اعلنت الجامعة الأمريكية بالقاهرة اليوم، منح جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2021، للكاتب الجزائري أحمد طيباوي، وذلك عبر تطبيق "زووم" على صفحة دار نشر الجامعة بالقاهرة «فيسبوك» بسبب ظروف وباء كورونا.
"رواية "اختفاء السيد لا أحد" رواية سوداوية، أحداثها شديدة الوطأة وتتعرض الشخصية الرئيسية فيها للكثير من الأزمات الوجودية والحياتية: الفقر والفقد والبحث عن معنى وسط مجتمع لا يهتم بالمهمشين ولا يراهم، ولا يعطيهم أسماء. وبالرغم من ظلمة الرواية إلا إن لغتها الساخرة المحكمة الموجزة والشاعرية في الوقت نفسه، والبناء الفني المحبوك الذي استمد من الحبكة البوليسية تشويقه، يشد القارئ ليقرأها حتى النهاية، ليجد أن الشخصيات تكاد تكون كلها "السيد لا أحد"، فالجميع يحمل من اللاوجود ملمحًا ويحمل من التهميش صفته في عالم لا يرى البشر بشكل حقيقي ولا يميزهم."—هبة شريف، كاتبة وناقدة أدبية متخصصة في الدراسات الثقافية.
وفي كلمتها قالت شيرين أبو النجا، رئيس لجنة التحكيم وأستاذة الأدب الإنجليزي والمقارن بجامعة القاهرة وهي ناقدة أدبية نسوية: "لم يترك لنا القرن الحادي والعشرين أي خيار سوى الاحتفاء بالمهمشين، لنحتفي بأنفسنا. يخلع السيد لا أحد وجهه ويرحل، لتكون القضية هي اختفاء لا أحد. ثم يجيء لا أحد آخر ليحقق في الاختفاء. إنه الجحيم الذي يطل من نافذة المدينة حيث الأبوية الراسخة مقابل البحث عن أبوة ضائعة، الجنون مقابل العقل، الرغبة في التحرر مقابل الالتزام، ثروة مبنية على رأسمال رمزي منافق مقابل انعدام كفاف العيش، رجال معممون منافقون مقابل متشردون صادقون، محقق نزيه يتخذ من القضية مسارا للبحث عن ذاته مقابل مخبر هزيل يبرع في الاستغلال والابتزاز.
بالرغم من هذا التضاد الصريح الذي يسكن فضاء المدينة ويشكل هوامشها وأساليبها في التهميش تبقى جميع الشخصيات بشكل صادم لا أحد، تمر بدون أثر ولا يؤثر اختفائها في منظومة أبوية تستمد وجودها من علاقات قوى لا مكان لنا فيها".
وبدوره قال همفري ديڤيز، مترجم حائز على جوائز عدة في ترجمة الأدب العربي إلي اللغة الإنجليزية: "تموج رواية أحمد طيباوي بأصداء الماضي العنيف للجزائر، من النضال ضد الاستعمار إلى الحرب الأهلية وكل ما تبعها. يستخدم المؤلف منظور الرواية البوليسية وهو نوع أدبي مناسب تمامًا في ظاهره لإلقاء الضوء على الزوايا المعتمة ولكن كلما تعمق المحقق في عالم الفقر والتهميش والأجساد المتحللة ، كلما قل يقينه تجاه ما يعرفه. الأسلوب الكئيب والقوي للكتابة يظهر شخصيات حية زاهية . تلك الرواية تحكي حقائق غير سارة ".
وفي كلمته فال ثائر ديب، كاتب ومترجم سوري. "للشخصية المسماة لا أحد تاريخ طويل في الأدب العالمي، تاريخ من التعدد والتنوّع بمكان على الرغم من الاسم المشترك. وهذا ما يبيّن أحمد طيباوي أنّه قادر عليه بدوره، فيميّز ال ـ"لا أحد" الجزائري الخاص به ويضفي الفرادة عليه من غياب الاسم والهوية، إلى مزاولة أعمال كثيرة تكاد لا تنتهي، إلى الانطواء على أوجه ومشاعر عديدة متناقضة، إلى التماهي مع شخصيات الرواية كلها تقريباً، يرسم الطيباوي شخصيةً تجمع بين كونها سيّداً ولا أحد في الوقت ذاته، كما تجمع بين كونها لا أحد وبين أنّها تختفي في آن معاً، معبّراً من خلالها عن عالم من المنبوذين والمسحوقين والمحرومين والمهمشين عموماً، وعن أوجه الشعب الجزائري في ماضيه وحاضره، في انكساراته وخيباته، لا سيما بعد العشريّة السوداء. كلّ ذلك في إطار يوهم أنّه إطار أدب التحرّي المشوِّق والممتع، وفي سرد مقتدر لا يخفي ذكاء صاحبه وإبداعه."
وبدورها قالت سماح سليم، أستاذة مشاركة في قسم الآداب في اللغات الأفريقية والشرق الأوسطية بجامعة روتجرز في الولايات المتحدة: "الرواية الرابعة لأحمد طيباوي هي تأمل مشوق في الجدلية الساحقة للموروثات والاغتراب في الجزائر المعاصرة. في هذه الرواية المقنعة والمصاغة بشكل متقن يلعب طيباوي بشاعرية الأدب السوداوي ليقدم نقدا قاتما ومثيرا للدهشة للدولة العربية في مرحلة ما بعد الاستعمار وأساطيره ."