ليس لنا سواك يا رب.. وليس لنا ما نعتمد عليه إلا أنت، عالمين أنك القادر أن ترفع هذه الضيقة الشديدة» ( من دعاء البابا تواضروس الثانى).
الحادبون على سلام الكنيسة يهمسون فى قعور بيوتهم، رفقًا بالبابا، البابا الوادع يتعاطى بهدوء، يلوم، يعتب، يحاور، وفى الأخير يكظم غضبه.
يقينًا، الكنيسة تبحر فى موج هادر، سفينة عتيقة درجت على قيادة «كاريزماتية/ البابا شنودة» عمرت طويلا، تغطى عطبًا وقِدَمًا طالت ماكيناتها العملاقة، البابا تواضروس كان فى ديره متعبدًا بعيدًا عن التكتلات والمحاور، جبل على احترام شيوخ الكنيسة جميعًا، ويجلهم، حتى إنه يستشعر حرجًا من أساقفة الكنيسة الكبار يمنعه حتى من جرح مشاعرهم، ولكن نفرًا منهم لا يأبهون ويستبطنون أَلَد الخِصَامِ.
ماكينة إلكترونية شريرة تشد البابا والكنيسة للخلف، وشيرت حملة عاتية على قداسته، دون تحرٍّ أو تبيُّن أو ترفق، حتى ملعقة «الماستير»، ملعقة التناول فى زمن الوباء، صارت قضية كنسية يثور من حولها الجدل والاعتراض.
البابا يمضى فى طريقه بهدوء، وببطء، ولكن إلى الأمام دومًا، وفى مواجهته تشكلت خلايا إلكترونية لنهش جسده، ونفرٌ من الشباب الناقدين اتخذوها بضاعة، للأسف نفر من هؤلاء مع افتراض حسن النوايا تحولوا إلى «مخلب قط» فى أيدى من يضمرون للبابا شرًّا، ويمدون خلايا الإخوان العقورة الناقمة على البابا بما يستطيبون من لحم الكنيسة.
كان لافتًا وبشدة بيان (جمع من المثقفين والمفكرين الأقباط)، وإطلاق حملة لدعم البابا تواضروس ورفض الإساءة له، سابقة محبة لافتة، وتشى بأن وراء الأكمة فى الكنيسة ما وراءها، وتؤشر بأن البابا يتعرض لحملة إساءة ممنهجة استوجبت نفرة مثقفى الكنيسة ومفكريها دعمًا للكنيسة قبل البابا، البابا تواضروس يستحق أكثر من هذا البيان الطيب لأنه أهل لكل طيب، جزاءً وفاقا على وطنيته ومحبته.
ياما دقت على الرّؤوس طبول، العاصفة الإلكترونية التى تهب على مذبح الكنيسة ستمر كسابقتها، الرياح السوداء تهز جرس المنارة، توقظ الغافلين عما يحاك فى الأقبية السوداء، ولكنها ليست آخر العواصف ولا هى آخر الجولات القاسية، ولن يسلم «الحرس القديم» مما يتشحون بقميص المسيح عليه السلام، لن يسلموا بالأمر، لايزال فى جعبتهم الكثير.. رأينا منه فصولا فى حادث «دير أبى مقار»، وسنرى فصولًا منه فى قادم الأيام، وعلى قداسته أن يتحسب لخطوه جيدًا، سيما وأن صحته ليست على ما يرام.
قبل وبعد فليكتب الله لكنيسة الوطن السلامة، ولكنّ الحملة على البابا لا تزال مستعرة، والهجمة جد ضارية، واللعب على وتر الشباب الغاضب على أشده.
البابا الطيب يواجه حملة كراهية ممنهجة، تؤشر عليها كتابات فيسبوكية عقورة لا ترعوى أدبًا، ولا تستحى لفظًا، متجاوزةً المقام البابوى على نحو محزن، مدفوعة بدعايات وشائعات ووشايات يثيرها ويغذيها نفرٌ ممسوسٌ نافذٌ فى قلب الكنيسة كخنجر مسموم.