهود المبذولة لتعبئة التمويل، إلا أن التقرير أشار إلى وجود فجوة تمويلية كبيرة تصل إلى 4.2 تريليون دولار أمريكي سنويًا، أي بزيادة قدرها 1.7 تريليون دولار مقارنة بالوضع قبل جائحة كوفيد-19.
الاستثمار المستدام في ظل الأزمات الاقتصادية
وشهدت أصول الاستثمار المستدام نموًا كبيرًا منذ عام 2016، حيث بلغ إجمالي أصول الاستثمار المستدام العالمية نحو 30.3 تريليون دولار في عام 2022. رغم هذا النمو، إلا أن التقرير أشار إلى انخفاض نسبي في هذه الأصول مقارنة بذروتها في عامي 2020 و2021، بسبب أسعار النفط المرتفعة وظروف اقتصادية غير مستقرة خلال جائحة كوفيد-19. ومع ذلك، أكد التقرير أن العديد من البلدان النامية ما زالت تواجه تحديات كبيرة في توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروعات التنمية المستدامة.
التحديات وصول التمويل
وأوضح التقرير، أن الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في البلدان النامية، تواجه صعوبة كبيرة في الوصول إلى التمويل، وهذا التحدي أصبح أكثر وضوحًا في أعقاب جائحة كوفيد-19، حيث شهدت 75% من الاقتصادات انخفاضًا في الإقراض الموجه لهذه الشركات في عام 2022. وقد أدى التشديد في الظروف المالية وفك تدابير الدعم الحكومية إلى تفاقم هذه المشكلة.
تعبئة الإيرادات المحلية
وأكد التقرير على أهمية تعبئة الإيرادات المحلية كأحد الحلول المهمة لمواجهة فجوة التمويل. ورغم تزايد جهود الدول المانحة منذ عام 2015 في دعم عمليات بناء القدرات لتعبئة الإيرادات المحلية، إلا أن التباطؤ في نمو الإيرادات المحلية بات واضحًا، خاصة في البلدان المنخفضة الدخل، كما أشار التقرير إلى انخفاض متوسط معدلات الضرائب العالمية من 28.2% في عام 2000 إلى 21.1% في 2023، مما يعكس تأثيرات العولمة والمنافسة الضريبية بين الدول.
وشدد التقرير على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال تحصيل الضرائب، حيث تراوحت مساعدات المانحين بين 300 مليون و475 مليون دولار سنويًا لدعم تعبئة الإيرادات المحلية بين عامي 2018 و2022، مع التأكيد على أن هذه المساعدات لا تزال غير كافية لتحقيق التنمية المستدامة المطلوبة.