
تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تصعيدًا عسكريًا لافتًا بعد إعلان الجيش السوداني عن شنّ هجمات برية ومدفعية على مواقع تابعة لميليشيا الدعم السريع جنوب المدينة، في خطوة تعكس إصراره على كسر الطوق الذي تفرضه الميليشيا على المدينة منذ شهور.
تقدم استراتيجي للجيش السوداني
وبحسب ما أفادت به رويترز، تجدد القصف المدفعي داخل الفاشر، اليوم الإثنين، بالتزامن مع تقدم وحدات من الجيش نحو مواقع استراتيجية يسيطر عليها الدعم السريع، ويأتي هذا التطور وسط مخاوف من اتساع رقعة المواجهات، حيث تضم الفاشر كثافة سكانية كبيرة وتشكل ملاذًا لعشرات الآلاف من النازحين الفارين من مناطق القتال الأخرى في دارفور.
وحسب وسائل إعلام محلية، فإن الهجوم الأخير يُعد جزءًا من استراتيجية أوسع يتبناها الجيش السوداني لإضعاف قبضة الدعم السريع في دارفور، خصوصًا بعد أن تحولت الفاشر إلى مركز صراع رئيسي بين الطرفين.
ويقول عسكريون إن السيطرة على جنوب المدينة تمثل مفتاحًا لفك الحصار وتأمين خطوط الإمداد.
من جهتها، تعتمد ميليشيا الدعم السريع على أسلوب الكرّ والفرّ داخل الأحياء السكنية، ما يزيد من معاناة المدنيين الذين وجدوا أنفسهم محاصرين. وتشير تقارير محلية إلى أن الميليشيا كثفت انتشارها في محيط الأسواق والمستشفيات، في محاولة لاستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو ما يثير انتقادات واسعة من منظمات حقوقية.
وتجدد القتال داخل الفاشر يفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية أصلًا في دارفور. فمعظم المستشفيات تعاني من نقص حاد في الإمدادات الطبية، بينما تعرقل الاشتباكات وصول المساعدات الإنسانية.
وأكدت مصادر ميدانية أن آلاف العائلات تحاول النزوح مجددًا نحو مناطق أكثر أمنًا، لكن الطرق المؤدية إلى خارج الفاشر باتت محفوفة بالمخاطر بسبب الكمائن والاشتباكات.
ويرى مراقبون أن تصعيد الجيش في الفاشر يحمل رسائل سياسية وعسكرية في آن واحد. فمن الناحية العسكرية، يسعى الجيش إلى استعادة زمام المبادرة بعد سلسلة من الخسائر في مدن أخرى بدارفور.
مع غياب أي أفق للتسوية السياسية الفورية، يبقى الوضع في الفاشر مرشحًا لمزيد من التصعيد. فالمعركة هناك لا تتعلق فقط بالسيطرة على المدينة، بل بمصير دارفور ككل. وبينما يحاول الجيش حسم المواجهة عسكريًا، تراهن ميليشيا الدعم السريع على استنزاف خصمها في حرب شوارع طويلة الأمد.