أجمعت الصحف اللبنانية، الصادرة صباح اليوم الإثنين، على أن التصريحات التي أدلى بها النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر (الفريق السياسي لرئيس الجمهورية ميشال عون) نسفت احتمالات تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، رغم واقع الانهيار المتسارع والمتفاقم الذي يشهده لبنان.
وذكرت صحف (النهار والجمهورية ونداء الوطن والأخبار واللواء والشرق) أن الكلمة التلفزيونية التي ألقاها باسيل أمس وانطوت على "تصريحات عدائية" تجاه الحريري ومسار تشكيل الحكومة الجديدة، تشير إلى أن التأليف الحكومي أصبح بعيد المنال.
واعتبرت الصحف أن باسيل أطلق رسالة مفادها أن الحريري لن يطأ السراي الحكومي إلا بشروط رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر، وإلا لن تكون هناك حكومة للبنان ولو انهارت البلاد تحت وطأة التفشي الوبائي لفيروس كورونا وسائر الأزمات والانهيارات.
وذكرت أن الهجوم العنيف الذي شنه جبران باسيل يأتي بمثابة إشعال حرب لإزاحة الحريري أو إخضاعه لشروطه التي تختصر شروط رئاسة الجمهورية، مشيرة إلى أن رئيس التيار الوطني الحر تحدث على نحو متعمد كأنه يختصر موقفي تياره ورئيس الجمهورية وبنبرة عدائية للغاية تجاه رئيس الوزراء المكلف، على نحو يفسر بأنه رد حاسم لقطع الطريق على مساعي الوساطة بين عون والحريري والتي يقودها بطريرك الموارنة الكاردينال بشاره بطرس الراعي.
ومضت الصحف في تحليل الكلمة التلفزيونية لرئيس التيار الوطني الحر، معتبرة أنه أوحى بسعيه إلى تشكيل "حكومة سياسية" بدلًا من حكومة الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين التي يصر علي تأليفها الحريري، مشيرة إلى أن باسيل بطرحه عقد مؤتمر تأسيسي تحت تسمية "تطوير النظام السياسي اللبناني" بديلا عن وثيقة الوفاق الوطني اللبناني (اتفاق الطائف) يتماهى مع دعوة حليفه "حزب الله" في هذا الشأن.
وأشارت إلى أن باسيل تحدث من خلفية واضحة مفادها أن أي واقع انهياري في البلاد لن يرغم الرئاسة والتيار على الموافقة على التشكيلة الحكومية التي أودعها الحريري لدى الرئيس ميشال عون، وأن رئيس الوزراء المكلف لن يشكل حكومة اختصاصيين مستقلين تتماشى مع المبادرة الفرنسية المطروحة لإنقاذ لبنان، وأن عليه إعادة النظر بصورة جذرية في تشكيلته بما يمنح فريق الرئاسة والتيار الثُلث الوزاري المعطل وتسمية وزرائه جميعا والتسليم بالحقائب الوزارية التي يطلبها.
وأكدت الصحف أن أزمة غياب الثقة سواء بين المواطن والسلطة اللبنانية من جهة، والمجتمع الدولي والسلطة اللبنانية من جهة أخرى، بلغت مرحلة تستدعي معالجتها عن طريق إجراء انتخابات نيابية مبكرة تستجيب لتطلعات اللبنانيين الذين انتفضوا في 17 أكتوبر 2019، أو عبر تشكيل حكومة تستجيب لشروط المجتمع الدولي في الإصلاح، لافتة إلى أن الحكومة التي يتم الحديث عنها في الوقت الراهن لا تعدو كونها حكومة محاصصة لن تكون قادرة على تحقيق الإصلاحات لجلب المساعدات التي توقف الانهيار المالي في لبنان.
من جانبها، كشفت صحيفة (الأخبار) وثيقة الصلة بحزب الله، أن الحزب سيبادر للعمل مجددا لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الحريري وباسيل في سبيل إحراز تقدم في الملف الحكومي، مشيرة في نفس الوقت إلى أن هذه المساعي لا يُعول عليها كثيرا باعتبار أن الفجوة أصبحت بالغ الاتساع بين رئيس الوزراء المكلف ورئيس التيار الوطني الحر.
وكان النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر قد شن أمس هجوما عنيفا على رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، متهمًا إياه بعدم القدرة على قيادة الإصلاح في لبنان وإهدار الوقت وعدم الجدية في تشكيل الحكومة الجديدة والرغبة في الاستثئار بالتأليف الحكومي وإقصاء خصومه السياسيين وتهميش رئيس الجمهورية في عملية تشكيل الحكومة.